لوحات من اللجوء...


اللوحة الأولى؛ اللقاء الذي كان مؤجلا


القلب يخفق بشدة و قد اقتربت الطائرة من مطار "تيندوف" ، ها أنذا أرى المدينة الشهباء الممتدة عبر "لحمادة"1 , لكن عـيني كانتا تبحثان عن أمر آخر، تتنقلان بسرعة عـلّهما تعثران على مدينة من الخيّم تسكن بإزاء تيندوف منذ عقود دون أن تتماهى معها، لأن قلوب ساكني تلك الخيم متعلقة بارض أخرى غير هذه، متعلقة بالأرض التي ودعـتها للتو.
حطّت الطائرة في المطار وتلقفتنا سيارات دفع رباعي انطلقت تطوي الأرض، إلا أن عيني كانتا تسبقان السيارة والقلب في عجلة و تحفز و رهبة، هي رهبة اللقاء الأول بعد أربعين سنة من الفراق.
ترى كيف هي أمّي الآن؟ وهل سأعرفها من أول نظرة و قد حال الإحتلال و جدران الفصل المخزي دون لقاءنا كل هذه المدة؟ هل أتمكن من معرفتها وهي التي تركتني مرغمة عند الجدة قبل أن تغامر على قدميها، رفقة آخرين، متجهة حيث الثوار لتشارك في التحرير، وقد كنت حينها لا أزال رضيعة.
الجدة كانت تحكي الكثير عن الأم.

في الليالي الباردة نتحلق حولها نحن الصبية لتحكي لنا حكاياها الغريبة عن "سريسر ذهبو" وعن "شرتات" و "القنفد الذكي والذئب الغبي" ..وغيرها، لكن أحب الحكايات إليها كانت عن الأم التي غادرتنا ذات يوم حزين ملتحفة بظلام الليل الدامس لتلتحق بالجبهة(2)، وغالبا ما تنهي حكايتها عن الأم بدمعة تأخذ مجراها على الخد المتعب الذي خط تجاعيده الزمن القاسي، زمن الإحتلال و عذاباته.
تمسح الجدة الدمعة بيد مرتعشة وهي تررد دائما نفس الجملة "أصعب ما يحز في نفسها أنها لم تستطع أن تأخذك معها، فقد فضلت فراقك، المرّ عليها، على أن تموتي في رحلة محفوفة بالمخاطر، لا تعرف هي كيف ستنتهي"..ثم سرعان ما تحاول الجدة تغيير دفة الحديث الذي خيمت عليه ألوان الكآبة والحزن لتقول لي وهي تضمني " هي الآن حية ترزق هنالك في مخيمات العزة و الكرامة، وأنا مسرورة بوجودك معي. كيف سيكون حالي لو لم تكوني معي يا قرة عيني"، تقول ذلك وهي تضمني إلى صدرها بكل ما أوتيت من قوة ثم تدفن رأسي حتى لا أرى سيل الدمع الذي ينساب مع تجاعيد الوجه الحزين..لكنها لا ترى دموعا تنهمر من عيني مع كل إطباقة لجفوني وأنا متأثرة لحالها و لحالي ولحال أم ودعت رضيعتها مرغـمة.
و اليوم حان موعد لقائي بأم لم أرها منذ عقدين من الزمن، أحمل لها كثيرا من الشوق و وتقاسيم وجهي تحمل رسالة حزينة ستقرأ حروفها دون أن أنطق بكلمة؛ فقد رحلت الجدة عن عالمنا دون أن تتمكن من رؤية ابنتها.
فجأة تدوي زغاريد تعانق السماء، تخرجني من عالم الذكريات، فأتطلع إلى ما حولي , ربّاه..ها أنذا محاطة بخيّم الصمود التي تقض مضجع الإحتلال وزبانيته!.
تقف السيارة عند خيمة تنتصب أمامها بيوت صغيرة بنيّت على عـجل من الطوب ، يخرج كلّ من في الخيمة مندفعا نحونا ، يتحلق حولنا أطفال يتقافزون فرحا ، الرجال تسبقهم ابتساماتهم وفرحة تعاند الوقار ، أما النساء فأخذنا يندفعن نحونا وألسنتهن تصدر زغاريدا تشق عنان السماء، ومن بينهن تتقدم امرأة في عقدها السادس تحتضنني بقوة و هي تصيح بأعلى صوتها كمّن أصابه مسّ : "منتي، منتي ..يا سعدي ألّا منتي..".. كنت حينها في ذهول من أمري , لطالما حضّرت نفسي للموقف ، والآن هاأنذا أقف مشلولة وقد عقدت الدهشة لساني ولم أحر جوابا , إلّا أنني مددت ذراعيّ و ضممت الأم وأنا أدفن رأسي في حضنها ، كما كنت أفعل قبلا حين أحضن جدتي، وألفيت عيني تذرفان الدموع السخان في صمت , دموع السعادة باللقاء الذي طالما انتظرته.
ـ تتبع بلوحة أخرى ـ
تكتبها : مجهولة المصير...


1الحمادة: ارض صحراء , قاحلة على العموم , ذات مناخ قاس , حار صيفا و بارد شتاء, تنعدم فيه التساقطات المطرية الا في مواسم نادرة , و بالتالي يختفي الغطاء النباتي .
2الجبهة: الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب , المعروفة اختصارا بالبوليساريو.

السبت، 29 نوفمبر 2014

تعلم من البيئة...

بقلم : حمدي حمادي
منتدى حقوق الانسان في مغرب المخزن لا تنخدع بالمظهر ...
شجرة الطلح الخضراء تخفي ملايين الاشواك...!!!
ألين الكائنات و اكثرها لمعانا و التصاقا بالارض و رشاقة هي الافاعي التي تقتل الناس بالسم...!!!
الذين استدعاهم المخزن و البسهم "الدراريع" و "الملاحف" رشوة
.... لا تنخدع بالمظهر...
تبدل الافاعي جلدها بسهولة... كلما شبعت و انتفخت البطون...
النخيل المغروس خارج بيئته ...لا فائدة ترجى منه لانه لا يثمر ...
و ان اثمر بلحا هزيلا و شاحبا ضرره اكثر من نفعه...
قد يستعين التمساح بالطيور... كي تنقي له اسنانه ...
انها لا تأكل الى الفضلات النتنة الحقيرة...اخ

بعض الناس اتخدها مهنة ...؟؟؟!!!

إلى من تسألني عن حبيبي

بقلم الشاعرة : سمراء متيجة


تسألين عن حبيبي من هو
حبيبي يا صاحبتي هو الذي
بين ذراعيه تمتد حدود وطني
وإذا زدت شبرا خارجها
ينقطع عني الهوا

هو الذي على شفتيه ينام عمري ويستفيق
كلّما على كلّه كلّي استوى

حبيبي يا صاحبتي قارة
أوسع من الجغرافيا و العالم وما حَوَى
هو أكبر من لغتي
هوأجمل من لغتي
هو الذي لو ترينه تقولين:
آمنت بالله فالق الحَبِّ والنوى

مقال يستحق القراءة : المقاومة الوطنية....الإعلام نموذجا

المقاومة الوطنية..”الإعلام نموذجا”
بقلم : عالي ابراهيم محمد الربيو

     


تبادر إلى ذهني أن أكتب هذه الأسطر في الوضع الحالي الذي نعيشه ألا وهو مرحلة اللاسلم واللاحرب, وضع ننسج فيه أرقى أساليب المقاومة الوطنية السلمية مما لاشك فيه إنما يحز في نفسي هو عدم إستجابة وتفاعل الإعلام الدولي وبالخصوص الإعلام العربي مع مقاومتنا السلمية علما أن الإعلام الذي ساهم بشكل كبير بتأجيج الحراك العربي الأخير. ولعل تناولي لموضوع الإعلام كنموذج للمقاومة لم يكن اعتباطيا في هذه الظروف المحيطة بقضيتنا الوطنية والتي يبدوا أن الإعلام الدولي مازال يتمادى في خيانته لها, لذا توجب علينا صناعة إعلام وطني مقاوم يصنع ويتفاعل مع الأحداث داخل الميدان, ويعمل على تنوير الرأي العام وتوحيد الصفوف وتصحيح المسار من أجل إعادة القطار إلى السكة.

لذا يعد الإعلام المقاوم إحدى الأولويات الأسياسية بالنسبة لكل الحركات التحررية في كل بقاع العالم كافة, وعندما يتم تداول مصطلح صناعة الإعلام المقاوم, فإن أول ما يتبادر إلى الذهن أن الأمر يتعلق بنوع من التجهيز والإعداد كما تتم عمليات صناعة الذخيرة والعتاد أو تأهيل الأفراد. ولأهمية دارسة هذا الجانب خصوصا أن المواجهة مع قوى الإحتلال تزداد يوما بعد يوم في مناطق عديدة من العالم, فقد كان لابد من تسليط الضوء على موضوع الإعلام المقاوم بشقيه: النظري والتطبيقي ومدى نجاعة هذا النوع من الإعداد. وسبل تطويره ليتوافق مع مقتضيات كل مرحلة وحسب خصوصية ظروف المكان والزمان لكل مواجهة دفاعا عن قضية وحق وكرامة هذا الشعب.
تعريف الإعلام المقاوم:
يأتي تعريف الإعلام المقاوم الذي لا وجود لإختلاف جوهري في تعريفه وإن تباينت بعض التفاسير إلا أنها تصب في نهاية المطاف في بوتقة التعريف الشمولي للمعنى ويبقى هذا الإعلام هو الذي يحمل مشروع المقاومة وهويتها ويتبناها نهجا أسياسيا وقضية دائمة وليست موسمية أو أنية أي في وقت الأحداث فقط كما يتحمل النتائج المترتبة عن ذلك, ويدافع عن قضية الشعب والتمسك بالثوابت الوطنية دون دعم لأية مقترحات أو قرارات يتم خلالها التنازل عن هذه الحقوق وكذا تزويد الجماهير بحقائق المقاومة ومقاصدها وأثارها ونقل الأخبار والوقائع والمعلومات المتعلقة بها بصورة صحيحة منضبطة  موثقة داخل المجتمع وخارجه قصد الإقناع والتأثير من خلال الوسائل الإعلامية المتوفرة وكذلك الرد على كل الشبهات والافتراءات والشائعات التي تثار حول المقاومة الوطنية للطعن فيها وفي أهلها, وتحفيز المواطن لأدائها و دعمها بكل الإمكانيات المتاحة والتعبير عن المقاومة السلمية لهذا الشعب ضد المحتل من خلال إستراتجية إعلامية تعتمد على دعوة الرأي العام إلى لمساندتها ودعمها والتركيز على دورها, أهميتها, تضحياتها, إنجازاتها…
وتبقى أهمية وجود إعلام مقاوم شيء مفروض بحكم أنه يعد في الوقت الراهن أداة أساسية لتصدي ومواجهة الإحتلال. وتنبع أهميته من كونه وسيلة تعريف بمشروع المقاومة وأهدافها والدفاع عنها وكذا التعريف ببرامجها  كما هو مهم من ناحية كشف نقاط ضعف العدو وإبراز إنجازات المقاومة وتأثيراتها على الأعداء, ويبقى هذا الأعلام هو أحد أهم أدوات المعركة لذا يقول عليه الصلاة والسلام “جاهدوا المشركين بأموالكم و أنفسكم والسنتكم” – أخرجه أبو داود واحمد النسائي.
ومما سبق ذكره فإن الضرورة تقتضي تشكيل وعي جديد يدرك أهمية الإعلام المقاوم والنظر إليه بوصفه سلاحا أكثر فتكا وأنه أحد الأسلحة التي يستخدمها الأعداء وأعوانهم ضمن مخططاتهم وأسلحتهم التي يخوضون بها حروبهم ضدنا, بالاعتماد أيضا على الحملات الإعلامية التي تسبق دائما الحملات السياسية والعسكرية بل هي التي تشارك في صنعها كما في بعض الأحيان يكون الإعلام هو السلاح الوحيد المستخدم في المعركة, ووجوده أصبح من المهم نظرا لحالة الإنبطاح السياسي و الإعلامي الذي يشهده العالم العربي لأنه هو الكفيل بإنتشال المواطنين من حالة الإستسلام والخنوع لحشد الهمم والطاقات لتحقيق الإنتصارات وتعزيز الثقة في النفس وكذا مقاومة الغزو على جميع المستويات بما فيها الفكري, الثقافي, الإجتماعي (الإعتقالات, الإغتيالات, التفقير, التهجير, طمس الهوية الوطنية…).
 لعل أميز مواصفات الإعلام المقاوم هو الإنطلاق من خلال الأيمان الواضح والراسخ  بالنصر وبمبادئ الدولة والحفاظ على الثوابت الوطنية وعدم مجاراة كل فكر يحاول أن يستأصل شأفة الشعب, فالإعلام المقاوم هو إعلام ينبع من واقع الوطن ومن واقع الحفاظ على الهوية الوطنية. كما تكمن أهدافه المحورية في التعريف بحقيقة الرسالة وطبيعة الصراع وتقديم صورة حقيقية صادقة للوقائع والأحداث المتعلقة بعمل المقاومة ومحيطها كما أن له هدفا دفاعيا يسعى إلى رفع معنويات المناضلين وتعبئة مؤيديهم من خلال عرض إنجازاتها أي المقاومة وتصعيد الحرب النفسية ضد العدو والثأر من معنويات قواته من خلال بث روح الإحباط والتشكيك في قدرته على مواجهة المقاومة لإلحاق الهزيمة النفسية به قبل الهزيمة المادية و الدبلوماسية, كما أن هناك العديد من المعارك حقق فيها الإعلام نصرا قبل البندقية وكذلك هناك شعوب ودول استسلمت قبل المواجهة أو تم التأثير عليها, كل هذا يعود إلى قدرة الإعلام المقاوم في إحداث الهزيمة النفسية بالعدو, “والمهزوم نفسيا لايمكن له أن يقاوم”
تأثير الإعلام المقاوم على الرأي العام :
يسعى الإعلام بشكل حثيث من أجل ترسيخ مكانته الإعلامية بغية الوصول إلى تأثير منشود في اتجاهات الرأي العام العالمي, الشيء الذي يفرض عليه ممارسة فلسفة بث الصورة والذي يجمع كل أصحاب الإعلام والرأي على أن المزاج العام يتأثر بمشهد الحدث وصورته أكثر من تأثره بسماع تفاصيل الخبر, كما تبقى دائما الصورة مهمة جدا في التعبير والتأثير بالإضافة إلى أنها شاهد على الحدث وأداة للمصداقية ودليل يمكن البناء عليه في مسائل نقل الحقيقة أو التعبير عن موقف ما.
ولعل كل صورة يتم التقاطها من ميدان الحدث سواء كان بأيدي مصورين مهنيين محترفين  أو بأيدي متطوعين هي سند إثبات لحقيقة مهمة وورقة رابحة في مسيرة التقدم والإنتصار على أكاذيب العدو وإعلامه. ولا ننسى كم تجلت كذبة حقوق الإنسان وإدعاء الإنسانية عندما تبث صور لتدخلات ومداهمات سلطات الإحتلال بكل أشكالها ضد منازل المواطنين العزل والمناضلين المنتفضين سلميا للمطالبة بالإستقلال والحرية, وأخرى تسربت من داخل سجون الإحتلال الموحشة والمظلمة والتي بثت أيضا أبشع ظروف القهر والإهانة الحاطة من الكرامة الإنسانية التي يعيشها سجنائنا السياسيين هناك.
وبعد كل هذا تبقى صناعة الإعلام المقاوم تحديا حقيقيا في مشروع الدولة لبناء الكيان الحضاري بعيدا عن هيمنة القوى الإستعمارية, لهذا يجب تكوين مراكز أو مؤسسات إعلامية تدار من قبل مختصين إعلاميين وطنيين يواجهون الحرب الدعائية النفسية والتضليل الذي ما فتئ يمارسه في حقنا المحتل وأعوانه بحرب إعلامية مدروسة ومخطط لها على أسس علمية تعتمد على تشتيت وتفرقة الجماهير.
 وختاما هدفنا من هذه الرسالة إختيار الوسلية الأنسب من بين الوسائل المتاحة, لأن هذا ما يعبر عن رغبة الشريحة الكبرى من أبناء شعبنا الأبي الطامح في إعلام حر نزيه عنوانه “مقاومة الإحتلال” و يأخذ بناصيته خبراء وإعلاميين أكفاء, تمتلكهم الجرأة وتعشق نفوسهم التضحية من أجل وطن مستقل, لتتوفر عندئذ فرص الإعلام الحقيقي القادر على الوقوف في وجه المحتل و إستئصال جذوره من أرض طاهرة سقيت بدماء جرحانا الأوفياء وشهدائنا الأبرار.
وبهذه الأسطر ينتهي بي الكلام راجيا من الله تعالى أن ينفع بهذه الأسطر كل من ساعد في نشرها وتعميمها على كل من يهمهم أمر هذا الوطن الجريح.
منشور في موقع "الصجراء اليوم"
http://saharanewstoday.com/?p=2485

الحادث! (قصة قصيرة)

كاتب و باحث: د.غالي الزبير
          ما أن لاحت سيارة "نيسان" البيضاء حتى تدافع الركاب المنتظرون نحوها في فوضى صاخبة، فهي على صغرها، سيارة الأجرة الوحيدة التي ظهرت اليوم، والطريق بين ولاية آوسرد وولاية العيون طريق ترابي، مغبر، ملئ بالمطبات والحفر يحبذ السائقون الإمساك عن انتهاجه إلا للمضطر.

        كان مشهد ذلك التزاحم والتدافع ملئ بالمفاجآت، فأحدهم ديس نعله فانقطع شراكه ليتوقف عن السباق، وأخر وقعت نظارته فإنكفأ يبحث عنها، وامرأة مترهلة حاولت أن تقوم فدفعها شاب متهور عن غير قصد فوقعت سابة لاعنة، وفي نهاية التدافع اسفر الموقف عن تخلف الكثيرين عن اللحاق بالسيارة فرجعوا إلى حيث كانوا ينتظرون وهم يلعنون السيارة وصاحبها والمتسابقين إليها، في حين جلس كل من المحظوظين حيث استطاع، فجلس شاب متأنق، يبدو بقميصه الأصفر ونظارته الشمسية المستديرة التي غطت معظم وجهه نشازاً في هذا المشهد الرمادي الذي اكتمل بجلوس شيخ ستيني يبدو من سحنته التي شوتها شمس الصحراء الحارقة ومن عباءته الدسمة ولثامه الذي فقد لونه الأصلي أنه قادم من سفر بعيد، لعله بدأه من أعماق البادية وانتهى به إلى الالتصاق بالشاب الأنيق القادم من وراء البحر كما يبدو.

           كانت رائحة الرجل البدوي العطنة والغبار الذي يشكل جزء اصيلاً من ثيابه يضايقان الشاب المبالغ في التأنق ويدفعانه الى الالتصاق بالباب الجانبي للسيارة.

           وخلف المقود جلس السائق الشاب الذي كان يدخن بثقة وهو يكتم ابتسامة ظفر ماكرة بعد أن عد بنظرة خبير ركابه، ليعرف كم ألف قد جنى في رحلته التي لم تبدأ بعد.

           وفي الخلف حيث المقاعد المتقابلة جلست فتاة سافرة وقد برزت مقدمة شعرها المصبوغ بلون برتقالي فاقع اللون شكل مع بشرتها السمراء المطلية بمكياج رخيص لوحة متناقضات، أضافت إليها فرقعتها للعلكة بين أسنانها مزيداً من النفور الذي ارتسم على محيا الشاب الملتحي الجالس قبالتها وهو يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويدندن بصوت مسموع بآيات وأدعية كان يكررها بصوت يشبه الأحتجاج، لا تقابله جليسته المقابلة له سوى بمزيد من الفرقعة المتعمدة وهي تبتسم بخبث وتشفي غريبان.

          وفي آخر المقعد جلس رجلان كبيران كانا أكثر المتدافعين حدة، إذ كادا أن يكونا مع الخاسرين لفرصة السفر الوحيدة، إذ ظل كل منهما يحاول الصعود قبل صاحبه فانحشرا في الباب معاً دون أن يقبل أي منهما أن يترك صاحبه ليسبق.

           وما أن أوصدت الأبواب حتى انطلقت السيارة تنهب الأرض نهباً، و قد غرق الركاب كل في عوالمه الداخلية وهو يشعر بالضيق والتأفف ممن يجاوره، ولم يكن هناك من صوت يسمع عدا فحيح محرك السيارة أو صوت ارتطام عجلاتها بأحجار وحفر الطريق.

          وفي لحظة مباغتة لم يشعر الركاب إلا وسيارتهم ترتفع بهم في الهواء ثم ترتطم بالأرض في عنف شديد واهتزاز مفزع، رفع الركاب عن مقاعدهم وقذف بهم فوق بعضهم البعض، وبمهارة مجرب تمكن السائق من اعادة التوازن المفقود إلى السيارة وعاد بها إلى الطريق الترابي بعد أن قذف بها المطب الذي وقعت فيه بعيداً.

          وما أن عادت السيارة إلى توازنها حتى اكتشف الركاب أوضاعهم الجديدة، كان الشاب المتأنق يضع ذراعه خلف جاره البدوي والشاب الملتحي يحتضن أو يكاد جارته المتبرجة التي سقط لحافها عن رأسها، وكان الرجلان الجالسان في المؤخرة يمسك كل منهما بصاحبه حتى لايقع.

          وماهي إلا لحظات حتى بدأ الجميع يحمد الله ويهنئ بعضهم بعضاً على السلامة، متحدين ضد السائق الذي أوقعهم في المطب، غير أن السائق لم يرد لأنه تعود على مثل هذه المواقف في مهنته المتعبة.

         تغيرت أجواء الرحلة وبدأت الأحاديث الودية والتمنيات القلبية وحتى التعارف والحوار ليكتشف الركاب أنهم يعرفون بعضهم بعضاً ولو من خلال اسماء العائلات وأماكن السكن وبدأت تنسج بينهم علاقات انسانية وليدة.

         وفي غمرة الأحاديث القلبية لم ينتبه أحد منهم إلى انهم قد دخلوا ولاية العيون منذ مدة حتى سأل احدهم السائق:

هل سهوت مرة أخرى؟

أجاب السائق:
          لا، كنت أسائل نفسي وأنا أتابع أحاديثكم، هل سنكون في كل مرة بحاجة إلى هزات كي نكتشف كم يحب بعضنا بعضاً وكم نحن قريبون من بعضنا كل هذا القرب.
نشرت 21/02/2012

كلّنا شهداء...

بقلم : حمدي حمادي

نحن اسرى و ان لم نوضع خلف القضبان!

نحن محكوم علينا دوما بالاعــــدام!
و ان نطق القاضي بغيره في البيان !
نحن...من نحن؟؟؟ في محكمة السّلطان؟؟
احببنا ام كرهنا...فكلنا متّهم ومـــدان !
و كلنا اخوه المعتقل فلان...او خاله الشّهيد علان ...
فنحن الشّهداء دوما سقطنا ام لم نسقط في الميدان!!!
كيف يمكن ان يطوينا النّسيان؟؟؟
كيف نتهم اننا نموت و قد اعطيّ الشهداء الخلود في القرآن ؟؟؟
ما احمقهم يدفنون البذور فتصير حدائق و غابات و جنان!!!
ثم يقتلون الشّجر فيغدو حطباً للنّـيران!!!
و انتَ...و انتم... فكّــروا... معــي...
هل سينجو الظالم من محكمة الرّحمان ؟؟؟
و هل دعوة المظلوم ردّت في اي حين من الاحيان ؟؟؟
فذلك الذي نعتمد عليه ذلك الايمان؟؟؟
بعدل و قصاص ربّنا الرّحمان...

تخلى عنّا

بقلم : النضال السالك

تخلى عنّا... 
من كنا نظنهم يحبّونا 
يفرحوا إن رقصنا وتسلينا 
وإن رأونا نبكي مسحوا 
الدمع من على مقلتينا 
تخلى عنّا...
من كنّا نظنّهم أقرب المقرّبين إلينا 
من إهتمّوا بكل كبيرة وصغيرة لدينا 
تخلى عنّا... 
من منحناهم ثقتنا ليكفؤونا 
بالنّكران والتّعالي عينا 
أف كم كنا جدّ ... جدّ ساذجينا 
تخلى عنّا... 
من حسبناهم كالعطر الثّمين 
قطرة منه تملأ الأرجاء ياسمينا 
تخلى عنّا... 
من لم يأبه بترك جراح ٍ
لا تعرف التدميلا !! 
أهذا جزاء من غمركم 
عطفا وحنينا؟؟
تخلى عنّا... 
من كنا نعتبره بالأمس 
أعزّ مخلوقات الارض علينا 
اهٍ كم رأيت في حياتي من 
أناس تجيد التمثيلا

الحبل المفتول ...

بقلم الاستاذ الشاعر : محمد عطوي

بحبل الله معتصم    وحبل الله مفتول

فإني مؤمن دينا    على الإسلام مجبول

إذا ما فاتني ظفر   ففضل الله مأمول

إليه الأمر مرجعه    و ما لله مفضول

إذا ما شاء من أمر   
فبالحرفين معمول
على ربي توكلت   
و ما لله معسول
أنا بالله موصول    
بغير الله مفصول
فإن الله جبار   
وسيف الله مسلول
فلا يأتيك خسران   
إذا ما أنت مشغول
بتقوى الله معتصم   
بحب الله موصول
أنا-فعلا-به أقوى   
ودون الله مرذول
أصلي الصبح و الليل   
و جنح الليل مسدول
وأتلو الذكر في وعي   
و بالقرآن متبول
أقول الحق لا أخشى   
فشيء الله معمول
صبور في بلاياي   
فأمر الله مقبول
فموصول بأرحام   
على الآباء مسؤول
على غيري فلا كذب    
و عهد الغير مكفول
نفاق الناس عن قلبي   
بفضل الله مفصول
كريم الطبع محمود   
على الهامات محمول

الخميس، 27 نوفمبر 2014

اللغة الثائرة...

بقلم : فاطمة احمد

يسألون أين أنت يا امرأة؟؟

أنا هنا بين حدائق اللغة الثائرة...


أنا هناك بين صفحاتٍ لأقلام متمردة...


أتنفس عبير الكلمات الراقية , والتعابير العميقة... 


و أحيانا كثيرة أنا هناك على ضفاف وديان الوجع و الألم المندفعة المتدفقة في وطني...


أنا هنالك عاليا عند مآذن ذهبية تنشُد آهات المعتقلين في عتمات الليل الطويل...


فهل معي مِن منصت و مُستجيب ؟؟


أنا هنالك عند تخوم النواحي العسكرية...


حاملة تواقيع الغضب الشعبيّ لسيادة اليندقية...


لاطلق زغرودة النصر الشجية...


التسامح وسادة ناعمة

بقلم:  النضال السالك


"من لا يستطيع التسامح يهدم الجسر الذي يجب أن يعبره هو نفسه ".
            تلك مقولة لجورج هربرت , نقشت في ذاكرتي 
منذ الصغر , وقد كان لها الأثر الإجابي في حياتي .

           فسيأتي على كل منا يوم يتنكر لك فيه من منحتهم ثقتك ليكافؤوك بالجحود وأصعبها وقعا وإلاما لنا عندما تكون من من تربطك و إياهم صلة رحم , محاولين جاهدين مسامحتهم لكنهم يعيدون الكرة مراتا عدة , حتى نجد أن صبرنا قد نفذ , حينها نسائل أنفسنا - هل المعاملة بالمثل هي السبيل الأفضل ؟! وإن كان كذلك , ألن نزيد الطين بلة , بدلا أن نكون كريمين بتسامحنا .
فالحياة قصيرة وليس من اللائق أن نقضيها في تسجيل الأخطاء التي ترتكب في حقنا .
لم لا نتعلم بكل حكمة أن نكتب آلامنا فوق الرمال , حيث يمكن لرياح التسامح محوها , 
ومن منا لا يريد مغفرة من ربه ؟ حيث قال في كتابه عز وجل من سورة النور / الاية 22 <...و ليعفوا
و ليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم > .
فهل عرف كل منا و إستمتع بوسادة ناعمة كوسادة التسامح ؟!.

الأربعاء، 26 نوفمبر 2014

لحظة ابية...



بقلم : فاطمة احمد
كم منكن بنات جنسي يحلمن بهذه اللحظة الابية...
لحظة امتشاق و حمل البندقية...
ويحي!!!
اين تضميد جراح بني وطني
من عار وظيفة مغربية...؟؟؟
 اين قيادة سيارة فخمة رشوة...
و قيادة مسيرة عزة ...شعبية...؟؟؟
افتخري يا نساء... باحمر الشفاه و الحقائب الجلدية...
انا اخترت فخرا الدواء الاحمر لجريح الحرية...!!!
لو اعتصرت مجتمعة كل اصناف العطور العالمية...
ساءلتك...اين هي من فوح عطر الشهادة الزكية...؟؟؟
 فالانوثة يا اختي لا تكمن في ثمن الملابس العصرية...
الانوثة قيمة كامنة ... طهر ...خلق ...شرف... انسانية...
فتحية لمن بين نواصيها رسمت القضية والف الف تحية...
حلمي و حلمك ان نعيش بحرية ...او تلك اللحظة الابية...

خواطر جندي على الجبهة ( شعر )

الشيخ ولد لعمش
أبــــيت على الثغر القصي مجــنــدا *** بلا قمر ليـــــلي ولا نور في الـمـدى
إذا ما عوى ذئـب بعيدا حسبــتـــه *** أحــس بآهــاتـي فـنــاح تـــــــــوددا
إذا حـــيرت أهلي المحبين غربــتي *** يقولون في خــوف يعود لــنا غــــدا
(وما جــزعي من أن أموت) وإنني *** لأطــهرهم قلبا وأنظفهم يـــدا
أطارد أشباح الظلام بـمفـردي *** أجــيء إلى الدنيا وأذهب مفـردا
وها قلمي لا يسكب الحبر عاتبا *** وها منعوا الضوء احترازا من العدى
تذكرني ريح القفار بريحـــنا *** وأضـــرب فــيها للقوافل موعدا
وأسأل هل مرت خطاك أبي هنا ؟ *** وهل بت فــيـها سـاهرا مترصدا؟
وإن جدودي يعرف الفتك دارهم *** وما توا جــميعا غـيلة أو تــمردا
سأذكر أمي واللـــيالي خؤونة *** غــداة افـتـرقـنا واختنقنا تنهدا
دسست لها في الكف ما كان في يدي *** وودعتـــــها قلبا يمزق بالمُدى
ترى هل لديها بعض أخبارنا هنا؟ *** وهل علمت أني نجوت من الـردى؟
سأحرس هذي الليلة الجند صارما *** وقــوف نخـيل زانه الطول والندى
رفاقي أباة الضيم نزْر كـلامهـم *** سيكفي كلام الساسة المنتهي سـدى
وإني بهذا الليل تشتد غـضبتي *** عـلى كل لص أو لئيم تـبـلـــدا
برغم الـثـقافات الخواء مطية *** أرى قـدري جـبرا قتال من اعتدى
فديت بنفسي أهل دار عشقتها *** عـلـى سـرر بـا تـوا وبـت مسهدا !
بخير صباحُ المتخمين سـياسة *** ولا يــفهمون الجود بالروح سرمـدا
تصديت وحدي للخوارج موقـنا *** بـأنـي الـفـتى المنسي مهما تـكـبدا
وما عابني فقري وما ضرني الضنى *** إذا كـنـت بالـنفـس الأبـيـة سـيدا
فـيا وطـني خذني بحضنك دافئا *** ولا تـنـس أطـفـالي فـإنـي لك الفدا
إذا عـشـت فالعمر الجميل هدية *** إلـيـك ومـوتـي فـيـك عـمر تجددا

الأحد، 23 نوفمبر 2014

[...كان زهوقا]

الشاعر و الاستاذ :محمد عطوي

ا كتب أو لا تكتب
اخطب أو لا تخطب
اصرخ أو لا تصرخ
طر دون جناح و اجر أو لا تجر
ارم نفسك من جسر
فالطاغوت:لا يسمع،لا يبصر،لا يدري
إن الطاغوت أضل من الحيوان
الأولى أن (تتأبط شرا)
وترش النار على الطغيان
من حقك أن تحيا حرا
قد جئت إلى الدنيا حرا
من حقك أن تحيا في جوهر إنسان
لا تستسلم أبدا
ثق أنك ذو حق،ثق أن الله معكا
إن تنصره لا بد أن ينصركا
فامش مغوارا نشوان
فوق الأرض،تحت الأرض
في الأنفاق،مع القسام،مع الإخوان
احفر نفقا حتى القدس
و اخرج فينيقا للصهيون
إن الصهيون جبان
من أجل العرض تهون النفس
و تهون جميع الأشياء من أجل الأوطان
أخي العربي،لأنت أبي،لأنت علي،في كل الأزمان
المغصوب بالقوة لا يرجع إلا بالقوه
أنت الأقوى بالإيمان
أبدا لا تحن رأسا رغم الأثمان
في قلبك نور الله من الفرقان
و يمينك يحمل نار البركان
(إن الباطل كان زهقوقا):
كم نتلوها في القرآن
فسد الكون بالصهيون،
فسد الكون بالأمريكان
فابن الكون بالهدم،وارفع في الكون الأركان
إن مت فأنت شهيد
أو عشت فأنت سعيد
أ فلا يرضيك هذان؟!

السبت، 22 نوفمبر 2014

اعذار واهية...!

الشاعر : احمد مطر

- أيُّها الكاتِبُ ذو الكفّ النظيفَـةْ
لا تُسـوِّدْها بتبييضِ مجـلاّتِ الخَليفـةْ .
- أيـنَ أمضي
وهـوَ في حوزَتِـهِ كُلُّ صحيفَـةْ ؟
- إ مضِ للحائِطِ
واكتُبْ بالطّباشيرِ وبالفَحـمِ ..
- وهلْ تُشبِعُني هـذي الوظيفَـةْ ؟!
أنا مُضطَـرٌّ لأنْ آكُلَ خُبـزَاً ..
- واصِـلِ الصّـومَ .. ولا تُفطِـرْ بجيفَـهْ .
- أنا إنسانٌ وأحتـاجُ إلى كسبِ رغيفـي ..
- ليسَ بالإنسانِ
مَن يكسِبُ بالقتلِ رغيفَـهْ .
قاتِلٌ من يتقـوّى بِرغيفٍ
قُصَّ من جِلْـدِ الجماهيرِ الضّعيفـةْ !
كُلُّ حَـرفٍ في مجـلاّت الخَليفَـةْ
ليسَ إلاّ خِنجـراً يفتـحُ جُرحـاً
يدفعُ الشّعبُ نزيفَـهْ !
- لا تُقيّـدني بأسـلاكِ الشّعاراتِ السخيفَـةْ.
أنا لم أمـدَحْ ولَـمْ أ ر د ح .
- ولـمْ تنقُـدْ ولم تقْـدَحْ
ولمْ تكشِفْ ولم تشـرَحْ .
حصـاةٌ عَلِقـتْ في فتحـةِ المَجْـرى
وقَـدْ كانتْ قذيفَـةْ !
- أكلُ عيشٍ ..
لمْ يمُتْ حُـرٌّ مِنَ الجـوعِ
ولـمْ تأخـذْهُ إلاّ
مِـنْ حيـاةِ العبـدِ خيفَـةْ .
لا .. ولا مِن موضِـعِ الأقـذارِ
يسترزِقُ ذو الكفِّ النّظيفَـةْ .
أكلُ عيـشٍ ..
كسـبُ قـوتٍ ..
إنّـهُ العـذْرُ الذي تعلِكُـةُ المومِسُ
لو قيلَ لهـا : كوني شريفَـهْ !

الأربعاء، 19 نوفمبر 2014

ساكتب اليك

بقلم: النضال السالك


ساكتب اليك

في الدجى الحالك

ومع كل اصيل صبح
وحتى في العاصفة الهوجاء
ساكتب اليك
حتى ولو وضعوا السيف بعنقي
وغاصت جميع خناجرهم
في اعماق اعماقي
ساكتب اليك
واعلق خارطتك فوق سريري
فهي لوحدها لوحدها
من العالم تكفيني
ساكتب اليك
فلا تسالوني
فالمجنون لايسال عن سبب الجنون
ساكتب اليك
وانحت اسمك على
شجرة الزيزفون
مثلما في قصة العاشقين
ساكتب اليك
لأ أكد للمليون مرة
ان الصحراء
لايمكن ابدا ...ابدا
ان تكون الا للصحراويين
الا للصحراويين
ساكتب اليك

To Our Countries لبلادي

لم في سوريا سوي "الأ لَ م" و "الأ مَ ل"

الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014

زغرودة الرجال!

الشاعر و الاستاذ الاديب محمد عطوى

يا للفرح !
بمؤنس و قد نجح
و في السماء قد بدا قوس قزح
و أمه قد زغردت: حمدا اله
و أخته ندى
و زغردت بجنبنا النساء
حتى أنا أرسلتها زغرودة
و انها العصماء
زغرودتي:
من الفؤاد خرجت أحلى من الجنى
لكنها خرساء
ما أعجب الزغرودة من الرجال
ما أعذب زغرودة  تطلقها النساء
ما أعجب الانسان
زغرودة في القلب
زغرودة من اللسان
شكرا لك سيدتي المعلمه
شكرا لكم يا سيدي المعلم
شكرا لكم يا سادتي الكرام
و عطلة سعيدة يا أيها العظام  
      مناسبة نجاح الابن مؤنس     

مقال سياسي "مقال يستحق القراءة"

قراءة في البيان التنويري الصادر عن سفارة المغرب
د.غالي الزبير كاتب و باحث من الصحراء الغربية


طالعت كما هو حال الكثير من المتتبعين ما سمته السفارة المغربية في عمان بالرد على سلسلة مقالات نشرتها السوسنة للصحافي الأردني خالد هيلات التي نشر فيه حقائق وصور من مشاهداته وانطباعاته عن النزاع الطويل في الصحراء الغربية وقد وصفها بيان السفارة بالمغالطات والتبني لأطروحة البوليساريو وقدمت كرد منها ما أسمته ببيان لتنوير الرأي العام، وقد جاء البيان التنويري متخماً بالمغالطات والصيغ الفضفاضة والتي سرعان ما ينكشف خواءها لو عرضت على النصوص التي اختزلت من سياقها وقدمت بنية إيهام الرأي العام بصحة الأطروحة المغربية التي لم تجد حتى الآن من يؤمن بها سوى أصحابها، وعليه وجب إيضاح بعض الحقائق التي تم التجني عليها على طريقة ويل للمصلين، عل القارئ يكون في صورة حقائق النزاع الصحراوي – المغربي الذي لا تعطيه وسائل الإعلام العربية حقه من التناول.

أولا: السياق التاريخي:
الصحراء الغربية كانت مستعمرة اسبانية مرسمة الحدود باتفاقيات دولية في حين كان جوارها الإقليمي خاضعا للاستعمار الفرنسي كما هو معلوم، والدخول الاسباني للصحراء الغربية تم عبر سلسة اتفاقيات بين ممثلي الملك الاسباني وشيوخ القبائل الصحراوية، لأن الصحراء الغربية حينها كانت تحكم بمجلس قبلي محلي مستقل ولم تكن تابعة بأي حال من الأحوال للعرش المغربي بشهادة الرحالة والمستكشفين الأوربيين وغيرهم الذين زاروا المنطقة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ويمكن الاطلاع على كتاب الأستاذ موريس باربي أستاذ القانون بجامعة نانسي بفرنسا الصادر عن دار لارماتان سنة 1985 تحت عنوان رحلات واستكشافات في الصحراء الغربية خلال القرن التاسع عشر وقد عرض فيه شهادات 21 رحالة ومستكشف من فرنسا واسبانيا وبلجيكا وألمانيا وأمريكا والسنغال وغيرها، أجمعت كلها على استقلالية الصحراء الغربية عن الحكم المغربي خلال الفترة السابقة للاحتلال الإسباني للصحراء الغربية. 
هذا أولاً وثانياً لم يسجل أي سياسي أو باحث أو مؤرخ مغربي اعتراض السلطة المغربية على الإعلان الملكي الاسباني عن ضم الصحراء الغربية للأراضي الاسبانية الصادر في ديسمبر 1884 وبيان ممثل اسبانيا في مؤتمر برلين لتقسيم المستعمرات الإفريقية والمعلن عن سيادة اسبانيا على الصحراء الغربية على الرغم من وجود سفير اسباني في المغرب حينها، وهو ما يظهر بجلاء أن السلطة المغربية حينها كانت ترى أن الصحراء الغربية أراضي مستقلة عنها بصورة كاملة، وعليه لم يكن هناك موجب للاعتراض ولا سياق قانوني أو سياسي للقيام به.
والسياق التاريخي يقتضي كذلك التذكير بالأطماع المغربية التي لم تسلم منها موريتانيا التي ظل المغرب يرفض الاعتراف باستقلالها لمدة عشر سنوات بل ظل يناطح على جميع المستويات بأنها موريتانيا كلها جزء من المغرب ثم عاد للاعتراف باستقلالها وسيادتها لتتبخر كل الحجج والمزاعم التي تستعمل الآن في القضية الصحراوية، وامتدت الأطماع المغربية للتوسع في الأراضي الجزائرية حيث كان المغرب يطالب بحوالي 200 ألف كيلومتر مربع من تراب الجزائر التي انتزعتها بدماء مليون ونصف المليون من شهدائها ليحاول المغرب ضمها بالقوة وهو ما سبب حرب الرمال سنة 1963 ثم عاد المغرب ليقر بسيادة الجزائر على كامل ترابها وتتبخر مرة أخرى المطامع والتبريرات المغربية المختلقة.
وعلى الرغم من أن المغرب قد نال استقلاله عن فرنسا في مارس سنة 1956 فقد ظلت الصحراء الغربية ترزح تحت الاحتلال الاسباني حتى شهر فبراير 1976، فأين كان المغرب خلال عشرين سنة من الاستقلال عن ما يسميها صحرائه، التي لم يظهر مطامعه التوسعية فيها إلا بعد تأسيس جبهة التحرير الصحراوية المعروفة اختصارا بـالبوليساريو التي تأسست في 10 ماي - نيسان 1973 وتمكنت خلال سنتين من تحرير معظم الأراضي الصحراوية في معارك غير متكافئة مع القوة الاستعمارية الاسبانية أرغمتها على الإعلان عن نيتها في تطبيق القرارات الأممية القاضية بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية وهي القرارات التي ظلت الجمعية العامة تؤكد على ضرورتها منذ دورتها الواحدة والعشرين في سبتمبر – أيلول 1966 وحتى الساعة.
وقد زعم البيان التنويري بأنه لم يتم الاعتراف بالبوليساريو بكونه حركة تحرير، أو ممثلا شرعيا للساكنة الصحراويــــة، لأنه لا يتوفر على أي سند قانوني أو شعبي ولا على أدنى شرعيـة ديمقراطيــة، تجعله يرقـى إلى تمثيليــة الساكنــة ذات الأصول الصحراوية.
ونرد على هذا الزعم بنصين صريحين لا نحتاج معهما إلى أي تعليق، لأنهما يكشفان ببساطة الاختلاق والفجاجة التي يريد بها البيان التنوير بمغالطة الرأي العام وقراء السوسنة.
• الأول: تقرير البعثة الأممية التي أرسلتها الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة لتقصي الحقائق في الصحراء الغربية والبلدان المجاورة واسبانيا في الفترة مابين 12 ماي - آيار و9 يونيو - حزيران 1975 وضمت اللجنة ممثلي كل من ساحل العاج وكوبا وإيران لدى الأمم المتحدة، يقول بالنص في كل مكان وصلته البعثة كانت تقابل بالجماهير المؤيدة لجبهة البوليساريو التي تعتبر القوة السياسية الوحيدة الممثلة لشعب الصحراء الغربية الذي يريد الاستقلال و يرفض أي صورة من صور الضم. وخلصت البعثة في توصيتها إلى أنه على الجمعية العامة أن تتخذ الخطوات اللازمة لتمكين هذا الشعب من تقرير مستقبله بحرية كاملة وفي سلام وأمن...
• الثاني: اللائحة رقم 34/37 الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 21 نوفمبر1979 تقول بالحرف الواحد في فقرتها السابعة بأن الجمعية العامة توصي في النهاية بأن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، ممثل الشعب الصحراوي، ينبغي أن تشارك وبصفة كاملة في البحث عن أي حل سياسي عادل ونهائي لنزاع الصحراء الغربية وفقاً للوائح هيئة الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية وحركة بلدان عدم الانحياز 
ومن المفيد هنا أن نذكر بأن الفقرة الخامسة من هذه اللائحة تقول أن الجمعية العامة تعرب عن استياءها من تفاقم الوضع الناجم عن استمرار احتلال الصحراء الغربية من طرف المغرب وضم هذا الاحتلال للأراضي التي أخلتها موريتانيا مؤخراً.
أي أنها تصف الوجود المغربي في الصحراء الغربية بالاحتلال وعليه فإن هذا الوجود وبنص القرار الدولي هذا يماثل وجود الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين. واللائحة المذكورة موجودة على صفحة الأمم المتحدة.

ثم يزعم كاتب البيان بأن المغرب ضم الصحراء الغربية تأسيساً على الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 14 أكتوبر، 1975 وبداية نصحح لسعادة السفير معلوماته بأن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية حول الصحراء الغربية قد صدر يوم 16 أكتوبر 1975 وليس كما زعم بيانه التنويري ثم أن نص الرأي الاستشاري للمحكمة يخلص بعد عرضه لتفاصيل الموضوع إلى القول حرفياً خلاصة رأي المحكمة هو أن المواد والمعلومات المقدمة إليها لا تثبت أي علاقة سيادة إقليمية بين إقليم الصحراء الغربية والمملكة المغربية أو الكيان الموريتاني.
والنص موجود على موقع محكمة العدل الدولية.

ثم أن اتفاقية مدريد الموقعة بين المغرب وموريتانيا واسبانيا والتي زعم البيان أن المغرب دخل بموجبها الصحراء الغربية قد فقدت شرعيتها لانسحاب أحد موقعيها وهو الطرف الموريتاني الذي يعترف اليوم بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية كدولة ذات سيادة، فضلا عن أن اتفاقية مدريد خولت للمغرب إدارة الصحراء الغربية ولم تمنحه حق السيادة عليها كما جاء في الرأي الصادر عن المستشار القانوني للأمم المتحدة هانس كوريل الصادر في 29 يناير 2002.
وفضلاً عن كل ذلك، فقد ظلت القضية الصحراوية حتى الساعة مسجلة ضمن الأقاليم الستة عشر التي تشرف اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار سنوياً على عرضها باعتبارها الأقاليم لم تتم فيها تصفية الاستعمار حتى الآن، ثم أنه لا توجد دولة واحدة من دول العالم ولا منظمة قارية ولا دولية واحدة تعترف بالاحتلال المغربي للصحراء الغربية وهذا ما يفسر استثناء الولايات المتحدة للصحراء الغربية من اتفاق التجارة الحرة مع المغرب الموقع سنة 2004 وهو ما يفسر كذلك امتناع البرلمان الأوربي عن تجديد اتفاق الصيد البحري مع المغرب إلا إذا استثنيت منه المياه الإقليمية الصحراوية.
ونترك لذكاء القارئ – بعد كل هذا- الحكم على زعم بيان السفارة المغربية حين يقول: المغرب استرجع الصحراء من الاستعمار الإسباني في إطار الشرعية الدولية.

البوليساريو والصحراويون
يزعم كاتب البيان أن البوليساريو كيان مختلق وأن الصحراويين قد قرروا مصيرهم واختاروا مغربية الصحراء والسؤال البسيط الذي ينسف هذه الأطروحة المغربية يكمن في الاعتراف الدولي الواسع بجبهة البوليساريو حيث توجد ممثلياتها في جميع العواصم الكبرى وتعترف بالجمهورية العربية الصحراوية عشرات الدول ثم أنها عضو مؤسس كامل الحقوق في الاتحاد الإفريقي، وبعد هذا وذاك يتفاوض النظام المغربي على أعلى مستوياته من الملك الحالي حين كان وليا للعهد إلى رئيس الحكومة المغربية إلى وزراء الداخلية والخارجية والأمن مع البوليساريو، فهل يتفاوضون تحت إشراف الأمم المتحدة مع أشباح وكيانات مختلقة ووهمية؟ 
وإذا كان الصحراويون يتمتعون بالرفاه والتنمية ويفضلون المغرب فلماذا خرج من مدينة العيون وحدها ازيد من ثلاثين ألف ليعتصموا في مخيم اكديم ازيك الذي مثل برأي ناعوم تشاومسكي شرارة الربيع العربي، وهم يشكون الخصاص والفقر والاذلال وسوء المعاملة؟
وإذا كان المغرب يثق في أن الصحراويين قد اختاروا المغرب فلماذا يحرمهم من التعبير عن هذا الاختيار بشفافية وأمام العالم عبر استفتاء حر ونزيه يمكن الصحراويين من إبداء رغباتهم الحقيقة وهو ما ظلت تدعو له الأمم المتحدة منذ عقود؟
أما الصورة السوداوية التي يرسمها البيان التنويري لحالة حقوق الإنسان في المخيمات الصحراوية فالرد عنها كامن في تقارير منظمات حقوق الإنسان الوازنة بدء من هيومن رايتس ووتش مرورا بمنظمة العفو الدولية ومركز روبرت كينيدي لحقوق الإنسان ومنظمة بيت الحرية ومنظمة الخط الأمامي واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب والتقارير السنوية لوزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان وكلها منشورة ومتاحة للقارئ على الشبكة العنكبوتية، فضلاً عن عشرات الصحافيين والكتاب العرب والأجانب الذين يزورون هذه المخيمات ومنهم لا على سبيل الحصر في الفترة الأخيرة فضلا عن الزميل خالد هيلات، الكاتبة الصحافية التونسية حنان زبيس والباحثة الأردنية نازك صالح، وغيرهم كثر، وكلها تفضح بشكل سافر الاختلاقات والأوهام التي بنيت عليها آلة الدعاية المغربية الصدئة.
ومن جهة أخرى يكشف الكثير من تقارير المنظمات الحقوقية حالة الرعب والتضييق على الحريات التي يعيشها الصحراويون في المدن المحتلة من الصحراء الغربية حيث يحرمون من حق التظاهر والتجمع والتعبير وتكوين الجمعيات الأهلية وحيث يوجد أزيد من سبعمائة من ضحايا الاختفاء القسري وعشرات الصحراويين المغدورين الذين قضوا تحت التعذيب الرهيب في المخابئ السرية التي كانت تشرف عليها الدولة المغربية في اكدز ومقلعة مكونة ودرب مولاي الشريف والسجن الأكحل وغيرها. 
فعن أية تنمية وعن أي حقوق تتحدثون بعد كل هذا في إقليم محتل وتتعرض ثرواته الطبيعية للاستنزاف والنهب غير الشرعي في وقت تصل البطالة بين سكانه إلى حوالي 25 بالمائة.
وأخيرا نقول أن ما يسمى بـالحكم الذاتي فقد أصبح متجاوزا ولم يعد موضوع للمفاوضات التي تشرف عليها الأمم المتحدة لأن المبعوث ألأممي إلى الصحراء الغربية كريستوفر روس قد خلص إلى أن الحل الديمقراطي العادل يكمن في تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره واختيار مستقبله بحرية وهذا ما يخشاه الاحتلال وقد صدق الزعيم التيموري غوسماو خنانا حين قال من يخاف الاستفتاء يخاف مواجهة الحقيقة. 
نشرت في موقع السوسنة الاردني في رد على المقال التنويري لسفارة المغرب في الاردن على هذا الرابط
https://assawsana.com/portal/pages.php?newsid=135070