الثلاثاء، 26 فبراير 2019

الفيلق الرابع ...الجزء الرابع..معركة "تشلة"

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏سماء‏، و‏‏محيط‏، و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏ و‏طبيعة‏‏‏
كان صيف سنة 1987 ساخن جدا وموجات الحر الخانق قد بدأت , وكان الفيلق الرابع يستريح بعد سلسلة المعارك التي خاضها في العائديات ولحريشة وأذويهب خلال الأشهر الأولى من السنة ,وبدون شك كنا نتوقع إستئناف المعارك من جديد لكن أحدا لم يتوقع أبدا ما حدث.
في عز ذلك الصيف القائظ وبدل أن يبحث الرجال عن الظل ويركنوا إلى الراحة في تلك الأيام الحارة التي كانت طلائعها تنبئ بصيف ملتهب ,كانت القيادة العسكرية تحضر لخطوات ستجعل ذلك الصيف إستثنائيا بكل المقاييس.
في إجتماع لهيئة الأركان برئاسة الشهيد محمد عبد العزيز وبعد تدارس كل جوانب الوضع العسكري, تم الاتفاق على ضرورة تحضير تشكيلة ميكانيكية تتولى مهمة القتال في الجنوب الذي كان الغزاة فيه في وضع أكثر راحة, إضافة إلى أهمية تحقيق نوع من التوازن في الجهد القتالي بين الشمال والجنوب.
ورغم خطورة هذه الفكرة التي كانت تفترض إرسال مدرعات BMP1 لتقاتل بعيدا جدا عن قواعدها الخلفية وفي مناطق مكشوفة بشكل كبير ينعدم فيها الغطاء النباتي ويغلب عليها الفضاء المفتوح,رغم كل هذه المحاذير بدت هذه الفكرة في ذلك الصيف مغرية في أذهان تلك المجموعة التي لا تؤمن بالمستحيل.
كان واضح جدا أن هذه المهمة ستكون صعبة للغاية ولكنها على كل حال لن تكون أصعب من إجتياز آلاف الأميال نحو باسكنو.
ومع نهاية شهر يونيو سنة 1987 بدأ التحضير الفعلي لخوض هذه المغامرة التي كان تنفيذها يتطلب بعض الجهد وكثيرا من الجرأة.
وعلى هذ الأساس تم إختيار وحدات من الفيلقين المدرعين الأول والرابع التابعين للناحية الثانية وتم التركيز خلال عملية التحضير,التي لم تدم طويلا على الناقلات التي تسمح حالتها الفنية بالمسير الطويل,إضافة إلى الفيلق الثاني والسرية الخامسة من الدفاع الجوي ووحدات من المدفعية التابعة للناحية السادسة ج.
كان محمد الامين ولد البوهالي يقود هذه الدورية بوصفه قائدا للناحية العسكرية الثانية فيما تولى ابراهيم ولد الليلي قيادة الفيلق الرابع.
وبعد أيام كانت تلك الدورية التي يتبع أغلبها للناحية الثانية جاهزة لخوض غمار تجربة جديدة وفي عز الصيف.
مساء يوم 29 يونيو سنة 1987, بدا المسير نحو المجهول وكان دليل الدورية (آمنير) أيدة ولد أمديلش يقود الجميع عبر صحراء قاحلة لا معالم فيها ,وبدا غريبا كيف يستطيع ذلك الشيخ الوقور تبين طريقه وسط تلك الأرض المتشابهة والتي تمتد مئات الكيلومترات.
لقد كان صيف ذلك العام ملتهب جدا وفي أغلب الحالات أثناء المسير يجلس الشباب جماعات على ظهور الناقلات تحت لهيب الشمس مباشرة, وبطبيعة الحال كان سطح ناقلات BMP المدرع ساخن جدا ودخان عوادمها يلفح الوجوه .
وخلال عدة أيام إجتازت تلك الدورية أراض شاسعة جدا لا أثر للحياة فيها, ورغم أنها مناسبة جدا لسير الآليات الثقيلة إلا أنها لم تكن مناسبة لأي شيء آخر, وببساطة كانت تلك الأرض تشبه البساط المحترق لا شجر فيها ولا حجر.
وسأتجاوز عن وصف تفاصيل رحلتنا عبر تلك الأرض الموحشة لإعتبارات أراها وجيهة .
توغلت الدورية في هذه المنطقة القاحلة التي زادها الصيف جفافا لمدة خمسة أيام دون أن يعلم الشباب وجهتهم وفي صباح اليوم الخامس علمنا أن الدورية تتجه نحو منطقة تيرس.
زوال الخامس يوليوز1987 وصلت الدورية إلى منطقة أظليعة ماكاين باس وفي اليوم الموالي توجه الفيلق مباشرة نحو جبل آدمار.
ولأن تواجد المدرعات في هذه المنطقة المكشوفة والبعيدة جدا كان محفوف بالمخاطر قررت القيادة العسكرية خوض المعركة الأولى بشكل سريع للإستفادة من عامل المفاجأة.
كانت تيرس في صيف ذلك العام قاحلة جدا وموحشة إلى أبعد الحدود , ورغم أن بعضا من عناصر الفيلق الرابع من مواليد هذه الأرض ,إلا أنهم كانوا جميعا قد غادروها أطفالا بسبب العدوان ,ومع ذلك كانت ترتسم في أذهان الجميع عن هذه الأرض صورة مغايرة كليا عن ما وجدناه في تلك الأيام.
تحتفظ الذاكرة الشعبية الصحراوية بصور رائعة عن منطقة تيرس التي كثيرا ما كانت تعني تلك الأرض الخضراء الجميلة التي تتشح جبالها بالسواد والتي ظلت عبر قرون مادة للشعراء وميادين للفرسان, وبين سفوح جبالها الشهيرة وعلى رمالها الذهبية كتب الصحراويون فصولا من تاريخهم المجيد في مواجهة الاستعمار الفرنسي بداية القرن الماضي.
كانت الناقلات تطوي بنا تلك الفيافي الجرداء بإتجاه جبل آدمار ومظاهر الجفاف بادية في كل شيء وعلى مد البصر لن تقع عيناك على أي نبات أخضر.
ترى أين كل ذلك الجمال الذي خلده الشعراء وتغنى به الركبان وهل هذه هي نفس الأرض التي قال فيها محمد ولد الطلبة:
تطاوَلَ ليلُ النازحِ المُتَهَيِّجِ أما لضياءِ الصبحِ من مُتَبَلَّجِ
ولا لظَلامِ الليلِ من مُتَزحزَحٍ وليسَ لنجمٍ من ذهابٍ ولا مجي
وذُكرةِ أظعانٍ تربَّعنَ باللوى لوى الموجِ فالخَبتَينِ من نعفِ دوكجِ
إلى البِئرِ فالحواءِ فالفُجّ فالصوى صوى تشلَه فلأجوادِ فالسَفحِ من إج
تَحُلُّ بأكنافِ الزفالِ فتيرسٍ إلى زيزَه فالأرويتينِ فالاعوجِ.
ورغم كل هذا التاريخ الحافل والذاكرة الحبلى بالصور الجميلة كانت تيرس صيف ذلك العام تبدو كقطعة من جهنم , فدرجات الحرارة عالية بشكل مفرط حتى تخال أن الشمس تشرق فوق رأسك تماما , ولا أثر إطلاقا لأي نوع من الحياة ومظاهر الجفاف بادية للعيان ومصادر المياه تكاد تكون معدومة.
ومع ذلك كانت تلك الدورية بالنسبة لنا تجربة فريدة تستحقها تلك الأرض الطاهرة التي تبدو حزينة والتي طالما كانت عصية على الغزاة, وعندما نعود الى تلك المنطقة في خريف ذلك العام ستكون تيرس في أبهى حللها ,وعندها فقط تبينت أسباب شهرة تلك الأرض العظيمة.
ومع حلول مساء 06 يوليوز 1987 كان قد تم اختيار نقطة المعركة في قطاع أعظيم أم أجلود لكن طائرات الاستطلاع المغربية (الكيشافة) كانت قد تمكنت من كشفت الدورية فتم إلغاء هذه المعركة والتوجه جنوبا عبر مدن أنعام.
وفي صباح يوم 07يوليوز 1987 واصلت الدورية تنقلها جنوبا عبر واد آتْوي وظل الطيران المغربي يقصف تلك المناطق ومع حلول مساء نفس اليوم تمكنت الدورية من الوصول الى مشارف أكليب أدْنَادِينْ.
كانت الناحية الأولى ترابط في تلك المنطقة بشكل دائم ,وطبعا هذه هي المرة الأولى التي سيقاتل فيها الفيلق الرابع مع هذه الناحية ذات التاريخ العريق ,والتي كانت تقاتل في الشمال منذ بداية الغزو المغربي نهاية سنة 1975.
وغير بعيد بإتجاه الشمال ترابط أيضا الناحية الثالثة التي تعرف تلك الأرض جيدا وقد جابت أغوارها منذ كانت تحمل اسم الجنوب.
وخلال مساء ذلك اليوم اجتمعت قيادة المعركة بحضور الشهيد محمد عبد العزيز, الذي كان يشارك معنا في أغلب المعارك ,إضافة إلى قادة النواحي المشاركة وعدد من الإطارات وتقرر تنفيذ الخطة التالية:
تم إختيار قطاع تشلة وتحديد نقطة من الحزام المغربي تقع بين أكليب لحبالية وأكليب طيرلال.
- تتولى الكتيبتان الأولى والثانية من الفيلق الرابع الدخول من الميمنة (الخالفة العربية ).
- تتولى كتائب المدرعات التابعة للفيلق الأول وبعض كتائب الناحية الأولى الدخول من الميسرة (الخالفة العسرية).
- تتولى الناحية الأولى وبعض كتائب الفيلق الثاني التابع للناحية الثانية والكتيبة الثالثة من الفيلق الرابع والسرية الخامسة من الناحية الثانية الدخول من القلب (المحرد) والإنتشار في عمق جبهة المعركة.
- وستتولى المدفعية التابعة للناحية السادسة ج مهمة قصف القواعد المحاذية للمعركة والرد على مدفعية العدو.
- وطبعا ستتكفل وحدات الدفاع الجوي التي ترافق الدورية بحماية أجواء المعركة.
ومن أجل تشتيت إنتباه العدو عن الموقع المستهدف صدرت الأوامر بإن تتولى الناحية الثالثة أمر القيام بالمناورة أمام قطاع أعظيم أم أجلود شمالا لإيهام العدو أن الهجوم يستهدف ذلك القطاع الذي كانت ترابط خلفه الراجمة المغربية الثالثة.
وفي نهاية ذلك الإجتماع تم تحديد نقطة الانطلاق من قرب أكليب دَوَلْ على ضفة واد آتْوِي.
و تحديد الساعة الخامسة فجرا كموعد لبداية المعركة.
قبل صلاة المغرب بقليل تم إنزال مشاة الفيلق الرابع - و كنت من بينهم - على مسافة قصيرة من الحزام ,وخلف كثيب رملي كان مشاة الناحية الأولى ينتظرون, وهناك إلتقينا ببعض الشباب الذين جمعتنا بهم مقاعد الدراسة.
كان لقاؤنا بتلك المجموعة ذو طابع خاص فقد كنا نلتقي بأصدقاء من أيام الطفولة لم نلتقي بهم منذ سنوات,وخلف ذلك الكثيب الرملي أمضينا ساعات نستعرض بعضا من ذكرياتنا.
وعندما توارى القمر خلف الأفق بدأ المسير نحو ذلك الفاصل الذي تم إختياره كنقطة للعبور.
كانت عملية المسير سلسلة بعض الشيء رغم العطش البالغ بسبب درجات الحرارة المرتفعة ليلة 08 يوليوز 1987,وبدت مظاهر الإرهاق واضحة على تلك المجموعة التي لم تذق طعم الراحة منذ مغادرتها لجبل آدمار, وإلى حد تلك اللحظة كانت قد مرت 48 ساعة دون أن يتمكن الشباب حتى من تناول الشاي, ومع ذلك كان عليهم أن يصلوا إلى ذلك الفاصل ليتمكنوا من تحضير ثغرة العبور قبل ساعة الصفر.
ووسط الظلام الدامس كان عشرات المقاتلين يقتربون بحذر شديد وبهدوء بالغ,تماما كالهدوء الذي يسبق العاصفة ,ورغم شدة العطش ولفحات الهواء الساخن (إريفي) الذي يأتي غالبا في تلك الأرض مصحوبا بالأتربة,كان الجميع متماسكون ويدركون جيدا أن الرفاق يعتمدون عليهم وأن نجاح المعركة مرتبط فتح ثغرة العبور وتأمينها حتى يصل المهاجمون.
في حدود الساعة الثالثة فجرا وصلت المجموعة المتعبة وبدأت مباشرة عملية فتح الثغرة في الحزام ,ومع مرور الوقت أحست إحدى القواعد المغربية ببعض الأصوات المريبة الناتجة عن عملية الحفر وبشكل آلي أطلقت وابلا من الرصاص في إتجاه تلك الأصوات ,ومع ذلك واصلت تلك المجموعة عملها وإنتظرت الوقت المحدد للمعركة.
بعد مرور ساعتين تقريبا وفي حدود الساعة الخامسة فجرا في تلك الليلة المظلمة التي كانت تبدو هادئة إلى ذلك الحين وبدون سابق إنذار دندن صوت الرعد شرقا , رغم غياب علامات المطر في ذلك الصيف القائظ ,ولم يدرك الجنود المغاربة في ذلك القطاع البعيد ماهية هذا الصوت الصاخب , فهم إلى حد تلك اللحظة لم يختبروا القتال ضد ناقلات BMP1 الصحراوية ,وعلى كل حال سيكون المطر الوحيد يومها هو الرصاص.
كان الهجوم قد بدأ وكنت ترى تلك العربات السريعة وكأنها تحلق نحو الغرب, ووسط الظلام عبرت طلائع المهاجمين بشكل سريع ومنظم, ثم إقتحم المشاة تلك القاعدة التي لم تعد تعرف من أين يأتيها الخطر,وبعد ساعة فقط تمكنت الكتيبة الأولى من السيطرة تماما على القاعدة.
وفي نفس الوقت تقريبا كانت الكتيبة الثانية تجتاح نقطة الإسناد التي سقطت سريعا تحت ضغط الهجوم الكاسح وكثافة النيران .
ومع بزوغ شمس ذلك اليوم الساخن كانت كتائب المدرعات تطوق تلك القواعد التي تحولت سريعا إلى أنقاض, وسقط الجنود الذين كانوا يتحصنون فيها بين قتيل وأسير,وكنت ترى ناقلات BMP تقاتل والأسرى موثقون بالحبال على ظهورها.
كانت كتائب الفيلق الثاني الشهير تنتشر في عمق المعركة خلفنا تماما تحسبا لقدوم نجدات العدو, فيما إنتشرت الناحية الأولى خلف كتائب الفيلق الأول,وكنا نقاتل يومها ونحن ندرك أن الأعماق آمنة بسبب وجود ذلك الفيلق الذي لا يمكن تجاوزه.
ومع مرور الوقت تبين أن الناحية الأولى التي كنا نقاتل معها لأول مرة جديرة فعلا بسمعتها,لقد كانت هذه الناحية العريقة تقاتل بثبات كبير, وتتمتع بقدرة فائقة على تحمل ضغط المعركة,كانوا يطلقون النيران بكثافة ثم يتقدمون وعندما يحتلون موقعا سيكون من الصعب جدا إخراجهم منه.
وقبل نهاية المعركة بوقت وجيز حدث موقف من تلك المواقف التي تظهر فيها معادن الرجال في زمن الحروب , كان طوالو ولد العالم التابع للكتيبة الثانية من الفيلق الرابع يقف على قمة الجدار المغربي, وفجأة أصيب وسقط شهيدا داخل محيط القاعدة ولم يكن ممكنا تركه هناك, وطبعا كان من غير المقبول إطلاقا ترك جثمان شهيد في ميدان المعركة.
كان هناك جنود غزاة يختفون داخل مربع إسمنتي صغير ولم تتمكن الكتيبة من تحديد مكانهم وسط تلك القاعدة التي تشبه المتاهة , ثم بدؤوا يطلقون النار من ثقوب صغيرة في الجدار, ورغم ذلك كان الجميع يدرك أنه لابد من سحب ذلك الشهيد مها كان الثمن, كانت المجموعة التي تتابع هذا الموقف في حدود ثمانية أفراد أغلبهم من نفس فصيلة الشهيد, تبادلوا كلمات قليلة ثم حسموا أمرهم وعلى الفور تقدم سيد أحمد ولد براي وسقط شهيدا ثم تبعه علالي ولد بوشيبة وإلتحق برفيقيه ,وبعد أن أصبحوا ثلاثة شهداء داخل مربع القاعدة المغربية بات الأمر أكثر تعقيدا, كان الرجال يدركون جيدا أنه من غير الممكن أبدا أن تنسحب تلك الكتيبة المشهورة بصلابتها دون أن تأخذ شهداءها.
حزم الرجال أمرهم ثم تتابعوا نحو الشهادة في مشهد مهيب يفيض بالشجاعة والنخوة وتقدير تضحيات الرفاق ,وبشكل آلي تقدم سعيد ولد محمد الأمين وأصيب أيضا وإلتحق برفاقه ثم تقدم اللود ولد ددي قائد الجماعة وسقط شهيدا ثم تبعه الشيخ ولد الطنجي وهو أصغر المجموعة سنا ونال الشهادة ثم جاء دور سائق ناقلتهم وداد ولد عمار ولد أجعيدر فأصيب أيضا ولحق برفاقه.
وفي هذه اللحظات الحرجة تمكن رفاقهم من تحديد المكان الذي يتخندق فيه الجنود المغاربة وعلى الفور صبوا جام غضبهم وكل قوتهم النارية على ذلك المربع اللعين فتحول بمن فيه في دقائق إلى ركام, وقبل نهاية المعركة كانت تلك القاعدة بكاملها قد سويت بالأرض تماما وتمكنت الكتيبة الثانية من إخراج شهدائها.
وفي هذا الوقت بالذات كان الفيلق الأول قد تمكن بشكل كامل من السيطرة على القواعد الجنوبية, فيما إجتاحت الناحية الأولى المدعمة بالكتيبة الثالثة من الفيلق الرابع والفيلق الثاني والسرية الخامسة من الناحية الثانية أعماق تلك المعركة وتمت مطاردة النجدات التي حاولت دعم القواعد ووصل الاجتياح حتى حدود أكليب طيرلال.
وفي حدود الساعة السابعة صباحا حسمت المعركة و يبدو أن سرعة الاقتحام وقوة الكثافة النارية , قد أذهلتا قوات العدو وكان الحل الوحيد أمامهم كالعادة هو الفرار ناحية الغرب ,وهناك كان الفيلق الثاني والناحية الأولى في إنتظارهم.
كانت السرية الخامسة من الدفاع الجوي التابعة للناحية الثانية والتي يقودها أحمد ولد الداف , تمتلك رصيدا زاخرا يستحق الاحترام ورغم أنها قاتلت معنا منذ البداية كسرية تابعة للفيلق الثالث دبابات, إلا أنها هذه المرة كانت تقاتل إلى جانبنا مباشرة ككتيبة مكلفة بحماية الفيلق الرابع وستستمر هذه العلاقة بعد ذلك حتى نهاية الحرب, ومع مرور الوقت أصبحت جزءا رئيسيا من الفيلق الرابع, وكانت في الواقع كتيبة متميزة بكل المقاييس وضمت رجالا كنا فخورين بالقتال إلى جانبهم.
بعد نهاية المعركة توجه الفيلق الرابع نحو جبال زوگ وآمزگزاگ, وعلى طول ذلك اليوم ظل الطيران المغربي يصب قذائف حقده على ذلك الجبل دون أية نتيجة ,وكان الطيارون المغاربة يحلقون على إرتفاعات شاهقة بسبب خوفهم من المضادات الأرضية ,وبطبيعة الحال كانت قذائفهم تضل طريقها وسقط أغلبها على جبل آمزگزاگ ,وطبعا لم يكترث ذلك الجبل الأشم بكل تلك القذائف.
وفي زوال ذلك اليوم وبعد صلاة الظهر بقليل ,أعلنت اذاعة لندن BBC ضمن عالم الظهيرة الأنباء الأولية الواردة عن هذه المعركة الجريئة, وقد أشارت يومها إلى أن ثوار جبهة البوليساريو هاجموا وإحتلوا مواقع دفاعية مغربية في الصحراء الغربية قرب تشلة وألحقوا خسائر فادحة بالجيش المغربي وتمكنوا من أسر عشرات الجنود.
ثم ختمت إذاعة لندن تقريرها متسائلة: إلى متى ستبقى الحكومة المغربية تلتزم الصمت حيال ما يحدث من معارك ضارية في الصحراء الغربية.
وقبل عصر ذلك اليوم وفي جو مهيب تم دفن شهداء الكتيبة الثانية عند سفح جبل آمزگزاگ ,ورغم حزن الرفاق كنت ترى علامات الإحترام بادية على وجوه الجميع تقديرا لهؤلاء الشباب الشجعان الذين عاشوا معا وقاتلوا في خندق واحد وأستشهدوا في نفس المكان,وسيبقون دائما في تلك الأرض الطاهرة يحرسهم ذلك الجبل الشامخ.
و بعيدا عن تلك النقطة الطاهرة وفي نهاية السفح الغربي بين جبلي زوگ وآمزگزاگ , وعند جذع شجرة من إگنين يرقد هناك عشرات الجنود الغزاة الذين ماتوا في ذلك اليوم متأثرين بجراح أصيبوا بها خلال المعركة.
وبعد صلاة المغرب مباشرة توجه الفيلق نحو جبال الدوگج وكان علينا قطع منطقة أعظم لحمار الجرداء خلال تلك الليلة .
وفي اليوم الموالي توجه الفيلق نحو منطقة أگلاب أزعافيگ القريبة نسبيا,وكان التعب والسهر قد نالا من الجميع,وبعد صلاة المغرب إلتفت مجموعة من الكتيبة الأولى حول أواني الشاي قرب صخرة سوداء كبيرة من صخور تيرس ,وكالعادة جلب قائد الجماعة جهاز الراديو وبعد لحظات كانت الإذاعة الوطنية تبث الموسيقى العسكرية ثم قرأ المذيع البلاغ التالي:
شن مقاتلوا جيش التحرير الشعبي الصحراوي هجوما عنيفا على جبهة طولها 40 كلم في حزام العدو الدفاعي بقطاع تشلة المحتلة.
وقد دام الهجوم من الساعة الخامسة فجرا حتى العاشرة من صباح يوم 08 يوليوز1987.
وقد تمت السيطرة على كامل دفاعات العدو وتخندقاته منذ الوهلة الأولى ,و توغل أبطال جيش التحرير الشعبي الصحراوي البواسل داخل أعماق العدو أكثر من 10 كلمترات.
وفي محاولة يائسة لتخفيف الضغط القوي على فلول جنده المتراجعة زج العدو بخمس نجدات تباعا صدت كلها على أعقابها متلقية أفدح الخسائر في أفرادها ومعداتها.
وخلال هذه العملية تم:
قتل 275 جنديا وضابطا من بينهم الملازم الأول عزوزي قائد تشكيلة من المجموعة السابعة للدبابات والملازم مشيطني قائد كتيبة من الفوج 44, وتم جرح 310 جنود آخرين.
- إحتلال وتدمير كل ما في الجبهة المهاجمة من قواعد ومواقع بما فيها مقر قيادة الفوج 44,وتم حرق معدات العدو التالية:
-10 دبابات SK 105 ملم.
-04 ناقلات جنود 113 ملم.
-25 سيارة LANDROVER.
-17 سيارة TOYOTA.
-06 شاحنات GMC.
كما تم تحطيم:
-21 رشاش 14.5 ملم.
-04 رشاشات 23 ملم.
-رادار من نوع RATAC.
-05 مدافع 106 ملم.
-20رشاش 12,7 ملم.
-08 مدافع SBG9.
-50 سلاح م.د.
-حوالي 200 سلاحا فرديا وجماعيا خفيفا.
-حرق 8 مخازن للذخيرة.
- حرق 06 مخازن للملابس والمؤن.
- حرق 06 خزانات للمياه.
واستولى مقاتلونا على معدات العدو التالية:
-02 دبابة SK 105ملم.
-03سيارات LANDROVER.
-03 هاونات 81 ملم.
-02 رشاش 14,5 ملم.
-07 رشاشات 12,7 ملم.
-03مدافع 75 ملم.
-01 مدفع SBG9.
-19 صاروخا من نوع DRAGON.
-01 قطعة RBK.
-01 قطعة فال.
-01 -30 امريكان.
-05 سلاح ماك.
-08أجهزة للارسال والاستقبال.
-01 هاتف ميدان.
-62 سلاح اكلاشينكوف.
-12 سلاح فال.
-01 مسدس.
-06 إدارات.
- غنم كميات كبيرة من المؤن والذخيرة والملابس.
- وتم خلال هذه الملحمة أسر 73 أسيرا مابين جندي وضابط وضابط صف.من بينهم الملازم بوكنيوط احمد قائد مجموعة التدخل السريع رقم 7 من اللواء 12 ,ومجموعة من الرقباء.
وبعد نهاية البلاغ مباشرة إنفرجت أسارير تلك الوجوه السمر التي هدها التعب وهم يتابعون تلك النتائج الكبيرة التي تم تحقيقها في معركة تشلة التاريخية.
وفي صباح اليوم التالي وقبل أن يجد الرجال وقتا للراحة وصل خبر جديد.(لقد ذهبت الدراسة..)
وطبعا كان هذا الخبر يعني أن هجوما آخر سينفذ بعد أيام قليلة.
وبعد أربعة أيام فقط وبالضبط في يوم 13 يوليوز1987 تمكنت وسائل الاعلام الدولية من زيارة معرض ضخم نظمته وزارة الدفاع بمدرسة الشهيد الولي العسكرية, ووقف عشرات الصحفيين على الغنائم والوثائق التي إستولى عليها جيش التحرير الشعبي الصحراوي إضافة إلى معاينة الأسرى ال73 الذين تم إلقاء القبض عليهم في هذه المعركة.
وفي نفس هذا اليوم أيضا و في عز ذلك الصيف القائظ كانت حفرة إشياف على موعد مع طيحة الفجر.
بقلم حمدي ميارة

الدعم السعودي للمغرب أين المقابل؟... هل ستصبح قطر هي كبش الفداء؟

بقلم حمدي حمودي

المغرب يحضر الى القمة العربية الأوروبية بشرم الشيخ برئيس الحكومة فقط، في حين أن السعودية حضرت بكل ثقلها، غير أن اللافت ان ملك المغرب في رسالته على لسان رئيس حكومته بدأ يدس الكلام الحاد كسكاكين الى خاصرة المملكة السعودية، ويلمح بشكل يشبه التهديد في أن تتوقف الدول العربية المارقة وان تنخرط في الرؤية المغربية ويقدم الأوامر والدروس. 
تلك الرؤية التي أصبحت متجاوزة، بحكم أن منطقة الصحراء الغربية دوليا هي محل نزاع.
ففي أجندة الأمم المتحدة لم يصف منها الاستعمار، كما ان المغرب منخرط في مفاوضات بلا شروط مسبقة من اجل ايجاد حل لها مع جبهة البوليساريو في كواليس مجلس الأمن، وفي الترويكا الافريقية مع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية داخل الاتحاد الافريقي، وفي تناقض مع نفسه يطالب الدول العربية بالوصول الى خط النهاية وهو لا يزال في مرطون السباق الى الحسم مع خصمه الشعب الصحراوي ، الشيء الذي يقابل اليوم بالكثير من التململ في الأوساط العربية. 
الانخراط اليوم مع الرؤية المغربية بالنسبة للعرب بدون مقابل وفي تناقض صارخ مع رؤية العالم، لم يعد مفيدا لها وخاصة لبلدان قدمت الكثير للمغرب مثل السعودية التي منحت المال والسلاح والنفط وأكثر من ذلك المواقف السياسية التي سببت في تطويل الصراع وفي عدائية وظلم كبيرين للشعب الصحراوي ووقفت مع الاحتلال المغربي في اسود أيامه التي مر بها، ترنو من ورائها الى ان يقف المغرب معها في كل الأوقات، وخاصة أوقات الضيق الحرجة، وقد كتب عنه مقال احد الكتاب السعودية تحت عنوان "أشقاء من ورق" غير ان المغرب بدأ يتهرب من الحلف السعودي بل اعلن الخروج الرسمي منه وهو ما اعتبرته السعودية خيانة، وبثت قناة العربية شريطا يبين ان السعودية هي أيضا متوقفة عن دعم المغرب في قضاياه التي يعتبرها جوهرية.
عدم استقبال الملك المغربي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان كانت القطرة التي أفاضت الكأس، ففي حين كان ضيفا لموريتانيا وتونس والجزائر وباكستان والهند والصين اعتذرت المملكة المغربية عن استقباله مما أوقعها في خطأ قاتل بل وكشف عن معدن العلاقة وأكد الشكوك في قضية الحياد من قضية قطر، خاصة أن السعودية تمر بمرحلة تثبيت الحكم وتوريثه إلى ولي العهد الجديد وفي محنة كبرى من معارضة بعض الامراء في قضية تولية العهد وكذا قضية الصحفي المقتول جمال خاشقجي.
كانت خيبة الامل كبيرة ومفاجئة للآسرة المالكة في السعودية، وبدأت بعض الأوراق تنكشف الى محاولات مغربية في التدخل المباشر في الشأن السعودي خاصة بعد اعتقال رئيس حزب موريتاني وهو يهم بمغادرة السعودية الى الرباط ، والذي سربت اخباره المخابرات المغربية الى جريدة القدس العربي التي نشرته قبل أيام في محاول للتدليس من أن ما كان يقوم به رئيس الحزب الموريتاني في السعودية عملا غير مطبوخ في الرباط خاصة اذا علمنا ان هذا الشخص يحمل الجنسية المغربية .
وفي طيات الخطاب المغربي يبدو التلميح الى الدول الموثوق بها وخاصة بالجانب الأمني وهو إشارة الى القاء الضوء على السعودية التي عملت بعض الجهات الى شيطنتها ووضعها في القائمة السوداء عند الأوروبيين التي تتهم بدعم الإرهاب تبييض الأموال ويعزي بعض المتتبعين الى نشاط كبير لقطر والرباط في تقديم الكثير من الأدلة ضد السعودية لدى الاتحاد الأوروبي خاصة أن العلاقات الأمنية السعودية-المغربية ظلت سمنا على عسل حتى التهرب الأخير للمغرب مع قطر وخروجه من القبة السعودية، وانتشائه في وسائل الاعلام بسيادته على قراره في حين كان يمكن ان يرتب الأوراق بصمت وعبر الدبلوماسية الهادئة غير ان الامر خرج الى مستويات أخرى ستتكشف تباعا.
الخاسر الكبير طبعا هو النظام الملكي المعزول أوروبيا بسبب اعتراف المحكمة الأوروبية بأن الصحراء الغربية هي بلد وإقليم غير معني بالسيادة المغربية.
وفي الاتحاد الافريقي مع الجمهورية الصحراوية يجلسان الند بالند، أما اتحاد المغرب العربي الذي حاول أن ينبشه العاهل المغربي فقد رحبت بخطابه الجزائر سابقا وحتى موريتانيا استعدت الاستقبال أي مشاورات ولكن الملك المغربي تراجع عن كل ذلك وعرف العالم ان خطابه ليس الا قنبلة مهرجان ضوئية وعلاقاته مع موريتانيا والجزائر الجارين لم ترق الى أي سقف نتيجة قضية الصحراء الغربية.
الخاسر الكبير هو المغرب لأنه فقد الحليف الكبير، البقرة الحلوب المملكة السعودية ولا ندري بأي ثمن سترجع العلاقات المغربية-السعودية الى سابق عهدها خاصة بعد انبعاث سوريا من جديد والتي كان المغرب خصمها اللدود وكان المغاربة من بين الإرهابيين الذي قاتلوا ضد النظام السوري ذلك الانبعاث الذي سيغير خريطة التحالفات من جديد في الجامعة العربية.
نعتقد أن السعودية الصامتة الغاضبة لن ترضى بكبش فداء من الملك المغربي إلا خسارة العلاقات مع قطر والاصطفاف من جديد مع السعودية ضدها وهو ما سيكلف المغرب خسارة كبرى في الجانب الإعلامي وحرب دروس من قطر، قد تكون مدمرة له خاصة انه يمر بقلاقل وديون وتحديات كبرى وضغوط مستمرة من الإدارة الامريكية التي كان مؤشراتها الكبرى زيارة وفد الى الصحراء الغربية لتوصيل رسالة التضامن مع الشعب الصحراوي وإيجاد حل سياسي للقضية الصحراوية يفضي الى تقرير مصيره.

الجمعة، 22 فبراير 2019

الفيلق الرابع...الجزء الثالث معركة "أم لگطة"

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏شخص أو أكثر‏، و‏‏سماء‏، و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏ و‏طبيعة‏‏‏
بعد معركة أزمول النيران حدثت تعديلات على مستوى قيادة الفيلق الرابع حيث أصبح عبد الله لحبيب البلال قائدا للفيلق خلفا لمحمد ودادي وتم تعيين محمد الامين لحبيب قائدا للكتيبة الاولى خلفا لأبا عالي حمودي الجريح والذي سيعود لاحقا لقيادة الكتيبة الثالثة,فيما عاد صلحة ولد الراحل الى الكتيبة الثانية بعد شفائه.
ومع دخول سنة 1986 بلغت حرب الاستنزاف ذروتها وأصبحت الإغارات وعمليات التسلل الليلي وزراعة الألغام خلف الأحزمة الدفاعية المغربية هي الطابع العام خلال تلك السنة وتبارت مختلف النواحي في تنفيذها عبر كل الجدار المغربي.
ومن المؤكد أن هذا النوع من الحرب قد حقق نتائج بالغة التأثير على معنويات الجنود المغاربة إضافة طبعا إلى ضغط تكاليفه الثقيلة على الاقتصاد المغربي الهش.
وعلى طول تلك الفترة عانى الضباط والجنود المغاربة بشكل دائم من هذه الإغارات التي لا تنقطع و كانوا يبيتون كل لياليهم يترقبون زوار الفجر الذين قد يظهرون في أية لحظة, ومع مرور الوقت أصبح هؤلاء الجنود يدركون جيدا أن جبهة البوليساريو تستطيع الوصول إليهم في أي وقت وأي مكان, ثم تبين بفعل التجربة أنه لم يكن هناك متر واحد في مأمن من ضربات هذا الجيش الذي يظهر من العدم ويضرب بشدة ثم يختفي وسط الظلام.
وبطبيعة الحال لم تكن مطاردة هؤلاء الرجال الذين يفضلون الهجوم فجرا ممكنة لأن ذلك سيعني ببساطة الخروج من الحزام والتوغل في تلك المساحات الشاسعة التي تخفي بين شعابها كل أسباب الخطر, وبالتالي أصبح الجيش المغربي محكوم بالإنتظار خلف هذه التحصينات الرملية التي كانوا يفترضون فيها حمايتهم وصورتها الدعاية المغربية على أنها غير قابلة للاختراق,وفي الواقع أصبح الضباط المغاربة بعد معركة أزمول النيران يعلمون علم اليقين أن مثل هذه الحواجز لا تستطيع أن توقف الصحراويين عندما يقررون الهجوم.
كان الشباب في بعض الأحيان يدخلون في مشاحنات حول أي كتائب الفيلق أفضل وقد تمتد هذه المشاحنات لتشمل التفاخر بعدد الأسرى الذين تمكنت كل كتيبة من إلقاء القبض عليهم إضافة إلى حجم الغنائم التي يتم الاستيلاء عليها وطبعا سيدعي كل مقاتل أن كتيبته هي الأفضل وأحيانا يكبر حجم التنافس ليشمل حتى أي النواحي أكثر فعالية أثناء القتال.
خلال سنة 1985 وفي عز حرب الاستنزاف قررت قيادة الناحية العسكرية الثانية التي كان يقودها محمد الامين ولد البوهالي في تلك الأيام تشكيل وحدات خفيفة محمولة على سيارات لاندروفير,ستتولى مهمة عرقلة بناء الجدار المغربي الذي كان قيد الانجاز.
و مرة أخرى يقع الإختيار على عناصر المشاة الميكانيكية التابعين للفيلق الرابع رغم انه لم يسبق لهم القتال باستخدام السيارات الخفيفة, وعلى كل حال تم تجهيز تلك الدورية التي أمضت شهورا غرب الحزام وكان ذلك طبعا قبل بناء الجدار السادس.
وخلال هذه الدورية تمكن الفيلق من إكتساب تجربة فريدة جاب خلالها مناطق شاسعة ووصل حتى ضفاف المحيط الأطلسي ومن حين لآخر كانت هذه الدورية تغير على القوات المغربية المكلفة بحراسة آلات الحفر, يقتحمونها فجرا باتجاه الشرق مطلقين كل قوتهم النارية ومستهدفين آلات الحفر العملاقة وبعد أيام قليلة يعيدون الكرة باتجاه الغرب.
كان صراعا مريرا ذلك الذي تهاجم فيه سيارات معدودة وعشرات الرجال المسلحين بأسلحة فردية وقواذف RBG7 جيشا عرمرما تجاوز في بعض الحالات عشرة آلاف رجل ومع ذلك كان تأثير تلك الهجمات المباغتة كبير جدا على العدو.
ومع دخول سنة 1987 كان الفيلق الرابع قد أصبح أكثر نضجا وأكتسب خبرة قتالية تؤهله لزيارة الجدار المغربي ووطئه بجنازر ناقلات BMP1 مرة أخرى.
وفي مساء بارد من أواخر شهر فبراير تحلقت مجموعة من الكتيبة الأولى من الفيلق الرابع حول أواني الشاي وكان القنديل الزيتي الصغير يبدد بعضا من عتمة تلك الليلة المظلمة, وخلال هذه الجلسة تحدث بعض الرفاق عن إمكانية مشاركة الفيلق الرابع في الاستعراضات المخلدة لذكرى إعلان الجمهورية التي ستنظم بعد أيام قليلة وبطبيعة الحال راقت هذه الفكرة للجميع.
كانت ولاية آوسرد في تلك الأيام تستعد لإحتضان الذكرى الحادية عشر لإعلان الجمهورية وخلال تلك الأيام كان الرأي الوطني منشغل بالحديث عن المسابقة الوطنية التي ستعلن نتائجها على هامش هذه الذكرى.
ووسط مظاهر الاحتفالات كانت هذه الولاية تصارع من أجل إنجاح هذا الحدث الكبير وهي التي إجتاحها السيل في منطقة واد الماء منذ زمن قريب ولازالت حتى ذلك اليوم حديثة العهد بالاستقرار, ورغم مظاهر الضعف المادي وبساطة المباني وتواضع الإمكانيات بذل الجميع جهودهم من أجل إنجاح هذه الذكرى دون أن يعلموا أن القدر يخبئ لها أسبابا أخرى للنجاح.
كانت رؤية تلك الخيم البدائية ومشاهد النساء يعملن في بناء بيوتهن الطينية كثيرة في ولاية آوسرد رغم مظاهر الاحتفالات التي كانت أكثر جمالا وبساطة من إحتفالات اليوم.
في صباح يوم 23 فبراير 1987 أبلغنا قائد الجماعة بضرورة الحضور لإجتماع طارئ
وخلافا لكل التوقعات بدأت مظاهر الاستعداد للمعركة تتلاحق حيث أصدرت قيادة الفيلق أمرا عاجلا يقضي بإخضاع كل الآليات للصيانة ومراجعة القوة النارية و في مساء نفس اليوم وصل الخبر اليقين....(لقد ذهبت الدراسة).
كانت هذه الكلمة تعني بين المقاتلين في تلك الأيام تعيين المجموعة التي ستتولى دراسة الحزام وإختيار المكان المناسب للهجوم وعندما تنطلق تلك المجموعة يبدأ العد العكسي لساعة الصفر,ومن المؤكد أن فكرة المشاركة في الإستعراضات وزيارة ولاية آوسرد قد تلاشت تماما.
صباح يوم 24 فبراير بدأ المسير نحو المعركة حيث توجه الفيلق الرابع نحو وديان توطرات ثم فجأة إنعطفنا باتجاه واد لعوج التلي ومن هناك بدأ التقدم بهدوء كبير نحو منطقة لكويو, وطيلة ذلك اليوم واصل الفيلق الرابع الزحف بإتجاه الغرب ,ومع حلول المساء إكتمل وصول النواحي التي ستشارك في المعركة.
وفي سفح ذلك المرتفع الذي يدعوه المقاتلون بإسم لكويو توقف المهاجمون للمرة الأخيرة لتنظيم تشكيلاتهم قبل ساعة الاقتحام.
كانت الناحية الثانية قد وصلت بكل ثقلها الى تلك المنطقة التي ترابط فيها الناحيتان الرابعة والخامسة منذ أيام وأخيرا إكتمل عقد المهاجمين بوصول وحدات المدفعية والدفاع الجوي.
وفي مساء ذلك اليوم إجتمعت قيادة المعركة لإستعراض كل التفاصيل التي قدمتها مجموعة الدراسة والاستطلاع وتقرر تنفيذ الخطة التالية:
- تم تحديد الانطلاق نحو المعركة من مسافة 16 كلمتر وتم إختيار جبهة عريضة جدا ناهزت 30 كلمترا.
- تتولى الناحية الرابعة مدعمة بالكتيبتين الاولى والثانية من الفيلق الرابع الدخول من الميسرة(الخالفة العسرية).
- تتولى الناحية الثانية بما فيها الكتيبة الثالثة من الفيلق الرابع الدخول من القلب (المحرد).
- وتتكفل الناحية الخامسة مدعومة بكتيبة BMP1 مختلطة تشكلت من الفصيلة الثالثة من الكتيبة الاولى وفصيلة من الكتيبة الثانية من الفيلق الرابع وفصيلة تابعة لقاعدة الشهيد هداد كانت تشارك معنا لأول مرة, تتولى هذه التشكيلة أمر الميمنة (الخالفة العربية).
وطبعا ستتولى الدبابات والمدفعية مهمة قصف وتدمير القاعدتين اللتين تقعان على أطراف الجبهة المهاجمة ومنعهما من مساعدة القواعد المستهدفة.
فيما تتكفل وحدات الدفاع الجوي بمهمة تامين أجواء تلك المنطقة.
وفي نهاية ذلك الاجتماع صدرت الأوامر بشكل صارم بضرورة إحتلال كل تلك المنطقة المستهدفة ومطاردة القوات الغازية والتوغل في أعماق العدو.
وطبعا كان واضحا منذ البداية أن حجم هذه المعركة سيكون كبير جدا, وقياسا الى عدد النواحي المشاركة ومستوى الآليات والسلاح الذي حشده الصحراويون في ذلك اليوم لم تكن هناك أية فرصة للعدو.
بعد صلاة المغرب بقليل تم إنزال المشاة قرب زملة أم لگطة في الحد الأقصى غربا من جبهة المعركة وكان على مجموعة المشاة المكلفين باحتلال النقطة الشرقية المسير بمحاذاة الحزام طيلة الليل لمسافة تناهز30كلم,وشاءت الأقدار أن أكون ضمن هذه المجموعة التي عانت كثيرا خلال تلك الليلة الساخنة رغم برودة الطقس, كنا حوالي 30 مقاتلا وعلى الفور بدأ المسير في ذلك الليل المظلم نحو الشرق.
كان الرادار الذي يحرس تلك المنطقة قد إكتشف على الفور تلك المجموعة حال نزولها من السيارات ودون سابق إنذار أطلقت القاعدة المغربية قنبلتين ضوئيتين حولتا ذلك السهل الطويل الى ما يشبه ضوء الصباح وبشكل عفوي تبعثرت المجموعة لتفادي الكشف ثم مباشرة بعد تلاشي أضواء القنابل بدأ المسير.
بدأت تلك الرحلة تحت النيران نحو ذلك الهدف البعيد وطيلة تلك الليلة باتت القواعد ونقاط الإسناد الموجودة على طول جبهة المعركة تمطر تلك المجموعة بكل ما لديها من نيران, كنا طيلة الليل تحت المراقبة المستمرة ويبدو أن العدو ظن أن الأمر مجرد مجموعة منعزلة تحاول الإغارة على الحزام ,بسبب تعودهم على الإغارات الليلية في تلك المنطقة التي لم تشهد أي هجوم كبير خلال حرب الاستنزاف طيلة سنة 1986, ومع مرور الوقت وحسب شهادات الأسرى الذين تم إلقاء القبض عليهم لاحقا تبين أنهم كانوا يعملون على إستدراج هذه المجموعة الصغيرة ثم محاصرتها حتي الصباح ليتمكنوا من إلقاء القبض عليها.
ورغم الضغط الهائل وكثافة النيران المعادية لم يكن ممكنا أن ترد تلك المجموعة بإطلاق النار فذلك سيعني أنهم سيبدؤون المعركة وسيكون عليهم أن يقاوموا حتى يحين الوقت المحدد للاقتحام وبطبيعة الحال لاتكفي ذخيرتهم لمثل هذه المواجهة .
الحل الوحيد في تلك اللحظات العسيرة كان هو الصبر والتحمل ومواصلة التقدم شرقا فعلى كل حال ومهما حدث علينا أن نصل إلى تلك النقطة البعيدة قبل الخامسة فجرا.
بعد سبع ساعات من التنقل تحت النيران وصلت أخيرا تلك المجموعة المنهكة إلى نقطة الإسناد الشرقية قبل الرابعة بقليل, وكانت تلك النقطة المستهدفة تقع على مرتفعين متقاربين ومع دخول المجموعة بينهما بدأ فصل آخر من الجحيم , كان الجنود المغاربة في نقطة الإسناد يطلقون النار مباشرة صوب المجموعة فيما تكفل رشاش 23 ملم يقع في القاعدة الغربية بالرماية فوق مستوى الهضبتين وبعد وقت وجيز أصبحت الهاونات تصب حممها عند سفح الهضبتين لمنع تلك المجموعة من الانسحاب , لقد كانوا فيما يبدو يحاولون تشكيل كماشة نارية لاحتجاز تلك المجموعة حتى الصباح الذي لم يكن بعيدا.
أخيرا حانت ساعة الصفر, نظر قائد الفصيلة إلى ساعته وعند السادسة فجرا زمجر ذلك الصوت الرائع الذي يشبه دوي الرعد معلنا عن بداية المعركة, وإرتفعت أصوات تلك المحركات الصاخبة التي يحب أصحابها سماع دويها المميز ويكره الغزاة ضجيجها الصاخب ,وفي تلك اللحظة تغير الوضع تماما لقد إكتشف الغزاة متأخرين أن تلك المجموعة هي فقط جزء صغير من هجوم شامل يستهدفهم ثم تبين بشكل سريع أن الوضع أكبر مما يتصورون .
لقد كان المشهد في ذلك الفجر الرائع وكأن تلك الصحراء القاحلة ترمي بكل رفضها و ثقلها في اتجاه الحزام المغربي وعندما همت آخر فلول الظلام بالتلاشي ظهرت من بعيد طلائع المهاجمين تملأ ذلك السفح المترامي وتسد البصر,آلاف المقاتلين الصحراويين يتسابقون نحو العدو ومئات الآليات الخفيفة والمدرعة تجتاز تلك الأرض بأقصى سرعتها,لقد حان وقت سداد الدين وسيدفع هؤلاء الملاعين الثمن.
في هذه اللحظات المشحونة وقبل وصول المهاجمين بوقت وجيز حاول بعض عناصر تلك المجموعة المحاصرة إسكات ذلك الرشاش المزعج الذي كان يمنع إقتحام نقطة الإسناد, حيث تسلق ثلاثة منهم من بينهم الشهيد هدو ولد حيمودة قائد فصيلتنا الهضبة الغربية لمعاينة رماية الرشاش المغربي وتقدير مسافته , كان قائد الفصيلة ورفيقه يطلقان النار باتجاه الرشاش بينما استعد رامي القاذف الصاروخي لتسديد قذيفته وبسرعة إختلطت الأحداث, أطلقت المجموعة صاروخين في وقت متقارب وفي هذه الأثناء وصلت أولى موجات المهاجمين وكان في مقدمتهم سيارة تويوتا FG45 تحمل رشاش 23 ملم تابعة للفيلق الثاني وعلى الفور بدؤوا يطلقون النار ثم توقف الرشاش المعادي تماما عن الرماية.
أخيرا تم إسكات ذلك الرشاش المشؤوم الذي كان يطلق النيران منذ ساعات وتمكنت المجموعة مباشرة من إحتلال نقطة الإسناد, وخلال هذه اللحظات تبين أن هدو ولد حيمودة قائد فصيلتنا قد أصيب وإلتحق بركب الشهداء وبعد وقت وجيز أصيب أيضا الشهيد الشاب الولي ولد مولاي ولد الدن.
كان الفيلق الثاني يقاتل باستمرار الى جانب الفيلق الرابع طيلة الفترة التي جمعتهما في الناحية الثانية وكنا معجبين جدا بذلك الفيلق الرائع والمتمرس و نشعر بالارتياح عندما يقاتل معنا,كانوا في الحقيقة رجالا أشداء يعول عليهم وربما يكون ذلك الفيلق من أفضل التشكيلات القتالية الصحراوية خلال تلك الأيام وهم بطبيعة الحال جديرون بأن يكتب عنهم.
بعد وصول المهاجمين وبشكل مباشر دخلت الناحية الرابعة المدعمة بالكتيبتين الأولى والثانية من الفيلق الرابع من الثغرة الغربية و الناحية الثانية بما فيها الكتيبة الثالثة من الفيلق الرابع من الثغرة الوسطى والناحية الخامسة والكتيبة المختلطة من الثغرة الشرقية وتولت الدبابات والمدفعية أمر القواعد المحاذية للمعركة على الجانبين.
ومباشرة بدأ الاجتياح وإشتعلت تلك المنطقة بشكل كامل وتعالت أعمدة الدخان حتى حجبت السماء وعلى الأرض كانت مشاهد الجنود المغاربة القتلى تسد النظر, وبعد ساعة من القتال الضاري سقطت كل تلك القواعد ونقاط الإسناد واحدة تلو الأخرى وتم احتلالها بالكامل.
وعلى الفور نفذ الجنود المغاربة تلك الإستراتيجية التي يتقنونها جيدا عندما يتأكدون من الهزيمة, لقد بدؤوا بالفرار نحو أعماق الحزام حتى قبل أن يصل المهاجمون وتناسوا تماما أمر تلك المجموعة الصغيرة التي كانوا يحاولون أسرها.
بدأت عملية المطاردة والتوغل في أعماق العدو وهناك كان عشرات الجنود المغاربة يهيمون على وجوههم وأغلبهم بدون أسلحة , كان الذعر قد أنساهم أسلحتهم وتم إصطيادهم في ذلك الصباح البارد.
وبعد أن تمت السيطرة بشكل كامل على جبهة المعركة حاولت الطائرات المغربية التدخل ولكنها وبشكل مفاجئ إنخفضت الى أدني مستويات التحليق وفرت بإتجاه الشمال دون أن تصنع شيئا وعرفنا حينها أن صواريخ سام 6 التي ترعب الطيارين المغاربة قد تدخلت أيضا وهذا يعني أن تحليق الطائرات فوق تلك المنطقة غير وارد إطلاقا.
قبل مغيب شمس ذلك اليوم وأثناء جمع الغنائم لفت إنتباهنا صندوق حديدي صغير يستخدم في العادة كمخزن لذخيرة رشاش 12,7 ملم, ويستعمله الجنود المغاربة لحفظ أغراضهم الثمينة,كان قد وضع عليه قفل صغير أصفر وبعد فتحه وجدنا فيه بعض الوثائق الشخصية ورتبة عسكرية ورزمة كبيرة من الدرهم المغربي, ويبدو أن رفيقي لم يجد ما كان يبحث عنه فقد إرتسمت علامات خيبة الأمل على وجهه ثم أغلق الصندوق ورماه في شاحنة جمع الغنائم بكل بساطة, كان رفيقي يتوقع أن يجد بعض علب سجائر وينستون أو على الأقل ولاعة نستخدمها في إشعال النار,فلم تكن رزم المال المغربي تعني لنا أكثر من مجرد أوراق تحمل صور ملوك المغرب وطبعا كانت علبة من سجائر وينستون أكثر أهمية في نظر الشباب من بعض الأوراق المالية التي لم تكن تعني لنا شيئا.
في مساء ذلك اليوم كنا متعبين جدا وكالعادة جلست المجموعة حول أواني الشاي وجاء أحدهم بجهاز الراديو الوحيد في الفصيلة, والذي لا يحتاج إلى وقت للبحث عن المحطات فهو في أغلب الحالات مثبت على تردد الإذاعة الوطنية, وبعد قليل صدحت الموسيقى العسكرية معلنة تباشير النصر الجديد, ووسط الصمت والترقب قرأ المذيع البلاغ العسكري التالي:
خاض مقاتلوا جيش التحرير الشعبي الصحراوي فجر يوم الاربعاء 25 فبراير 1987 في منطقة أم لگطة قطاع الفرسية معركة ضارية من الساعة السادسة صباحا حتى الساعة الحادية عشرة,وتم احتلال جبهة طولها 30 كلم وبعد ذلك تم التوغل في أعماق العدو ومطاردة فلوله الهاربة الى مسافة 15 كلم خلف دفاعاته,حيث تم احتلال عدة مراكز قيادية كما تم تدمير البطارية الخامسة من الفرقة الثالثة للمدفعية الملكية المسلحة بمدافع 155 ملم ذاتية الحركة,وقد تمت تصفية كل المراكز واحدا بعد الآخر واحتلالها لمدة ثلاث ساعات.
وقد حاول العدو إنقاذ الموقف بالزج بأربعة نجدات متفاوتة لكن تمت مطاردتها كلها في جو من الفوضى والهلع كما حاول الاستنجاد بقواته الجوية بمختلف أنواعها دون تحقيق أي هدف,وكانت نتائج هذه المعركة كما يلي:
- تدميرالمواقع والنقاط على طول الجبهة.
- قتل 213 جنديا وضابطا غازيا.
- جرح العديد من الجنود والضباط.
- حرق وسائل العدو التالية:
- 02 مدفع ميدان عيار 155 ملم ذاتي الحركة من صنع فرنسي.
-07 دبابات SK 105 ملم.
- 09 مصفحات AML 90.
-05 ناقلات جنود مصفحة 113 M.
-06 هاونات 120 ملم .
-07 هاونات 81 ملم.
-11 هاون 60 ملم.
06 قواعد لاطلاق صواريخ من نوع DRAGON
-12 قاعدة اطلاق صواريخ MILAN.
-09 مدافع 75 ملم عديم الارتداد.
-04 SBG9.
-05 رشاشات 23 ملم.
-10 رشاشات 14,5 ملم.
-17 رشاش متوسط عيار 12,7 ملم.
- أكثر من 30 رشاشا خفيفا.
-11 مخزن للذخيرة.
-04 محطات للوقود.
-03 مخازن للمياه.
-05 شاحنات من نوع GMC
-03شاحنات OLIMONG.
-07 سيارات من نوع TOYOTA.
-08 سيارات LANDROVER.
-03 شاحنات صهريج MAGERES.
-02 رافعة MAGERES.
- أعداد ضخمة من الاسلحة الفردية والمؤن والملابس.
- بطارية 105 ملم.
-01 عربة من نوع PRASON 122 ملم.
- تحطيم رادار.
- تحطيم مركز للاشارة.
وغنم المقاتلون الصحراويون وسائل العدو ومعداته التالية:
-01 مدفع ميدان عيار 155 ملم F3 ,ذاتي الحركة.وتوابعه.
- مصفحة AML 90.
- 03 رشاشات عيار 14,5 ملم.
- رشاش عيار 23 ملم.
- هاون 120 ملم.
- مدفع 75 ملم.
- مدفع SBG 9.
- هاون 81 ملم.
-05 هاونات 60 ملم.
-09 رشاشات 12.7 ملم.
-08 رشاشات من نوع ماك.
-05 قاذفات للصواريخ RBG 7.
-06 رشاشات BKMS.
-81 بندقية من نوع فال.
-41 بندقية من نوع اكلاشينكوف.
-15 جهاز ارسال واستقبال.
-05 هواتف ميدان.
-02 بندقية مات 49.
-07 صواريخ من نوع MILAN .
-05 صواريخ م,د DRAGON.
-01 شاحنة صهريج.
-02 سيارة TOYOTA.
- شاحنة من نوع OLIMONG.
-04 سيارات LANDROVER.
- أعداد ضخمة من مواسير الاسلحة وقواعد حملها.
- أعداد ضخمة من الالغام واطنان من الذخيرة والقنابل.
- كما تم غنم ادارات كاملة تحتوي على أعداد ضخمة من الوثائق الهامة,وأطنان من المؤن والأثاث.
وأسر المقاتلون خلال هذه الملحمة البطولية 83 جنديا وضابط صف من بينهم ملازم أول يدعى: عبد الجبار محمد, قائد البطارية الخامسة من الفرقة الثالثة للمدفعية الملكية,ومن بينهم كذلك 27 ضابط صف.
وبعد نهاية البلاغ مباشرة تنفست تلك المجموعة الصعداء, لقد كانت النتائج في مستوى التضحيات التي قدمت ,وعلى ضوء القنديل الزيتي الصغير إرتسم شبح إبتسامة على وجه قائد الجماعة وهو يردد (ما يغبا دين أوراه أرجال).
وفي صباح اليوم الموالي 26 فبراير 1987 كان الصحراويون يطلقون العنان لأفراحهم في ولاية آوسرد بعد وصول أنباء هذا النصر الساحق.
ومباشرة من ميدان المعركة تم نقل الأسرى والغنائم إلى تلك الولاية التي تستعد لإحتضان الذكرى الحادية عشر لإعلان الجمهورية وتمكنت الوفود الأجنبية والصحافة الدولية المشاركة في الحدث مساء يوم 27فبراير 1987 من معاينة عشرات الأسرى وأطنان الأسلحة والذخائر التي تم الاستيلاء عليها في معركة أم لݣطة التاريخية.
وبعد أيام كان أحد الشعراء الوطنيين ينشد عبر أمواج الإذاعة الوطنية قصيدة مطلعها:
خمس وعشرين ألا أمنين..............................أكلاش أحم زنادها
جات أثلاث واثمانين .....................................أسير أمع عتادها.
بقلم حمدي ميارة


العلاقات السعودية المغربية...الوجه الآخر

Resultado de imaxes para ‫الوليد بن طلال والمغرب‬‎
سوء العلاقات السعودية المغربية لها جذور...
في قصاصة لجريدة "القدس العربي" نشرت عن سجن يوسف ولد ببانة رئيس حزب موريتاني ويحمل الجنيسة المغربية وفي القصاصة تسريب ان المخابرات المغربية حذرت يوسف من السفر الى السعودية حيث القي عليه القبض قبل شهر في مطار سعودي قبل المغادرة الى الرباط يبدو ان هناك أمرا كان مبيتا من المخابرات المغربية، وان هناك جفاء وفجوة كبيرة من عدم التنسيق بين المملكتين، المانحة السعودية والتي تستقبل الاموال المملكة المغربية.
كما أن بعض المحللين المغاربة، ذهب الى ان المغرب سيسلك طريقا بعيدا عن السعودية.!
وذهب كثير من السعوديين الى ان رفض المغرب زيارة ,ولي العهد السعودي هو اصطفاف مع قطر والذي تزامن مع تصنيف السعودية في قائمة الدول الراعية للإرهاب والتي تعمل على تبييض الاموال وأن وراء كثير من زخمه قطر مدعومة بالوشايات المغربية الأمنية، خاصة ان العلاقات والتنسيقات الامنية المغربية السعودية كانت على درجة عالية ولديه مشاركات كثيرة في تلك الاعمال جنبا الى جنب معها.
السعودية تعلم جيدا ان المغرب اصطف خوفا من الإعلام القطري وحتى هناك من تحدث عن اموال تحت الطاولة موجهة الى المغرب من طرف قطر اضافة الى تحسين صورته في الاعلام العربي والدولي والسكوت عن ما يحدث في الريف والتعتيم على القضية الصحراوية ودعم الموقف المغربي اعلاميا .
يضاف كل هذا الى امتناع المغرب عن تسليم اموال بعض الامراء السعوديين الموقوفين من طرف المملكة السعودية خاصة الامير بن طلال وهناك الحديث عن مقابل ستجنيه المملكة المغربية من ذلك وهو ما اعتبرته السعودية مؤشر بداية أزمة بدأت تتوسع كقطرة الزيت.
لا شك ايضا عن أن العلاقات السعودية الجزائرية الثابتة تؤرق العاهل المغربي خاصة بعد نجاح قمة الاوبيك التي انجحتها السعودية في الجزائر بقوة وزيارة محمد سلمان للجزائر مؤخرا.
نعتقد أن العلاقات السعودية المغربية ستنكمش كثيرا خاصة بعد الزيارات التي قام بها ولي العهد السعودي الى الهند وباكستان والصين وهي جزء من المراجعات السعودية.
ملف الصحراء الغربية لو قامت السعودية بمراجعته سيكون فاتحة لاستثمارات كبيرة في القارة الأفريقية خاصة ان القارة واعدة ومفتاحها ليس المغرب بل اصدقاء الجمهورية الصحراوية نيجيريا وجنوب افريقيا والجزائر.
ان التعويل على المغرب المعزول في المغرب العربي وأفريقيا يعتبر ضيفا او متطفلا بلطجيا وفي أوروبا التي تتفكك يتقزم اللهم الا من فرنسا التي تعيش المظاهرات الاسبوعية ويعيش جو داخلي مشحون بالانتفاضات والقلاقل والمثقل بالديون ويعاني ما يعاني، هو خطأ في السياسة السعودية وأعتقد ان مراجعة ذلك الموقف سيعود على سمعة العربية السعودية بقفزة معنوية وتعاطي كبير مع قرارات الامم المتحدة والقانون الدولي وليس اشراك الخليج العربي في جريمة الاحتلال لأراضي الجمهورية الصحراوية .
السؤال المطروح لما ذا حذرت السلطات المغربية، ولد ببانة من زيارة السعودية ، وما علاقته بملف السعودية-المغرب وهل المغرب كان يحيك أمورا ضد الامير محمد بن سلمان مع أمراء داخل السعودية ؟
أي رسالة كان يقوم بها ولد ببانة؟ وهل هناك علاقة بالأمراء الذين امتنع المغرب أن يدفع أموالهم للسعودية؟ 
والسؤال الاهم هو لماذا تم تسريب الخبر الى القدس العربي، هل هو لمسح العمل المخابراتي بولد ببانة وتبرئة المخزن واعتبر ذلك رأيا منفردا شخصيا أم لحبك خلاف بين السعودية وموريتانيا ؟ 
ويطرح التساؤل والاستفهام حول الشخصيات الموريتانية التي تتعامل مع الملفات المخابراتية المغربية وما مدى تحكم المخابرات المغربية في بعض الأحزاب الموريتانية وما تأثير ذلك على القرار السيادي الموريتاني الذي ينهجه الرئيس الموريتاني ؟
اسئلة كثيرة وكثيرة جدا حول تراكمات في العلاقات المغربية -السعودية...؟؟؟؟الخاسر الكبير هو طبعا المغرب خاصة ان السعودية تعرف اكثر من غيرها حجم المغرب الصغير وضعفه وهزاله وغروره و لن تسمح ان يستمر في النفخ في نفسه إعلاميا أمام الشاشات الاعلامية ؟؟؟
نعتقد ان تقرير العربية عن الجمهورية الصحراوية ليس الا رأس جبل الثلج وان التجمد والجليد هو المنتظر..

بقلم حمدي حمودي

السبت، 16 فبراير 2019

الفيلق الرابع ..(الجزء الثاني) معركة أزمول النيران.. اختراق الحزام.

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏سماء‏، و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏ و‏طبيعة‏‏‏
مساء الثاني عشر أكتوبر 1984 كان الصحراويون يحتفلون بالذكرى التاسعة لعيد الوحدة الوطنية التي نظمت الاحتفالات الرسمية بها في ذلك العام بولاية الداخلة وفي تلك الأيام كانت هذه الولاية مزدحمة جدا على عكس مظهرها اليوم.
وفي مخيمات اللاجئين الصحراويين كانت الاحتفالات والاستعراضات وزيارات الوفود الأجنبية الصديقة هي حديث الساعة داخل تلك الخيم التي كانت تبدو في ذلك المساء جميلة ومتناثرة وسط الظلام قبل أن تلوح من أبواب بعضها أضواء خافتة.
وفي نفس المساء كان آلاف المقاتلين الصحراويين يتحركون بحذر شديد نحو جزء محدد من الجدار الدفاعي المغربي كان قد تم إختياره قبل ذلك بعناية ليكون بداية تداعي أسطورة الجدار الأمني المغربي.
ومن مسافة غير بعيدة كانت مجموعة الاستطلاع تراقب ذلك الحزام الطويل الذي يمتد متعرجا كثعبان يغوص في الرمال.
كان الجو بارد نسبيا في وادي أسكيكيمة مكان تحشد الفيلق الرابع للمشاة الميكانيكية الذي تشارك عناصره في الحرب لأول مرة بعد سنتين من التدريب المتواصل.
لقد تم التحضير لذلك اليوم الشهير بعناية شديدة وعملت القيادة العسكرية على أن يتزامن هذا الهجوم مع تخليد ذكرى الوحدة الوطنية ولعله كان أيضا تذكير بالنصر الساحق في معركة ݣلتة زمور التي وقعت قبل ذلك بثلاث سنوات بالتحديد , لقد تم اختيار نفس اليوم الثالث عشر أكتوبر ليكون موعدا جديدا لكتابة التاريخ وسيكون هذا اليوم بعد ذلك هو بداية هجمة المغرب العربي الكبير وتحطيم ذلك الحاجز الذي كان إلى ذلك المساء يوفر الحماية للجنود الغزاة ويشد معنوياتهم الرخوة.
في تلك الليلة كان الهدوء يلف وادي أسكيكيمة بشكل غريب رغم وجود مئات المقاتلين المتأهبين على ضفافه ينتظرون ساعة الاقتحام.
كانت تلك الليلة مهمة جدا بالنسبة للمهاجمين فهم يدركون جميعا أن سمعة المقاتل الصحراوي على المحك,لقد كان هذا الجدار اللعين يقف حاجزا أمامهم منذ سنوات رغم الهجمات المستمرة التي كانت تشن على أطرافه من حين إلى آخر ورغم ذلك لم يتمكنوا من تجاوزه.
كان الجو العام مشحون بمزيج من التحدي والرغبة العارمة في إحراز نصر ساحق يعيد إلى الأذهان أمجاد گلتة زمور ولبيرات وأريدال وسيكون النصر مضاعفا لو تمكنوا من تحطيم الجدار الرملي وإقبار أسطورته إلى الأبد.
في ليلة الاستعداد للمعركة يسود وضع خاص يطبعه الترقب والحذر وأضعف الأسباب قد تؤدي إلى فقدان عامل المفاجأة وهذا يعني أن إشعال النيران ومهما كانت الأسباب ممنوع تماما, وبطبيعة الحال سيبيت المقاتلون تلك الليلة بدون عشاء ولا شاي والأنيس الوحيد في ذلك الوادي المشحون وفي تلك الأمسية ,التي عادة ما تكون طويلة هو السلاح.
يتفرغ المقاتلون في مساء اليوم الذي يسبق المعركة لصيانة أسلحتهم الفردية وتحضيرها للمعركة فلا شيء أصعب من تعطل السلاح أثناء القتال.
وفي العادة يتم تعيين عناصر المشاة الذين سيتكفلون بتأمين المهندسين المكلفين بفتح الثغرة في الحزام لتسهيل مرور الآليات أثناء المعركة ويقع على عاتق هذه المجموعة عبء المسير على الأقدام لمسافات قد تكون طويلة إضافة إلى التسلل وحماية الثغرة حتى وصول أولى طلائع المهاجمين.
كانت نقطة الانطلاق نحو المعركة من واد أسكيكيمة حوالي 20كلم تقريبا, وهذه المسافة وإن كانت طويلة بالنسبة للمشاة إلا أن ناقلات BMP1 تقطعها في وقت وجيز وخصوصا أثناء الاقتحام.
قبل غروب شمس الثاني عشر أكتوبر إجتمعت قيادة المعركة لدراسة آخر التفاصيل التي قدمتها الناحية الخامسة المكلفة بعملية دراسة القطاع وإختيار مكان نقطة الهجوم , وبعد دراسة كل المعطيات المتوفرة تم إعتماد الخطة التالية:
الناحية الخامسة والكتيبتين الأولى والثانية من الفيلق الرابع في الميمنة (الخالفة العربية).
الناحية الثانية بفيالقها المدرعة في الميسرة (الخالفة العسرية).
الناحية الثالثة والكتيبة الثالثة من الفيلق الرابع في القلب (المحرد).
وتتولى وحدات المدفعية إضافة إلى فيلق الدبابات التابع للناحية الثانية مهمة قصف القواعد التي توجد على جانبي جبهة المعركة لمنعها من نجدة القواعد المهاجمة.
وطبعا ستتكفل وحدات الدفاع الجوي بتأمين أجواء المعركة والتصدي للطيران المغربي في حالة تدخله.
وخلال هذا الاجتماع تقرر أن تتولى الكتيبتين الأولى والثانية من الفيلق الرابع اجتياح العمق ومطاردة الجنود الفارين وأسرهم وطبعا ستتولى النواحي الأخرى مهمة إحتلال وتمشيط باقي قطاعات الجبهة المستهدفة.
لقد كانت الأوامر صارمة جدا فيما يتعلق بضرورة إختراق الحزام المغربي مهما كانت النتائج.
تم تحديد ساعة الصفر الخامسة فجرا وهذا يعني في التقاليد القتالية الصحراوية أن كل المقاتلين المشاركين في المعركة وبكل عتادهم سينطلقون في وقت واحد وبأقصى سرعة ممكنة نحو مساحة محدودة هي جبهة المعركة ومهما حدث لا يمكن التراجع أبدا قبل الوصول إلى الهدف.
كان الهجوم فجرا أو طيحة الفجر علامة مسجلة باسم الصحراويين منذ زمن بعيد فقد كان أسلاف هؤلاء الرجال يستخدمون هذه الطريقة منذ عشرينيات القرن الماضي عندما كانوا يغيرون على التجريدات الفرنسية (أصنگ) في حفرة ودان وتوجنين وأم التونسي وغيرها والفارق الوحيد الآن هو نوع وحجم العتاد.
وعلى حد علمي خلال كل مراحل الحرب لم يحدث يوما أن هاجم الصحراويون فجرا وتم ردهم دون النصر.
وبالنسبة للميمنة تولى استطلاع الناحية الخامسة مهمة تحضير الثغرة وعند الخامسة فجرا زمجرت محركات ناقلات BMPثم بدأ الاقتحام.
عشرات الناقلات المدرعة والدبابات والسيارات تسير بأقصى سرعتها نحو نقطة واحدة من الجدار وبشكل سريع إختلط هدير المحركات ودوي القذائف وأزيز الرصاص وتحولت تلك المنطقة رغم الظلام إلى ساحة كبيرة تضيئها القذائف والصواريخ والقنابل الضوئية ويعلو فوقها الغبار ليحجب كل شيء.
لقد جرت العادة أن يتولى رجال الهندسة العسكرية مهمة اختيار النقطة المناسبة للعبور وتجهيزها بالمتفجرات وسينتظر هؤلاء حتى تقترب أولى طلائع المهاجمين ليفجروا تلك الثغرة وهم تحت نيران العدو.
لقد كانت وحدات الهندسة التابعة للناحية العسكرية الخامسة هي أول من تمكن من تفكيك حقول الألغام المزروعة أمام الجدار حيث تسللوا في الهزيع الأخير من الليل ودون إثارة أي ضجيج تمكنوا من الوصول إلى حقل الألغام, كانوا يسمعون بوضوح ضحكات الجنود المغاربة الذين لم يتصوروا ما كان يحدث.
زحف الرجال بحذر شديد وسط الظلام يتلمسون طريقهم بين الحجارة ولسعات نبات الجمرة الشائك داخل حقل الألغام وبعد جهد كبير تمكنوا من نزع صواعق ومفجرات الألغام المزروعة في ذلك الحقل وتركوها في مكانها وفي الليلة الموالية عادوا إلى نفس الحقل وحملوا كل الألغام التي كانوا قد نزعوا صواعقها سابقا.
كانت هذه هي المرة الأولى التي يكتشف فيها الصحراويون طريقة نزع الألغام المزروعة أمام الجدار أياما معدودة قبل بداية هجمة المغرب العربي الكبير.
بعد تفجير ثغرة العبور بوقت قصير وصلت أولى موجات المهاجمين على محور الميمنة وحدات المشاة المحمولة على سيارات لاندروفير التابعة للناحية الخامسة تصل إلى مكان الثغرة وتصطدم مباشرة بقوات العدو المدعمة بكثافة نارية كبيرة أعاقتهم عن مواصلة التقدم مؤقتا لكن وصول الناقلات المدرعة التي كان الجنود والضباط المغاربة في ذلك القطاع يرونها لأول مرة قلب كل الموازين.
كان دخول الوحدات المدرعة صاخب جدا وبدت تلك المدرعات السريعة مخيفة ساعة الفجر وهي تجتاز الحزام بكل قوة وجنازرها تمهد الأرض وتجعل منطقة ثغرة العبور سلسة أمام سيارات لاندروفير.
كانت جنازر العربات تطلق الشرر وهي تدوس على الصخور والحجارة وتقتحم بأقصى سرعتها نحو أعماق الحزام في مشهد جعل جنود العدو يفرون جماعات ووحدانا نحو المجهول وفي نفس الوقت تقريبا كانت الناحية الثانية والناحية الثالثة المدعمتين بوحدات مدرعة تجتاحان بقية جبهة المعركة.
حدث كل شيء بسرعة وكان واضحا منذ اللحظات الأولى أن حجم المفاجأة وقوة الاقتحام الذي يحدث لأول مرة منذ سنوات قد أذهل العدو وترتب على ذلك هروب أغلب الجنود الذين كانوا في النسق الأول من الحزام.
كان الظلام لازال يخيم على أرض المعركة رغم أن أضواء القذائف والصواريخ كانت تبدد الظلمة من حين لآخر وفي نفس الوقت اختلطت أصوات الأسلحة وصيحات الرجال وضجيج محركات السيارات وهدير محركات BMP1 غير المألوف بالنسبة للجنود المغاربة.
بعد تجاوز الثغرة التفت الكتيبة الثانية من الفيلق الرابع نحو اليمين لإحتلال وتدمير القاعدة وواصلت الكتيبة الأولى إقتحامها لأعماق العدو.
وعلى الفور وقعت مواجهة مباشرة بين ناقلات BMP1 المدعومة بسيارات تويوتا التي تحمل رشاشات 23 و14,5 ملم الصحراوية من جهة ودبابت SK105 ومصفحات M113 المغربية من جهة أخرى.
وبشكل سريع ومنظم بدأ الإجتياح وكانت الناقلات المدرعة تتقدم بالتناوب نحو العمق ثم تطلق النيران مستهدفة دبابات العدو وخلال كل مراحل هذا التقدم ظلت رشاشات الناحية الخامسة تصب كل نيرانها نحو تلك الأسراب التي تبعثرت بسرعة بفعل ضغط الهجوم وكثافة النيران.
لقد وجدت دبابات SK نفسها عاجزة تماما عن مضاهاة سرعة هذه الناقلات الخفيفة التي تجيد المناورة وفي أقل من ساعة حسمت معركة الأعماق وبدت تلك الدبابات المغربية فريسة سهلة أمام قواذف RBG7.
كانت هذه هي المرة الثانية التي يستخدم فيها الصحراويون بفعالية هذه الناقلات بعد معركة گلتة زمور ومنذ ذلك اليوم حفرت هذه المدرعة السريعة اسمها في تاريخ حرب الصحراء الغربية.
خلال ساعة فقط تمت السيطرة بالكامل على كل جبهة المعركة وبعد إنقشاع الظلام وإتضاح الرؤية تبين حجم الدمار الهائل الذي لحق بالجيش المغربي, وكانت مشاهد الحرائق تشتعل في كل الاتجاهات والدخان يتعالى نحو السماء ويشكل مظلة سوداء فوق تلك المنطقة والأشلاء متناثرة في كل مكان.
لقد تصادف دخول الناقلات فجرا مع هروب الجنود المغاربة من القواعد بحثا عن النجاة لكنهم في الواقع كانوا على موعد مع جنازر هذه المدرعات التي داست بعضهم أثناء المطاردة ثم تسبب الخوف الكبير والهلع البالغ والهروب العشوائي في موت العديد من الجنود المغاربة سحقا تحت جنازر ناقلات BMP , ورغم أن هذا الأمر غير مقصود ووقع كحوادث منعزلة إلا أنه ساهم بعد ذلك في نشر الرعب بين جنود العدو الذين أصبحوا يخافون من هذه الناقلات السريعة "الشيران" وفيلق الشباب الذي لا يرحم.
أثناء الانسحاب تبين أن ثغرة الناحية الخامسة بدون حماية بعد أن تركتها المجموعة المكلفة بتأمينها والتحقت بالوحدات التي تقاتل في العمق ,وقبل ذلك بوقت قصير كان قد انقطع الاتصال بناقلة قائد الفيلق التي كانت تقاتل مع الكتيبة الأولى بعيدا خلف الحزام , وبفعل الظلام ابتعدت هذه الناقلة عن الكتيبة وعند محاولتها الرجوع شاهد طاقمها مجموعة من الدبابات المغربية وعلى الفور إتجهوا نحوها ,كانت الرؤية غير واضحة خلال ذلك الصباح وظنوا أن تلك الدبابات ناقلات صحراوية وعندما إقتربوا منها وتمكنوا من تمييز الدبابات بوضوح كان الأوان قد فات للتراجع وتمت إصابتهم بصاروخ أطلق من مسافة قريبة.
وعلى الفور جرح قائد الفيلق جرحا بليغا وأصيب أيضا سائق الناقلة وأستشهد اثنان من الطاقم هما الشهيدان محمد فاظل إبراهيم أدليل وسيد أحمد آبه معط اللا.
في تلك اللحظات العصيبة ترجلت بقية المجموعة من الناقلة التي تحولت بسرعة إلى كتلة من اللهب ووجدوا أنفسهم في مواجهة كتيبة من الدبابات المعادية, ستة رجال فقط من بينهم جريحان زحفوا إلى منطقة قريبة وإستعدوا للشهادة.
لقد كانوا في وضع صعب جدا وهم يواجهون عشر دبابات SK مدعومة بعدد من السيارات التي تحمل الرشاشات, وطبعا كانوا يدركون خطورة وضعهم وبعد قليل وقعوا في الأسر.
وهؤلاء المقاتلين الستة هم: قائد الفيلق محمد ودادي,سائق الناقلة محمد المحجوب الظيف, لحبيب سامو عمار,محمد الأمين حسني بعيلا , محمد سالم بابي محمد وأحمد مماي عيناتو.
وفي هذه الأثناء كانت بعض القوات المعادية قد وصلت إلى مسافة قريبة من الثغرة وحاولت السيطرة عليها وعرقلة عملية الانسحاب لكن الكتيبة الأولى من الفيلق الرابع كانت قد وصلت أيضا إلى نفس المكان وعلى مشارف هذه الثغرة وقعت معركة ضارية إشتعلت خلالها ناقلة جنود معادية من نوع M113 وكادت أن تسد ثغرة العبور.
حاولت الكتيبة الأولى تجاوز الناقلة المشتعلة التي كانت أعمدة الدخان تتصاعد منها وترجل قائد الكتيبة وبعض المقاتلين ليتبينوا حقيقة الوضع.
وعلى الفور وجدوا أنفسهم مباشرة أمام فصيلة من الجنود المغاربة وحدث الإشتباك سريعا
ثلاثة مقاتلين صحراويين في مواجهة فصيلة مغربية كاملة,ولعلع الرصاص وإختلطت أصوات البنادق, طلقات فال ثم طلقات كلاشينكوف المتلاحقة وخلال هذه اللحظات القليلة وجد قائد الكتيبة الأولى أبا عالي حمودي نفسه أمام جندي مغربي خرج من خلف الدخان وأطلق عليه النار مباشرة على مستوى البطن.
حدثت هذه المواجهة السريعة على بعد أمتار قليلة من الكتيبة الأولى التي كانت تنتظر الأوامر وعلى الفور تولى القيادة نائب قائد الكتيبة لكهل الحافظ.
وفي هذه الأثناء وصلت الكتيبة الثانية ومباشرة أصبح صلحة ولد الراحل قائد هذه الكتيبة هو الذي يتولى قيادة الفيلق بعد تعذر الإتصال بناقلة السيطرة وإصابة قائد الكتيبة الأولى ولكنه أصيب هو الآخر بجراح على مستوى الصدر قرب الثغرة.
وقبل الانسحاب بوقت وجيز أصيب أيضا لكهل الحافظ نائب قائد الكتيبة الأولى بجراح طفيفة ومع ذلك تمكنت القوة المهاجمة من الانسحاب تحت النيران.
وفي نفس الوقت كانت الناحيتان الثانية والثالثة تنسحبان بشكل منظم بعد أن اجتاحتا القواعد المستهدفة في جهتهما من المعركة.
ورغم كل هذه الأحداث التي وقعت خلال معركة السيطرة على الثغرة كان النصر واضح جدا ولعل مشاهد الدمار والحرائق التي نشبت على طول جبهة المعركة والأسرى وحجم الغنائم التي تم إخراجها في وضح النهار وتحت النيران, دليل على قوة الهجوم الذي حدث في ذلك الفجر الدامي.
لقد دخل عامل جديد في الحرب ومعه بدأت تتشكل سمعة الفيلق الرابع الذي سيكون له شأن كبير في كل المعارك اللاحقة وحتى نهاية الحرب.
في مساء ذلك اليوم 13أكتوبر 1984 تحلق الشباب حول مذياع من نوع RADIO 10 كان قد تم غنمه في المعركة كانوا يتناولون الشاي ويشعرون بالفخر لقد أصبحوا أخيرا مقاتلين بعد طول إنتظار, وبعد وقت قصير وعلى أمواج الإذاعة الوطنية دوى صوت الموسيقى العسكرية التي كان مجرد بثها في ذلك الزمان يعني أن نصرا قد تحقق.
كان المذيع يتلو البلاغ العسكري التالي:
هاجم فجر هذا اليوم 13 أكتوبر 1984 أسود جيش التحرير الشعبي الصحراوي دفاعات العدو الغازي وتخندقاته داخل شريط جدار العار الملكي الواقع مابين وادي الخشبي وازمول النيران ,وهو الشريط الذي يشمل قواعد إسناد العدو الخامسة عشرة والسادسة عشرة والسابعة عشرة والثامنة عشر والتاسعة عشرة و حتى قاعدة الإسناد العشرين والتي هي الحد الغربي لقطاع إنتشار اللواء الملكي السابع المدرع والفيلق الملكي الثامن والعشرين للمشاة.وبعد ساعة كاملة من القتال الضاري تمكنت المفارز البطلة من قوات جيش التحرير الشعبي الصحراوي من إجتياز حزام الملك وإجتياح أربعة قواعد إسناد للعدو وراء الجدار وهي القواعد: السادسة عشرة والسابعة عشرة والثامنة عشرة والتاسعة عشرة.
وعلى الساعة الثامنة صباحا وصلت قوات جيش التحرير الصحراوي أثناء تقدمها في أعماق حزام العدو حدود ستة كلومترات وهي الحدود القصوى لعمق حزام الملك, وعلى الساعة العاشرة شرعت قوات الجيش الصحراوي في التراجع من أعماق العدو بعد إحتلال قواعد إسناده ودعمه اللوجستيكي,مدة ساعتين.
وقد ألحق أبطالنا الخسائر الثقيلة التالية بالعدو الملكي:
- تدمير 07 قواعد إسناد وقاعدتين للدعم اللوجستيكي.
- تحطيم رادارين للمسح البعيد أرض أرض.
- تدمير وحرق مالا يقل عن 13 دبابة أغلبيتها SK105, والباقي من طراز M48.
- تدمير وحرق مالا يقل عن 17 ناقلة جنود M113.
- تدمير 30 مرابض للمدفعية عيار 155 ملم.
- تدمير 08 هاونات عيار 120, و16 رشاش ثقيل عيار 14.5 و23 ملم المتعددة الفوهات.
- حرق أربعة مخازن للذخيرة والتموين والمحروقات.
- قتل حوالي 70 جنديا وضابط صف ملكي.
- جرح مالا يقل عن 210 من جنود العدو.
- أسر 10 جنود من قوات العدو من بينهم ضابط صف.
وبعد نهاية البلاغ كان يمكن تمييز علامات الرضا على وجوه تلك المجموعة الشابة رغم الإضاءة الضعيفة التي كانت تولدها بعض عيدان بوكحزة المشتعلة والتي كانت تخبو من حين لآخر وبعد صمت قصير تتم أحدهم ( ذوك أحنا....)..
إن نتائج الحروب تقاس دائما بحجم المكاسب والإنجازات المادية والمعنوية التي تحققت بعد أن ينتهي القتال وعلى هذا الأساس كانت معركة أزمول النيران فتحا مبينا بالنسبة للصحراويين وبفضل نتائجها وشجاعة الرجال الذين خاضوها تمكنت جبهة البوليساريو من تحطيم أسطورة جدار الملك وجلب الأسرى والغنائم من ورائه وتحويله إلى مقبرة للغزاة بعد أن كانوا ينتظرون منه حمايتهم.
لقد بدأت مرحلة جديدة من مراحل الحرب أطلق عليها بعد ذلك اليوم إسم هجمة المغرب العربي الكبير.
يتبع....الجزء الثالث: معركة أم لگطة.
بقلم "حمدي ميارة" 

السمين والرگييييگ قصة قصيرة للكاتب الروسي أنطوان تشيخوف (مترجمة الى الحسانية)

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏
.......
عند محطة الگارب في دشرة "نيكولايف" التگاو اثنين أصحاب : واحد سمين والثاني رگييييگ.
السمين كيفنو موفي غداه في مطعم المحطة وكانو طراريمو مزالو مدسمات من الزبدة الشيء اللي خلاهم حمر يلمعو كيف حبة الكرز (حبة كيف حب تبننة والا ازاكو).. وكان ملان من ريحة الليتشين والخمر.
الرگيييگ كيفنو گظ من الگارب رافد ياسر من لباليز والخيوط المعگدين وصناديگ لخشب وكان لباسو ملان من ريحة لحم الخنزير والقهوة.
ظهرت من وراه امرأة رگيييگة عظم لحيتها متگدم حتى.. مولاة خيمتو.. وحذاها طفيل في سن المدرسة عينيه صغيرات.. ولدو.
- بورفيري- ... أزكى السمين عند منين شاف الرگيييگ... هذا انت يا صاحبي... مذا عاد لي عنك.
- يارجال لبلاد... قال الرگيييگ متعجب.. "ميشا".. صويحب الصغر .. أنت أخبارك؟
كلهم حب الثاني اثلت مرات ووقفوا كلهم يخرص
صاحبو وعينيهم ملانات من الدموع متعجبين من ذا الملگى ..
عاقب شووي قال الرگيييگ ..
- هذا ملگى عجيب.. خرصني قاااع.. مزلت الا بذيك الشعرة وذيك الشوفة الزينة مزالت الا بحالتها.
ايوة ردي عليا لخبار.. عت مولا دنيا؟... تخيمت؟
أنا متخيم كيف تراعي هذي مولاة خيمتي .. اسمها "لويزا فانتسنباخ".. مديينة على طريقة اللوثريين.
وهذا ولدي "نافانايل" في القسم الثالث.
التفت على لمراة والطفل وگال لهم :
هذا صاحبي في الصغر "ناثان" گرينا فبلد في المدرسة.
خمم نافانيل اشووي وگلع قفارتو (وردها كيف نوع من السلام).
- گرينا فبلد - كمل الرگيييگ- حاجلك تبعريصك ولعگتك في المدرسة؟
حاجلك منين كانوا يفگعوك باسم"هيوستراتوس" بيك حرگت سجل الحضور والغياب بطفية الگارو وعني انا كانوا مسمييني "ايفيالت" بيا النميمة... هههههه.. كنا شي من ليشاشرة ذاك الوقت.
مانك خايف يا نافانايل تعالا... هذي عيالي لويزا فانتسنباخ..
عاقب شووي من السكات تخزن نافانايل وراء ظهر بوه.
- ايوة گولي كيفاش عايش يا صاحبي- قال السمين فرحان وهو يخرص صاحبو.. آمنين وخظت الخدمة العسكرية؟ واياك جبرت وظيفة؟
-حق وخظتها وگبظت رتبة عسكرية بسيطة وعندي وسام يغير لخلاص ضعيييف حتى .. ماهو شيء مهم ..
عيالي تعطي دروس في الموسيقى وانا نعدل صناديگ لسيكاريت من الخشب .. الصندوگ بروبل يغير منين يقبگظ حد عشرة نعاونو.. كيف تعرف.. يغير انا محول لاهي تعود الشغلة هون.
- ايوة أنت شعدلت.. رد عليا لخبار .. عت ضابط دولة؟؟
- لا ياعزيزي .. فوق ذاك اشوي.. أنا وصلت لدرجة "السر" واظريك مستشار خاص ومعلق نجمتين.
ألا سمعها الرگيييگ وجا وجهو متبدل ومرگو الدم و بگى وجهو كيف شيء معدل من لحجار وكل بلد من وجهو متعوج شور جهة وعلى فمو تبسيمة كبييرة والطشاش يطاير من عينيه المبلوزات.. هو نفسو كان يتدحرج؛ يدخل منو شيء فشيء مع صناديگو واحبالو المعقدين ومسايلو اللي فوگ ظهرو.
حتى عيالو عاد عظم لحيتها اطول من اللي كان، نافانايل صد هوك وگام يگفل مگافيل تشكيطتو كاملات اللي كانت مفتوحة.
قال الرگيييگ:
-سعادتكم .. أنا فرحان حتى عني جبرت حد نگد نگول عنو كان صاحبي على الصغر واظريك تبارك الله فذي المكانة الكبيرة.
- لا - قالو السمين - ذيك الصحبة من زمن الصغر .. يغير اعلاه ذا الترسمي گاع.
- ألا اسمحنا حگ الله.. هذا ياسر من جودك عنك مهتم بنا - گال الرگيييگ- وهو يروز عنو يگولها مع ظحكة ماهي گادة تصلح لو..
وبلا موجب گال:
- سعادتكم هذا ولدي نافانايل وهذي عيالي لويزا.
السمين راز عنو يمنعو عن ذا ويخفف عن صاحبو يغير على وجه الرگيييگ كان مكتوب ياسر من الرهبة والحلاوة والاحماض المحترمة (فبلد) اللي حس المستشار الخاص السمين عنو باغي يگذفها...
صد عن صاحبو الهيه ومد لو ايدو.
الرگيييگ سلم بثلت اصباع بالعجلة ودنكس بجسمو كااامل وهو يظحك ظحكة مكتومة .. اههههههه.. - كيف ظحك الصينين - وتبسمت عيالو وتخلطوا كرعين نافانايل وطاحت قفارتو.. كانوا كاملين منخلعين.
..........
مابين القوسين ليس في النص الأصلي.
الصورة لتمثال يخلد هذه القصة القصيرة مقام في مدينة تاغانروغ
بقلم د.غالي الزبير

تعيين رمطان لعمامرة لمنصب المستشار الدبلوماسي للرئيس الجزائري برتبة وزير يثير الرعب في المغرب

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٩‏ أشخاص‏، و‏‏‏أشخاص يقفون‏ و‏بدلة‏‏‏‏
تعيين رمطان لعمامرة لمنصب المستشار الدبلوماسي للرئيس الجزائري برتبة وزير يثير الرعب في المغرب
أثار تعيين وزير الخارجية الجزائري السابق الدبلوماسي المحنك رمطان لعمامرة لمنصب المستشار الدبلوماسي للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة برتبة وزير دولة، الرعب داخل الأوساط المغربية ونظام المخزن التوسعي.
حيث وصفت الصحف المغربية عودة رمطان لعمامرة لدوائر صنع القرار بأنه "رمز للعداء للمغرب"، هذا التعيين الصادم الذي لم تهضمه الرباط بعد الدور الهام الذي لعبه رمطان لعمامرة عندما كان على رأس مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي بين 2008 و 2013.
ووصفت الصحافة المغربية عودة المستشار الدبلوماسي للرئيس بوتفليقة، بأنه علامة جديدة على تطرف مواقف الجزائر ضد المغرب، التي توترت بشكل خاص تحت رئاسته للخارجية.
هذا الهجوم من طرف المخزن لم يطل فقط الرئيس السابق للدبلوماسية الجزائرية، ولكن أيضا عبد القادر مساهل، الذي تعرض هو الآخر لهجوم مسعور من قبل وسائل الإعلام الموالية للمخزن، بعد تصريحه بأن المغرب أول دولة مصدرة للمخدرات في العالم.
وتأتي هذه الحملة المسعورة من طرف صحافة المخزن على الدبلوماسي المخضرم رمطان لعمامر، في توقيت يعاني فيه النظام المغربي التوسعي من عزلة دولية وأزمات دبلوماسية مع أقرب حلفائه خاصة في الخليج وتحديدا السعودية.
تحرير ومتابعة لحبيب رشيد

الصحراء الغربية والغرب الاستعماري



يحيى ولد أحمدو
يحيى ولد أحمدو
تشهد قضية الصحراء الغربية من بداية السنة الماضية حراكا متسارعا في كل مساراتها يؤكد توجها عاما إلى إكمال مسلسل تصفية الاستعمار بآخر مستعمرة افريقية،

ففي حين يزداد موقف الاتحاد الإفريقي يوما بعد يوم قوة ووضوحا ويحاول المغرب الذي عاد مؤخرا إلى هذا المنتظم الإفريقي التهرب من قراراته الداعمة لحقوق الدولة الصحراوية العضو المؤسس له  قائلا أن القضية بيد الأمم المتحدة وانه على الاتحاد الإفريقي تركها هناك ويجلس بكل هدوء الى جانب الدولة الصحراوية معترفا بالامر الواقع في كل عواصم العالم من آديس وابيدجان حتى طوكيو وابريكسل فإن  الانظار تتجه الى الامم المتحدة من جديد و التي في اجندتها للشهرين المقبلين جلسات مهمة منها جلسة ثانية من المفاوضات المباشرة بين الطرفين الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب والمغرب بحضور البلدين الجارين موريتانيا والجزائر وستكون هذه الجلسة حاسمة لانها سترسم الخطوط العريضة للتقرير الذي سيقدمه الامين العام للامم المتحدة لمجلس الامن اواخر شهر ابريل المقبل حول آفاق حل  النزاع.

كانت الجلسة الاولى من المفاوضات المباشرة الجديدة التي عقدت يومي ٥-٦ من ديسمبر الماضي مقبولة بالنسبة للأطراف عموما وذلك لانها تاتي بعد سبع سنوات من توقف المفاوضات  ،ولكنها لم تقدم كثيرا لانها بالنسبة للثمانيني الألماني الذي يقود المفاوضات والخبير بالملف كانت كتعارف ونقاش مفتوح سيضبط من خلاله ساعته على ما هو مفيد حيث صرح في نهايتها إن الحل ممكن وليس مستحيل وانه سيواصل المفاوضات .

لقد نجح فعلا في الجولة الاولى من المفاوضات التي بدات متوترة خاصة بالنسبة للطرف المغربي الذي حاول التدخل فيما يتعلق بالجلسة وشكل الطاولة  ومن يبدا اولا بالكلام الى غير ذلك من الشكليات ثم محاولة المغالطات في مداخلته ولكن كل تلك الشكليات تم تجاوزها بسرعة لان طريقة تسيير الجلسة كانت واضحة وجدية ، صحيح أن اهم نتيجة خرجت بها تلك الجولة التي دامت يومين كانت موافقة الطرفين على العودة بسرعة الى جولة جديدة بدون قيد او شرط ينتظر أن تؤدي الى  إجراءات عملية لبناء الثقة وبدء مسلسل الاستفتاء الذي ظل مطلبا أمميا لحل هذا النزاع .

من الواضح أن سر قوة الطرح الصحراوي هو وضوحه وشرعيته التي لا غبار عليها والتي تكسب المزيد من الدعم والتضامن بمرور الزمن الشيئ الذي جعل المغرب يزداد عزلة ويدفع فاتورة أكبر لحفظ ماء وجهه داخليا وخارجيا ففي حين تزداد عسكرة الشوارع في العيون والداخلة والسمارة وبوجدور وترتفع وتيرة القمع والتنكيل ويزداد عدد سجناء القضية في السجون المغربية الذين يدخلونها بدون محاكمة واحيانا انطلاقا من محكمة عسكرية بالاضافة الى اغلاق الإقليم أمام الصحافة ومنظمات حقوق الانسان الدولية الأمر الذي يزيد صورة النظام المغربي  قتامة وما التقرير الأخير لمنظمة هيومن رايتس ووتش  منا ببعيد، ويزداد الاحتقان والتمرد داخل الشباب الصحراوي في المناطق المحتلة مما يهدد بانفجار كبير بدأت ارهاصاته مع حرق الشهيد احمد سالم لمغيمظ لنفسه أمام معبر الگرگرات حيث لفظ انفاسه الاخيرة بمصحة بالدار البيضاء نتيجة الاهمال قبل اسبوع ، في هذا الجو  المحتقن جدا فيما يتعلق بالصحراء الغربية بدون الخوض في مشاكل المغرب الداخلية الطارئة  والمزمنة تزداد عزلة الرباط خارجيا حيث بدأ العالم العربي خاصة الخليج العربي  يعيد النظر في دعمه للمغرب في قضية الصحراء الغربية فقد شهدت الاسابيع الماضية حملة إعلامية كبيرة قادتها شخصيات سياسية واعلامية سعودية مشكورة بهدف التعريف بالقضية الصحراوية وضرورة حلها وانهاء معاناة الشعب الصحراوي وبالمناسبة فهناك شخصيات سعودية كبيرة تعمل في مجال العمل الخيري تربطها علاقات دعم ومساندة بالشعب الصحراوي وتزوره وتقدم له الدعم منذو سنوات.

  كما كان قرار  المحكمة الأوروبية الذي اعتبر وجود المغرب في الصحراء الغربية غير شرعي  وبالتالي لا يمكنه التصرف في خيراتها، بمثابة ضربة قوية للمغرب حيث أدت إلى عرقلة التوقيع على اتفاقيات الصيد التي تشمل مياه الصحراء الغربية ثلاث سنوات بعدما كانت قبل ٢٠١٥ توقع في خمس دقائق مما يوحي بوعي دولي متزايد وحصل نفس الشيء في الجلسة الأممية السنوية التي كانت تخصص لتجديد عهدة البعثة الأممية للاستفتاء في الصحراء الغربية حيث كان مجلس الأمن يجتمع أحيانا لمدة ربع ساعة كل سنة لتجديد عهدة  البعثة الأممية للاستفتاء في الصحراء الغربية التي وصلت الإقليم منذ سبعة وعشرين عاما وكان مقررا أن تنهي مهمتها في سنتين ، ومن ٢٠١٥ أصبحت جلسات طويلة ومتعبة للمغرب تتطلب منه صرف الكثير من المال من اجل ان تمر الجلسة بسلام ومنذ أبريل الماضي أصبحت شاقة جدا حيث  تطلب القرار اربع جلسات و تجديد للبعثة لمدة ستة أشهر فقط مع الكثير من الحث على ضرورة التقدم في حل يضمن للشعب الصحراوي حقه في تقرير مصيره .

كل هذا العمل السياسي والدبلوماسي والحقوقي الذي قام به الصحراويون سلط مزيدا من الضوء على القوى الأوروبية التي تقف خلف المغرب بهدف نهب خيرات الشعب العربي الافريقي الصحراوي و جعل الصحراويين في هذه الفترة من التاريخ مباشرة وجها لوجه مع الغرب الاستعماري الذي  تقوده فرنسا وإسبانيا اللتين فُرض عليهما الكشف عن وجهيهما القبيحين بدون مساحيق وشعارات الحرية والعدل والديمقراطية  في كل المنابر الدولية وكان قرار البرلمان الأوروبي الأخير بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس ففي الوقت الذي أصدرت فيه محكمة العدل الأوروبية قرارا واضحا بعدم شرعية الاتفاقية التجارية مع المغرب   لاحتوائها على مياه وأراضي وأجواء الصحراء الغربية يوافق البرلمان الاوربي في تحدي سافر لكل قيم القانون الأوروبي والدولي ، طبعا الصحراويون رفضوا الاتفاق وباشروا بإجراءات الطعن فيه .

من نافلة القول فإن قرار المحكمة الأوروبية يستند على قرارات محكمة العدل الدولية في أكتوبر ١٩٧٥ الذي اعتبر أن الشعب هو سيد أرضه وانه لم يكن يوما تابعا لاي احد ، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة التي تعتبر الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب هي الممثل الشرعي  والوحيد للشعب الصحراوي وتطالب بإجراء استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي .

لا شك أن القوى العظمى منقسمة حول القضية الصحراوية الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين تدعم جهود المبعوث الألماني وتطالب بتسريع وتيرة عمل البعثة الاممية من اجل إيجاد حل يضمن للشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير، وفي جانب المغرب وتعنته تقف فرنسا واسبانيا المستعمرة السابقة للإقليم، و مع بروز وتزايد القوى المطالبة بتسريع وتيرة الحل وإنهاء معاناة الشعب الصحراوي  و التفاف هذا الأخير حول قائدة كفاحه الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ونضاله الشرس من أجل استقلاله وعدم قبوله لمزيد من التسويف و المماطلات من الأمم المتحدة والقوى الاستعمارية التي تستغلها لنهب خيرات الشعب الصحراوي، فإن المنطقة قد تعرف توترات بالغة الخطورة إذاء لم يبادر المجتمع الدولي الى انصاف الشعب الصحراوي .
 فكما يقول الفيلسوف الهولندي اسبينوزا "إن غياب الحرب لا يعني  السلام".

الاثنين، 11 فبراير 2019

نافذة مواطن أشقاء من ورق!

ينقسم مفهوم التآخي إلى شقين؛ أولهما إخاء حقيقي مبني على المحبة والعهود والإخلاص والوفاء والفداء والإيثار والبذل والعطاء، وثانيها زائف مبني على الاستغلال والانتفاع والاستئثار والخسة والغدر وينتهي بانتهاء المنافع وأسباب نشأتها وظروفها، فالأول تنصهر فيه المشاعر لتشع بنبلها ومروءتها وشهامتها وهو ما يزيدها رونقاً وعمقًا وعلوًا وتماسكًا وقوة لتمتد أبد الحياة، والثاني تنحصر فيه مصالح شخصية نفعية تخدعك بزيفها ونفاقها وتملقها وضبابيتها وتلونها وتبديل جلدها دون خجل أو حسرة وتنكشف لك مع أول هزة فتلقيها بعد أن تعتبر في سلة المهملات.
وبما أننا نعيش زمن سقوط الأقنعة واهتزاز المواقف السياسية في أيامنا هذه، لنتجاوز معاً مفهومنا المحدود عن العلاقات الفردية ولنسقط هذا التآخي بمعانيه السامية على حال علاقاتنا مع بعض "الدول العربية الشقيقة"، والتي لا تختلف علاقاتنا بها بطبيعتها عن أخلاقيات التآخي الفردية إلا أن شموليتها أكبر، فهي تقوم على المصالح الثنائية والدولية وتبادل الاستثمارات التنموية والحيوية، والاسهام بشكل مباشر وغير مباشر في دعم استقرار الدول، وإنعاش اقتصادات المتأخرة منها، وبناء قدرات الدفاع المشترك لمواجهة الأخطار الخارجية وكثير من المقومات والعوامل المشتركة، وإذا فتشنا اليوم بين كل هذه المفاهيم عن مقومات العلاقات الحقيقية وعن مواقف مشرفة من بعض "أشقائنا الورقيين" لن نجد إلا القليل منها حيث إننا قد أصبحنا كمن يبحث عن موقف مشرف وسط كومة من عار المواقف، حيث لم نجد من بعض هذه الحكومات إلا الجحود والنكران وتطاولات بائسة من جموع محتقنة انهكتها الكراهية والأحقاد، فكيف لنا أن نتعامل مع من يتطاول علينا وينشد هلاكنا ويفرح بمصابنا ويحرض على استهدافنا ويتآمر على قادتنا رغم أننا من حماه من عواصف الانهيار.
إن إعادة التفكير جدياً بمصير علاقاتنا مع دول تخندقت دون خجل مع خصومنا رغم دعمنا التاريخي لها في المحافل الإقليمية والدولية على حساب قضايانا الجوهرية إيمانًا منا بما يجمعنا معها من قواسم أخوية وعربية وإسلامية مشتركة، آن له أن يعاد تقييمه، فمثل هذه العلاقات غير المجدية أثقلت كاهلنا على حساب مصالحنا الوطنية العليا، ما يستوجب منا عدم التغاضي عن طعنات من أنكروا خير بلادنا ومن جحدوا فضلها وتخندقوا ضدها وأساءوا لها زوراً وبهتاناً، فمثلهم لا يستحق إلا المعاملة بالمثل لكننا نسمو بأخلاقنا ونترفع عن هذه الأفعال، وليكن من مبدأ تحقيق المصالح والمنافع المتبادلة بدلاً من أن نعاملهم بمفهوم "الجمعيات الخيرية" أو بمجاملات "حب الخشوم"، ولنحرق كل الأوراق الملطخة صفحاتها بأحبار العار ولنحتفظ بمن سطر معنا صفحاته الناصعة بأسمى المواقف الشجاعة وأبى إلا أن يقف معنا كتفاً بكتف على خط النار.
بقلم إبراهيم السليمان

نتيجة بحث الصور عن محمد السادس و قطر

السبت، 9 فبراير 2019

الفيلق الرابع...الجزء الاول


ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏شخص أو أكثر‏، و‏‏سماء‏، و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏ و‏طبيعة‏‏‏
التحضير لإختراق الجدار وتكوين الفيلق الرابع
مع بداية الثمانيات كانت الحرب في الصحراء الغربية تدور بشكل متسارع,وكانت جبهة البوليساريو قد أطلقت قبل ذلك, وبالضبط في 19 يناير 1979 هجمة الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين, وهذه المرحلة تم تدشينها بمعركة لمسائل التاريخية.
خلال سنة 1979 بلغت قوة البوليساريو العسكرية أوجها,حيث تجاوز عدد المقاتلين الصحراويين حاجز العشرين ألف مقاتل,حسب كتاب " الحرب والعصيان في الصحراء الغربية"، الصادرعن معهد الدراسات الاستراتيجية، التابع للجيش الأمريكي. وبعد توقيع وقف اطلاق النار مع موريتانيا تفرغ كل هاؤلاء المقاتلين لمواجهة الجيش المغربي,وشهدت السنوات اللاحقة تسجيل انتصارات باهرة على كل الجبهات.
خلال السنوات من 1979 الى 1983,كان المقاتلون الصحراويون يضربون في كل الاتجاهات,
تم استرجاع مدينة السمارة وتحرير 750 مواطنا صحراويا ,وتم اجتياح لبيرات ,التي سميت بعد ذلك بمقبرة الدبابات ,اضافة الى النصر الساحق في كلتة زمور التي احتلها الجيش الصحراوي, وتمكن من اسر 235 جنديا مغربيا واسقاط 5 طائرات عسكرية .
ومع اشتداد ضغط الجيش الصحراوي وفشل حملات أحد والزلاقة و ايمان, والهزائم المنكرة التي لحقت بالجيش المغربي ,في معارك جبال الوركزيز والدمار الهائل الذي أصاب الاقتصاد المغربي بفعل خسائر الحرب.
وتحت وطأة الهجمات اليومية التي ينفذها المقاتلون الصحراويون , لجأ الحسن الثاني وحلفاؤه الى فكرة بناء جدار عازل,على شاكلة خط بارليف الاسرائيلي ,لحماية قواته والسيطرة على الأقل على مثلث: العيون,السمارة,بوكراع.
وعلى هذا الأساس بدأت مراحل بناء الجدار العازل,بدءا بالجدار الأول الذي بدأ العمل فيه في شهر أغسطس 1980 واستمر حتى يوليو 1982 والذي يحيط ب"المثلث المفيد" العيون، السمارة ومناجم الفوسفات في بوكراع ,ويمتد هذا الجدار على مسافة: 500 كم.
وتواصل الجهد الحربي المغربي في بناء الأحزمة,حيث انطلق العمل في الجدار الثاني في ديسمبر 1983 واستمر حتى يناير 1984 ,وأحاط بمنطقة آمكالا على مسافة 300 كلم.
ومنذ بداية بناء الاحزمة الدفاعية,شهد الصراع نوعا آخر من المواجهة ,سيعرف لاحقا باسم حرب الاستنزاف,وخلال هذه الفترة ركز الصحراويون على استنزاف الجهد الحربي المغربي طيلة مرحلة بناء الجدران.
وبالنسبة لبناء الجدار العازل كان الجيش المغربي يحشد عشرات الالاف من الجنود,المزودين بالاليات المدرعة والسيارات والشاحنات,وحتى الجرافات ليتمكن من مواصلة عملية الحفر,
وعلى كل حال كانت عملية بناء الجدار صعبة جدا ومكلفة كثيرا بالنسبة للمغرب,وكان الجيش المكلف بحراسة آليات الحفر يعاني الأمرين, بفعل الهجمات المباغتة والكمائن وحقول الألغام التي تزرع في طريق الجرافات والمهندسين,ومع ذلك شكل هذا الجدار بعد نهايته تحديا بالنسبة لجبهة البوليساريو,فالارض لم تعد مفتوحة,والحسن الثاني يتباهى بالحزام الذي سيحمي جنوده ويوقف هجمات البوليساريو المكلفة,ومع مرور الوقت أصبح الخبراء العسكريون المغاربة والغربيون يعتقدون أن الأمرقد حسم,وأن البوليساريو لن تتمكن من تجاوز هذا الجدار المجهز بكل آلات الدمار.
في ظل كل هذه المتغيرات بدأت جبهة البوليساريو ,تدرس كل الاحتمالات التي قد تمكنها من اختراق الجدار المغربي والدخول في مرحلة جديدة من الحرب .
وعلى هذا الأساس قررت القيادة العسكرية تكوين فيلق خاص,سيكون هو رأس الحربة خلال المعارك القادمة.
تم الاتفاق على ضرورة تشكيل فيلق من الشباب المتعلم ,واخضاعه لأعلى أنواع التدريب العسكري ,وهكذا تم جمع الفيلق في مدرسة الشهيد الولي العسكرية ( المقاطعة السادسة) في بداية اكتوبرسنة 1982, وتكون الفيلق من الطلبة الذين كانوا يدرسون في الجزائر و ليبيا و كوبا,اضافة الى مجموعات من الاشبال من مدرسة 12 أكتوبر الوطنية.
لقد كانت إلتحاقات الشباب الصحراوي بالجيش، أمرا مألوفا ويشكل دافعا ودعما للمقاتلين، وعلى هذا الاساس تم اعتماد شعار “شباب مقدام لتحطيم الحزام ”.
وبطبيعة الحال التحق شباب كثر بالقتال منذ فجر الثورة,لكن الفيلق الرابع كان,على حد علمي, أول تشكيلة عسكرية من هذا الحجم تلتحق بشكل كامل بجبهات القتال.
أولى مراحل التدريب قضاها الفيلق في المقاطعة السادسة,واستمرت لمدة خمسة أشهر,وتركز التدريب خلالها على فترة الأساس والتحضير البدني.
وفي أواخر شهر فبراير سنة 1983, تم نقل الفيلق في حدود الساعة السادسة فجرا, على متن شاحنات عسكرية, دون أن يعلموا وجهتهم,وبعد ساعات كانت الطائرات, تحلق بالجميع نحو ليبيا.
بعد قضاء أسبوع من الراحة في معسكر 07 أبريل ضواحي مدينة طرابلس,توجهت الدفعة نحو الشرق.
كان جميع أعضاء الفيلق يدركون أن التدريب هذه المرة سيكون ذات طابع خاص,ولكن أكبر المتشائمين لم يتوقع أبدا نوع التدريب المنتظر.
بعد وصول الدفعة الى مشارف مدينة بنغازي,توقفت الحافلات أمام مبنى كبير,كتب على مدخله: معسكر بوعطني لقوات الصاعقة.
كان المعسكر محروس بشكل مبالغ فيه وقسمات الجنود والضباط التي تبدو من خلف زجاج الحافلات توحي بصرامة كبيرة.
بعد تجاوز البوابة الرئيسية تقع عيناك مباشرة على لوحة ضخمة مكتوب عليها بخط عريض: التضحية ب 25% من أجل اصلاح البقية.
وكان هذا الشعار وحده كافيا ليفهم الجميع معنى تدريب قوات الصاعقة.
كانت ليبيا,أو الجماهيرية,كما يحلو للمرحوم القذافي تسميتها, متقدمة جدا في تلك السنوات على سلم أصدقاء الشعب الصحراوي,قبل أن يغدر بنا العقيد ويوقع اتفاقية الاتحاد الافريقي-العربي مع الحسن الثاني في وجدة ,شهرأغسطس 1984,والتي تخلت ليبيا بموجبها عن دعمها لجبهة البوليساريو, وتشاء الأقدار أن يحطم هذا الفيلق الذي تم تدريبه في ليبيا ,أسطورة الأحزمة الدفاعية المغربية بعد شهرين من توقيع هذه الاتفاقية, ومع ذلك لازال الصحراويون,على المستوى الشعبي على الأقل, يحتفظون بتقدير كبير للدعم السخي الذي قدمته ليبيا للقضية الصحراوية تحت قيادة العقيد القذافي.
بعد وصول دفعة الشباب الصحراوي الى معسكر بوعطني,بدأت بشكل سريع الفترة التمهيدية التي كانت رغم صعوبتها,كمن يقضي عطلة في ولاية الداخلة, مقارنة بالتدريب الخاص بقوات الصاعقة.
فيما يتعلق بقوات الصاعقة,وفي كل دول العالم,يشترط في الجندي,أن يكون شابا ,وان يتمتع بلياقة بدنية عالية,وبالتأكيد سيتم رفض كل من لايتمتع بهذه الصفات.
فترة التدريب كانت جحيما لا يطاق,حيث أن المنتسب لفترة الصاعقة يتعرض لأقسى أنواع المعاملة بما في ذلك حصص خاصة, يتم فيها ضرب المتدربين بالأسلاك الكهربائية وهم يخوضون موانع مملوءة بالطين,اضافة الى فترات القتال المتلاحم والمسير الطويل,ويبقى يوم التعايش هو أشد التدريبات مرارة,حيث يرغم الجميع على إلتهام الحشرات والزواحف والضفادع وهي حية.
لن أتوسع كثيرا في شرح تفاصيل التدريب, رغم أنني لا أعتبر الموضوع سرا,خصوصا بعد مرور ستة وثلاثين عاما على هذه الأحداث.
خلال كل هذه التدريبات كان عدد الفيلق 206 من الشباب الصحراويين المؤهلين جسديا ونفسيا لتجاوز كل هذه التفاصيل.
وبعد نهاية التدريب عاد الفيلق الى مدرسة الشهيد الولي وتواصلت عملية التأهيل العسكري والتدريب على استخدام السلاح.
وفي بدية سنة 1984 توجه الفيلق الى قاعدة الشهيد هداد للتدريب على سلاح المدرعات.
وخلال هذه الفترة ألحق بالفيلق مجموعة من الاطارات, اضافة الى أطقم الناقلات الأساسية ,وهاؤلاء تم اختيارهم بعناية من مختلف النواحي العسكرية.
في نهاية فترة التدريب الخاصة بالمدرعات,تم توزيع الفيلق الى ثلاثة كتائب قتالية.
وتم تعيين القيادة العسكرية على الشكل التالي:
قائد الفيلق: محمد ودادي.
الكتيبة الالى بقيادة أبا عالي حمودي,ونائبه لكهل ولد الحافظ.
الكتيبة الثانية بقيادة صلحة الراحل,ونائبه محمد ننات.
الكتيبة الثالثة بقيادة مولود أحمد حمة,ونائبه الشهيد سلمتو ولد مليكة.
ومع بداية شهراكتوبر سنة 1984 توجه الفيلق نحو منطقة لعكد.
أغلب الشباب كانوا مزهوين لكونهم أخيرا أصبحوا مقاتلين,وهم الى ذلك الوقت لم يشاركوا في أي قتال حقيقي.
كانت صفة مقاتل في تلك الأيام تعني الكثير بالنسبة للرجال,وفي كثير من الأحيان كنا متعجرفين جدا في تعاملنا مع الرجال المدنيين في المخيمات أثناء العطل التي كنا نستفيد منها من حين لآخر.
وكان بعض الرفاق يمزح عندما يتناولون الشاي مساءا على ضوء جمرات تخبو أكثر مما تشتعل,حول بطولات شاهدها في بعض أفلام الأكشن الهندية التي كانت رائجة بين الطلبة في الثمانينات.
وعلى كل حال كان حماس الشباب,والرغبة في التجربة,والتباهي بكونهم أصبحوا مقاتلين, تدفع هذه المجموعة الى موعد مع التاريخ.
خلال كل سنوات الحرب التي سبقت ذلك لم تستخدم البوليساريو المدرعات إلا مرة واحدة, وكان ذلك في معركة الگلتة التاريخية في 13 أكتوبر1981,حيث شاركت وحدات من ناقلات 1bmb وعربات btr وكاسكافيل في القتال لأول مرة, وقبل ذلك تم خوض كل المعارك العسكرية باستخدام سيارات لاندروفير المكشوفة وبعض سيارات تويوتا fg45 التي كانت في الغالب تحمل الرشاشات الثقيلة.
كانت مرحلة أخرى من الحرب على وشك أن تبدأ,بعد ثلاث سنوات بالضبط من النصر الساحق في معركة الگلتة, وفي يوم 12 اكتوبر, ودون أن ينتبه العدو ,تحرك الفيلق الرابع للمشاة الميكانيكة نحو نقطة كان قد تم اختيارها بعناية أياما قبل ذلك.
عشرات العربات المجنزرة تنساب بهدوء نحو الغرب,ومئات الشباب الذين يتقدون حماسة والمدربين على أعلى مستوى يستعدون لكتابة التاريخ.
كانت القيادة العسكرية تدرك ,رغم صعوبة التحدي,أنه قد آن الأوان لجني ثمار سنوات من التدريب والتخطيط والصبر.. لقد حانت ساعة اختراق الحزام المغربي لأول مرة.
يتبع...... الجزء الثاني: هجمة المغرب العربي الكبير..معركة أزمول النيران

بقلم "حمدي ميارة" 

الجمعة، 8 فبراير 2019

الجزائر وفلسطين.. والثورة!

Resultado de imagen de ‫صالح القلاب‬‎
صالح القلاب

عندما انطلقت الثورة الجزائرية في عام 1954 كان أهم قرار لها أنها منعت إنشاء أي حركة أخرى غيرها، وكانت في أحيان كثيرة قد لجأت إلى القوة الرادعة بالفعل لمنع ظهور أي قوة منافسة لها وهذا بقي متواصلاً ومستمراً حتى الانتصار في عام 1962، حيث ما لبث رئيس أركان قوات هذه الثورة المظفرة هواري بومدين أنْ أقصى أحمد بن بلا ووضعه في السجن لفترة طويلة وحصر السلطة والحكم بكبار ضباط جيش التحرير منذ ذلك الحين وحتى الآن، مما مكَّن هذا البلد من الصمود في وجه كل المحاولات التقسيمية والانشطارية التي تعرضت لها الجزائر.
على أي حال أن المقصود هنا هو أن الثورة الفلسطينية لدى انطلاقها في عام 1965، بقيادة حركة "فتح"، لم تأخذ بالتجربة الجزائرية وتركت الأبواب مفتوحة لكل من أراد أن يكون له تنظيمه الخاص، وهكذا فقد لجأت حركة القوميين العرب بقيادة الدكتور جورج حبش إلى حل نفسها لحساب إنشاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي ما لبثت أن أصيبت بداء التشرذم والانشطار، فأصبحت هناك الجبهة الديموقراطية بقيادة نايف حواتمه، والجبهة الثورية بقيادة (أبوشهاب) العراقي، وجبهة النضال الفلسطيني والجبهة الشعبية –القيادة العامة- بقيادة أحمد جبريل، ثم بعد ذلك شكل البعثيون في سورية طلائع حرب التحرير الشعبية -قوات الصاعقة-، ولاحقاً شكل البعثيون في العراق جبهة التحرير العربية ثم انشق صبري البنا "أبونضال" وشكل تنظيماً أصبح لاحقاً عند ليبيا القذافي كتنظيم إرهابي، ثم شكل الإخوان المسلمون بعد اثنين وعشرين عاماً "حماس"، وكانت ليبيا قد شكلت حركة الجهاد الإسلامي، مما جعل الأمور تصل إلى ما هي عليه الآن.
وهنا فإن المؤكد أن ظروف الجزائر في تلك المرحلة المتقدمة هي غير ظروف فلسطين، ولهذا فإن أهمية وميزة الثورة الجزائرية أنها انطلقت من الداخل وأنها عملياً بقيت وحتى الانتصار في الداخل، في حين أن الثورة الفلسطينية قد انطلقت في الخارج وأنها عملياً بقيت في الخارج مما جعلها عرضة للتدخلات العربية المعقدة وبخاصة من قبل الدول التي تعد نفسها ثورية أو "تقدمية"، وهذا هو الذي أوصل "فتح" ومنظمة التحرير.. وأيضاً السلطة الوطنية إلى هذه الأوضاع الحالية الصعبة ومكَّن "الإخوان المسلمين" بدعم قطر وتركيا من اختطاف قطاع غزة الذي بات يحكمه السفير القطري محمد العمادي بالتنسيق والتعاون مع إسرائيل.. و"على عينك يا تاجر" كما يقال.
منقول عن الرياض