الاثنين، 8 أبريل 2019

التحولات الديمقراطية كائن حي

 بقلم حمدي حمودي

التغيير 

اذا امتلأ الوادي فاض وخرج عن مساره، وإذا عصفت الرياح أكثر من ما هو معهود، تحولت الى إعصار، تلك قوى الطبيعة التي يسيرها رب الكون وخالقه.
اننا ان فتحنا المسار للماء وجهزنا القنوات لمرّ بسلاسة وسلام ، وان جهزنا انفسنا لقوة الرياح لكان النفع أكثر.
مثل ذلك تماما يمر هذا الحراك الشعبي في الجزائر اليوم.
فتح القنوات وتنظيفها من الحجارة التي تسد المخارج والقاذورات التي تغلق المسالك، ضروري كي يمر الامر بسلام ونستطيع ان نجمع ذلك الماء الطاهر الذي هبط بقدرة الله وقضائه ونحافظ عليه كي يتحول الى بحيرات خير وخزانات بركة ، نعم علينا ان نفتح له الخزانات والفضاءات الآمنة ثم نحرسه ونحافظ عليه.
أننا لا يمكن ان نقف في وجه الرياح العاصفة ويجب أن نعي أنها ستسلك مسارها بنفسها ، بشكل سلس ومرن، وان لا نضع الحواجز التي تجعلها تتجمع وتدور وتتحول من رياح الى ريح وزوابع وأعاصير لا نعرف مداها ولا قوتها ولا مآلاتها.
الرياح القوية تحتاج منا الى جمع ملايين المراوح او المشاريع وتوزيعها عبر خارطة الوطن كي تديرها تلك الطاقة والروح المندفعة، رياح الخير رياح البركة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل ستبقى الرياح في الجزائر أم ستمر الى البلدان المجاورة؟،. 

الخاسر الاول ذيل الاستعمار

الرياح التي تعج بالخير في الجزائر والامطار المباركة التي ستملأ الوديان والبحيرات وتخضوضر بها السفوح والجبال والهضاب والبراري، والذي بهدوئه الشعب الجزائري وسلميته وذكائه وتوحده، حوّلها الى ربيع حقيقي، ووقف جيش الشعب كي يحميها وينقي طريقها من العثرات والمطبات ولم يترك لأي من العوائق الخارجية ولا الداخلية أن تغير من طبيعتها الخيرة، لا تروق لمن له مجاري خاصة ظلت خرما في خزانات الجزائر وأنابيب مصممة كي تحول خيرها وريعها الى خارجها.
توقيت التحركات في ليبيا اليوم وفي المغرب الدائمة وراءهما فرنسا الاستعمارية التي تحاول خلخلة الجو وتحاول ان يبقى الحراك حالة طقس زائلة وليس مناخ سائد مستديم، من خلال التأثير على إشعاعه المتوهج، ودرجة حرارته ، ورطوبته، ونسبة هطوله، والضّغط الجوي المرتفع، ورياح الخير.
ولكن ما غاب عن فرنسا أن التحولات الديمقراطية كائن حي يتنفس ويتغذي ويتكاثر وينام ويستيقظ ، ويتكلم ويصرخ ويستمع.
والشعوب المجاورة ولا أقول الحكام لا يمكن لأي قوة أن تقطع أذنها ولا ان تفقأ عينها ولا أن تبتر لسانها، ولا يمكن أن تحولها الى صماء وعمياء وبكماء.
الشخصية الجزائرية تعود الى بريقها وخد الشاب والشابة الجزائرية يلمع، والبسمة نحو المستقبل ترسم على وجنته معالم لتعاملات جديدة، ولا بد للآخرين أن يتعاملوا مع هذا التغير الحالم، الحازم، الفرح، المندفع بعقله قبل عاطفته وبكلمات واضحة وخطوات ثابتة يتقدم .
لا بد للآخرين أن يتحولوا ويغيروا اسلوب ولغة التعامل كي يستطيعوا ان يبقوا على تواصل مع الجزائري اليوم الذي ينشد الحرية والتي ستكون لديه قواعد وارضية حديثة ولغة جديدة للتعامل.
ولكي يتفاهم الجميع يجب ان يكون على نفس القيم من الديمقراطية والحرية والعدالة، وبالتالي لا بد من أن ينشب التغيير اظافره في جثة الاستعمار فرنسا وجلبابها في الرباط وجبتها في ليبيا كي تتحرر تلك الشعوب.
إفريقيا ستكون أول المستفيدين من الحراك في الجزائر فما يحدث في مالي اليوم وفي السودان يحاول محاكاة ما يدور في الجزائر وما تبحث عنه افريقيا هو الاستفادة من ثرواتها الهائلة ولن يحدث ذلك الا بإحكام قبضتها على السلطة والسيادة وازاحة أقزام الاستعمار وذيله وأولهم النظام الملكي في الرباط وأصدقائه في غرب إفريقيا.

الأحد، 7 أبريل 2019

الفيلق_الرابع.. (الجزء السابع) معركة_أم_أدگن...

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏سماء‏، و‏‏جبل‏، و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏ و‏طبيعة‏‏‏
مع بداية شهر يوليوز سنة 1988 كانت مخيمات اللاجئين الصحراويين تستقبل أولى موجات الحر الخانق, وطبعا كان الصيف دائما صعب على اللاجئين الذين كانوا يقضون معظم أيامهم تحت لهيب الشمس مباشرة ومع ذلك كانت معنوياتهم تعاند قساوة الطبيعة التي لا ترحم.
كانت أيام ذلك الصيف القائظ ملتهبة بشكل غريب ومع بداية شهر يوليوز بلغت درجات الحرارة مستويات إستثنائية ورغم لفحات (إريفي) الساخنة كانت حملات محو الأمية هي حديث الساعة داخل تلك المخيمات البسيطة التي كانت تبدو ساعة الزوال متناثرة وسط السراب.
وخلال تلك الأيام الحارة التي كان الهواء فيها يتوقف فجأة مع منتصف النهار,كان الفيلق الرابع يستريح منذ مدة, وطبعا لم يشارك الفيلق في أي عمل قتالي كبير منذ معركة حفرة إشياف, ومع ذلك كان الشباب واثقون أن ذلك الصيف الساخن لن يمر دون خوض معارك جديدة. 
كان الشباب قد أصبحوا الآن مقاتلين مخضرمين بعد خوض كل تلك المعارك التي وقعت منذ يوم أزمول النيران, ومع ذلك لازال لقب فيلق الشباب يلازمنا.
كانت القيادة العسكرية تدرس منذ مدة تجربة الفيلق الرابع في الجنوب ,ومع دخول أولى طلائع الصيف الخانق ,وبعد عام كامل من معركة تشلة حدث ما لم نتوقعه أبدا.
منتصف شهر يوليوز إجتمعت هيئة الأركان تحت رئاسة الشهيد محمد عبد العزيز وبعد تقييم تجربة قتال المدرعات في الجنوب, تقرر إنشاء ناحية مدرعة تتولى القتال في ذلك القطاع البعيد بشكل دائم,ومرة أخرى كان الفيلق الرابع على رأس التشكيلات التي تم اختيارها لتلك المهمة الصعبة.
لم تكن دورياتنا نحو الجنوب إذا مجرد دوريات عابرة ويبدو أن القيادة العسكرية كانت تحضرنا لهذا الأمر منذ البداية ,وطبعا كان ذلك يعني أن القتال في تلك الأرض البعيدة والقاسية قد أصبح قدرنا. 
مساء العاشر يوليوز سنة 1988 وفي عز ذلك الصيف الذي كانت حرارته تكاد تذيب الأجساد ,تم الإعلان عن تأسيس الناحية العسكرية السابعة في وديان توطرات,ومباشرة عين محمد ولد الولي ولد أعكيك قائدا لها,وقد تكونت تلك الناحية عند تأسيسها من التشكيلات التالية:
- الفيلق الرابع للمشاة الميكانيكية, تحت قيادة سيدي ولد عثمان ولد أحمد لبراهيم.
- فوج المدفعية الذي أصبح يحمل إسم الفوج 12 بقيادة الداه نافع (الداه الجنوب).
- فيلق البحرية الذي أصبح يحمل إسم الفيلق 17 بقيادة الهيبة ولد ببيت.
ومنذ ذلك اليوم سيحمل الفيلق الرابع إسم الفيلق الخامس عشر ومع ذلك كنا دائما نفضل الرقم أربعة.
ومع بداية شهر غشت بدأت رحلة الصيف ثانية نحو منطقة تيرس التي كنا قد أصبحنا نعرفها بشكل جيد.
كنا قد تركنا تيرس بداية شهر فبراير بعد معركة حفرة إشياف مباشرة وكانت حينها لا تزال تحافظ على بعض مظهرها الأخضر البديع رغم قساوة الشتاء في تلك الأرض التي تجعلك حرارة صيفها تتمنى لو يعود الشتاء ثانية. 
كان المسير نحو الجنوب في ذلك الصيف الملتهب صعب جدا , ورغم الحرارة الشديدة ومظاهر الجفاف التي كانت تسد الأفق مازالت بعض الحشائش اليابسة (أجميدة) تغطي أديم تلك الأرض التي كانت منذ أشهر قليلة ترفل في ردائها الأخضر.
زوال يوم الثالث غشت كانت الناقلات تطوي بنا تلك الفيافي الموحشة ومن بعيد ظهرت قمم جبال أگلاب أزعافيگ تطفو فوق السراب ,وسندرك لاحقا سبب تسمية تلك الجبال السود التي كانت تحمل الكثير من معاني إسمها.
صباح يوم 21 يوليوز1988 كانت مخيمات اللاجئين الصحراويين تستقبل أوليفر تامبو رئيس المؤتمر الوطني الافريقي ,ورغم سطوة الصيف الخانق إحتفل الصحراويون بتلك الزيارة التي كانت القيادة السياسية توليها عناية خاصة.
وفي تلك الأيام أيضا كان الأمين العام للأمم المتحدة خافيير بيريث ديكويلار يستعد لتقديم مقترحات تدعو لإيقاف الحرب بين جبهة البوليساريو والمغرب,وفعلا جرى تنظيم لقاء خاطف جمع ديكويلار بطرفي النزاع في نيويورك يوم 21 غشت 1988.
كانت هذه المقترحات تحمل خطة لوقف إطلاق النار وتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية,وفي نهاية هذا اللقاء طلب الأمين العام الأممي من الطرفين الرد على هذه المقترحات قبل الفاتح سبتمبر.
لم يتأخر رد البوليساريو كثيرا فقد أعلن الشهيد محمد عبد العزيز عبر وكالة الأنباء الجزائرية يوم 30 غشت 1988 أن جبهة البوليساريو توافق على هذه المقترحات شرط أن تشمل:
- المفاوضات المباشرة بين جبهة البوليساريو والمغرب.
- الانسحاب الكامل للجيش والادارة المغربية من المناطق المحتلة.
- تنظيم إستفتاء عادل بإشراف الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية.
ويبدو أن الحسن الثاني قد تلكأ قليلا في الرد على مقترحات التسوية ويبدو أن القيادة السياسية أرادت تذكيره بقوة السلاح , وطبعا كنا نتابع كل تلك التطورات عبر الإذاعة الوطنية التي كانت أنيس المقاتلين الدائم خلال تلك السنوات.
كان الصيف يمضي متثاقلا في منطقة تيرس وبين لهيب الشمس وسياط الرياح كنا ننتظر أوامر القيادة العسكرية التي كانت فيما يبدو تعد أمرا جللا,وعلى غير العادة أمضينا هذه المرة منذ وصولنا شهرا ونصف دون خوض معركة.
كانت القيادة العسكرية تبحث منذ مدة عن هدف ثمين وخلال أشهر عديدة كانت تدرس كل الخيارات وتقلب خطتها على نار هادئة.
وخلال ذلك الصيف الاستثنائي جابت وحدات الاستطلاع أغلب قطاعات الجدار السادس ومع مرور الأيام بدأت ملامح الاستعداد للمعركة تتلاحق.
صباح يوم 14 سبتمبر1988 صدرت الأوامر بشكل عاجل بضرورة مراجعة القوة النارية و تجهيز الناقلات للهجوم, وطبعا كان هذا القرار يعني أن يوم المعركة قد أصبح قريبا.
ومع حلول زوال اليوم الموالي إعتلى الشباب ظهور الناقلات وبدأت رحلة المسير نحو المعركة, وبين الرمال الملتهبة التي تبدو لا نهاية لها واصل الفيلق تنقله نحو الغرب رغم العواصف الرملية والحر الخانق وقبل صلاة العصر بقليل وصلنا منطقة آميگيز.
كان الفيلق السابع عشر قد وصل الى منطقة التجمع فيما كانت الناحيتان الأولى والثالثة ترابطان في تلك المنطقة منذ أيام.
ومع حلول عصر ذلك اليوم حدثنا محافظ الفيلق عن منطقة أم أدݣن وعن وجود الراجمة الثالثة المغربية على مسافة قريبة من القواعد المستهدفة وأبرز رغبة القيادة العسكرية في تدمير تلك الراجمة بشكل نهائي.
كنا قد سمعنا قبل ذلك عن هذه الراجمة مرتين على الأقل, كانت الأولى يوم تدخلها في معركة أعظيم أم أجلود قبل عام ,والثانية يوم خرجت من الحزام بعد العملية الخاصة التي نفذتها الناحية الثالثة في منطقة إشركان.
و يبدو أن القيادة العسكرية كانت تبحث عن هذه الراجمة الشهيرة منذ مدة وتمهد الأسباب لإستدراجها ,وطبعا كان الجيش المغربي يعتمد كثيرا على شهرة هذه الراجمة لدعم معنويات جنوده في الحزام الدفاعي.
أخيرا حل يوم تلك الراجمة التي كانت تأتي دائما متأخرة, ويبدو أن صراع الإرادات العسكرية كان قد وصل قمته مع نهاية ذلك الصيف الذي شهد تطورات متلاحقة.
ومع وجود الفيلق الرابع الشهير والراجمة المغربية الثالثة كان واضحا أن تلك المعركة ستكون ضارية بكل المقاييس.
كانت ساعات ذلك المساء الساخن والمشحون تمر بطيئة وبدا جليا أن حجم تلك المعركة سيكون كبير جدا, وقياسا الى مستوى التحضير النفسي ونوع التشكيلات العسكرية الصحراوية المشاركة كان يبدو أن الصحراويين يبحثون عن نصر كبير.
كان التحضير لمعركة أم أدگن يتم بشكل هادئ جدا, ودون إثارة أي إنتباه ظلت وحدات الاستطلاع طيلة تلك الأيام التي تسبق المعركة تضع عيونها على فاصل محدد ومع مرور الوقت تمكنوا من معرفة كل التفاصيل رغم صعوبة تضاريس تلك المنطقة.
مساء يوم 15 غشت 1988 وبعد صلاة المغرب بقليل إجتمعت قيادة المعركة وبعد دراسة كل التفاصيل التي قدمتها مجموعات الاستطلاع تقرر تنفيذ الخطة التالية:
- تتولى كتائب المدرعات التابعة للناحية السابعة مهمة مهاجمة القواعد الأمامية وتدميرها.
- تتولى السرية الخامسة من الناحية السابعة مهمة الانتشار غرب ثغرة العبور وتأمينها حتى نهاية المعركة.
- تتولى الناحيتان الأولى والثالثة مهمة الإنتشار في عمق المعركة و صد النجدات المحتملة.
- يتولى فوج المدفعية التابع للناحية السابعة مهمة تدمير القواعد التي تقع على أطراف المعركة.
وطبقا لهذه الخطة تقرر على غير العادة أن تتولى الكتيبتان المدرعتان الأولى والثانية من الفيلق 15(الفيلق الرابع) مدعومتان بالكتيبة الأولى من الفيلق 17 الدخول نحو الميسرة (الخالفة العسرية) ومهاجمة القاعدة الرئيسية وإحتلالها.
- وستتولى الكتيبة الثالثة المدرعة مدعومة بوحدات من الفيلق 17 الدخول نحو الميمنة (الخالفة العربية) وإحتلال نقطة الإسناد الشرقية.
وخلال هذا الاجتماع تم التأكيد على ضرورة التحضير الجيد لمواجهة الراجمة الثالثة التي من المتوقع أن تتدخل مع بداية المعركة بسبب قرب تمركزها من المنطقة المستهدفة.
ومع نهاية هذا الاجتماع تم تحديد الساعة الخامسة فجرا كموعد للاقتحام وصدرت الأوامر بضرورة تدمير كل القطاعات المستهدفة.
كان الليل قد بدأ يرخي سدوله على منطقة آميݣيز وبدا ذلك المرتفع الأسود الصغير جاثما في الظلام على مشارف منطقة أم ادݣن التي كانت تستعد لدخول التاريخ.
ومع مرور ساعات تلك الليلة الساخنة بدأ ذلك السهل المحيط بمرتفع آميݣيز يشهد آخر لحظات التحضير لتلك المعركة التي كانت كل المؤشرات توحي بأنها ستكون ضارية.
كانت الناحيتان الأولى والثالثة جاهزتان تماما للمعركة وقد استعدتا لذلك اليوم الكبير منذ عدة أيام, وطبعا كانت الناحية السابعة ستخوض أولى معاركها تحت هذه الإسم وكان ذلك يعني بالنسبة لنا ضرورة تسجيل إنجاز نستهل به مسيرة تلك الناحية التي كانت ستضع أولى بصماتها في الحرب فجر اليوم الموالي.
كانت ناقلات BMP1 تقف بإنتظام كحبات مسبحة تحيط بجيد مرتفع آميݣيز والشباب يحيطون بها ينتظرون ساعة الإقتحام ,وغير بعيد عن تلك النقطة يرقد رفاقنا شهداء معركة أم أدريگة الذين كان واجب إحترام تضحياتهم يزيد الرجال إصرارا على تحقيق نصر آخر.
ووسط ذلك الليل الهادئ إنطلق مشاة فيلقنا المكلفون بفتح ثغرة العبور عبر تلك المنطقة الوعرة التي يصعب فيها المسير.
كانت موجات (إريفي) الساخن المتلاحقة تلفح وجوه الشباب بين الحين والآخر ومع مرور الوقت بدأ العطش ينال من تلك المجموعة التي يعول عليها كل الرجال المشاركين في المعركة,ورغم ذلك ومهما حدث كان على أولئك الرجال أن يصلوا إلى الفاصل المستهدف قبل الثالثة فجرا ليتمكنوا من مساعدة مجموعة الهندسة ,وطبعا سيقع عليهم عبأ تأمين ثغرة العبور حتى وصول المهاجمين.
كانت القيادة العسكرية قد أعدت خطة محكمة من أجل إستدراج الراجمة الثالثة وتدميرها,وعلى هذا الأساس تقرر أن تدخل الناحيتان الأولى والثالثة مباشرة نحو عمق المعركة وأن تنتشرا على شكل قوس خلف القواعد المهاجمة وتنتظرا قدوم النجدات. 
مع حلول الساعة الرابعة والنصف فجرا تمكن رجال الهندسة ومشاة الفيلق الخامس عشر من فتح الثغرة,وفي تلك الدقائق التي تفصل الرجال عن بدء المعركة كانت تلك المجموعة التي يلفها الصمت وينهشها العطش تترقب ساعة الصفر بحذر بالغ ,وبدون سابق إنذار دندن صوت الناقلات الصاخب ممزقا سكون ذلك الفجر الذي كان هادئا إلى تلك اللحظة , وبعد دقائق قليلة بدأت مدفعية العدو توجه نيرانها نحو الشرق ويبدو أنهم كانوا قد شعروا قبل تلك اللحظة بإحتمال تعرضهم للهجوم.
كان الرجال ينتظرون في سفح جبل آميݣيز منذ ساعات طويلة ومع حلول الساعة الخامسة فجرا وبدون أي إنتظار إنطلقت كل تلك العربات المجنزرة في وقت واحد وبأقصى سرعتها نحو الغرب,وعبر مسالك وشعاب منطقة أم أدݣن الوعرة بدت تلك الناقلات مذهلة وهي تجتاز كل تلك العوائق التي توفرها الطبيعة غير آبهة بكل تلك الآكام التي تميز منطقة أم أدگن وتجعل تجاوزها صعبا للغاية.
كانت مشاهد الاقتحام في ذلك الفجر الرائع مدهشة بكل المقاييس ورغم الظلام الذي كان لازال يخيم على تلك الأرض, كان يمكن تمييز مئات الآليات التي كانت تندفع كالسيل الجارف نحو ذلك الفاصل الذي كان على موعد مع زوار الفجر.
يتبع...معركة أم أدݣن...الفجر الدامي.
بقلم حمدي ميارة

سلاح الهندسة العسكرية -جيش التحرير الشعبي الصحراوي-64


ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏لقطة قريبة‏‏‏
الشهيد المهندس محمد سيد اعلي المعروف ب "الكسكاس"
لا يمكن لأي متتبع لمجريات الحرب ضد الغزاة المغاربة نسيان الدور الذي لعبته كل الاختصاصات القتالية و التأمينية في جيش التحرير الشعبي الصحراوي ...
من بين هذه التأمينات القتالية، كان دور رجالات الهندسة العسكرية طلائعيا بكل المقاييس.
إستطاع المهندس العسكري الصحراوي و بأدوات بسيطة جدا أن يقوم و
بنجاح بالتدابير اللازمة لمساعدة ومرافقة باقي القوات وانجاز مهامه القتالية على أحسن وجه.
إستشهد الكثير من رجال هذه الوحدات نتيجة لتعاملهم وفي ظروف خاصة مع الألغام.
برق نجم بعض هؤلاء المهندسين و كان لهم دورا بارزا في قلب موازين القوى في سنة 1978 ولاحقا في سنة 1984.
في الصورة الشهيد المهندس محمد سيد اعلي المعروف ب "الكسكاس" الذي كان له دورا مهما في إبتداع قاعدة تكمن في تقشف " وقت وتكلفة" فتح الثغرات في الجدار المغربي.
كما كان دوره فعالا في تدريب وتكوين الآلاف  من الشباب وأطر الجيش الشعبي الصحراوي، في كل من مدرسة الشهيد الولي و مدرسة الشهيد عمي لتكوين الأطر.
اللهم ارحمه و اغفر له وتقبله مع الصديقين والشهداء.
بقلم الباحث غيثي النّح

السبت، 6 أبريل 2019

#حين_تلعب_فرنسا_بالنار

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‎Ahmed Chenna‎‏‏
بقلم احمد شنه

ما لا أفهمه من فرنسا الاستعمارية ، وهي تشن في الٱونة الأخيرة ، حربا إعلامية عالمية قذرة ، ضد الحراك الشعبي المبارك ، و ضد الجيش الوطني الشعبي الجزائري ، أن الأيام لم تثبت أنها تلميذ غبي فحسب ، على حد تعبير القائد الفيتنامي العظيم " الجنرال جياب " ولكن اتضح بما لا يدع مجالا للشك ، أنها مصابة بإعاقة ذهنية مزمنة ، أفقدتها الأهلية تماما ، سواء كدولة أو كنظام حكم ، أوكمؤسسات و نخب سياسية وإعلامية ..!
فإن كان الجزائريون قد انتصروا عليها ، وعلى حلفائها من جيوش الحلف الأطلسي ، قبل بضعة عقود ، وهم يومئذ لا يملكون من الأسلحة والعتاد الحربي سوى بنادق صيد ، يحملها مجموعة من الشباب ، لا تتجاوز أعمارهم السابعة والعشرين ربيعا ، إلا أنهم أخرجوها من بلادهم ، تجر أذيال الهزيمة والشنار ، بعد أن استقر بها المقام ، وظنت أن الشعب الجزائري ، لم يعد له وجود إلا في كتب التاريخ ، وقصائد الشعراء والمداحين ، وأهازيج الصبايا في الأعراس والمواسم ..!
فكيف بها اليوم ، وقد صار للجزائريين جيش وطني عظيم ، تعداده مئات الآلاف من الرجال الصناديد ، تحركهم عقيدة عسكرية راسخة ، ويعضدهم تدريب عصري متقدم ، و يؤازرهم جيش احتياطي مهول ، تعداده أربعون مليون مقاتل ..!؟
وفوق كل ذلك ، يحوزون إمكانية تفجيز 6 ملايين قنبلة بشرية ، في أية لحظة يشاؤون ، وهي كما هو معلوم ، من أشد أنواع القنابل فتكا وتدميرا في العالم .. مزروعة في كامل التراب الفرنسي ، دون ذكر 4 ملايين قنبلة احتياطية ، من صنع تونسي ومغربي وعربي وإسلامي .!
إنها الجزائر الجديدة يا فرنسا ، وهي لا تختلف عن جزائر نوفمبر ، فابحثي لك فريسة أخرى تناسب حجمك ، ولا تثقي كثيرا في ترسانتك النووية ، فإنها لن تفيدك في شيء ، ولا تعولي أيضا على عبيدك الأنجاس في الجزائر ، فإن زمنهم قد ولى نهائيا ، وقريبا جدا سيحزمون حقائبهم عائدين إليك ..


هل ستنبت الجزائر في محيط من تراجع الحريات؟؟؟


ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏حشد‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏

في الوقت الذي يفتح الشعب الجزائري آفاق الحرية السلمية في بلاده، محافظا على مؤسسات دولته وكل موارده ودون أن تكسر قارورة زجاج واحدة في الطريق العام ، مئات الآلاف بل الملايين في شكل موجات بشرية سونامية كنسائم الرياح التي تحمل حبات الطلع لانبات وتهجين ثمار لا تلبث ان تكون الغذاء الجديد على  مائدة الشعب.
 في ذلك الوقت يتوازى جمعة الجزائر المباركة مع ما يلقى الشعب الفرنسي من قمع الشرطة واجهزة الامن واصدار القوانين من البرلمان الفرنسي -الجمعية الوطنية- ضد المتظاهرين واحكام السيطرة عليهم وتكبيلهم بحبال جديدة من تقييد الحريات.
وذات الوقت يصدر الحكم ضد الحراك في المغرب ضد ناصر الزفزافي بالسجن 20 سنة .
حيث "قضت محكمة الاستئناف في العاصمة المغربية، الدار البيضاء، منتصف ليلة الجمعة/السبت، بـ 20 عاماً سجناً نافذاً، في حق ناصر الزفزافي قائد حراك الريف، بتهمة “المساس بالسلامة الداخلية للمملكة”1 .
في نفس الوقت يقوم العالم بمساعدة الجنرال الليبي في محاولة احكام السيطرة العسكرية على ليبيا ،دون الرجوع الى الحلول السلمية والجامعة لكل فئات الشعب الليبي بعيدا عن لغة الاقصاء والرصاص.
وفي نفس الوقت تستمر الازمة في اسبانيا على خلفية الاحداث في كتالونيا التي آخرها تجمع عشرات الآلاف في مدريد .
حمدي حمودي
1-نقلا عن وكالة الاناضول

لنبنيَ سويّا دولة مدنية نوفمبرية

الدكتور نبيل الجزائري

سيناريو انقلاب نزّار و جماعته سبق الذي خطّط له السيسي و عصابته بأكثر من أربع و عشرين سنة . و لقد تبعته حرب أهلية أزهقت ارواحا يفوق عددها بعشرات المرات ممّا كان في مصر .
لا اظنّ أن الجيش الجزائري اليوم سيقع في فخّ مواجهة الشعب الذي هو منه و له مرّة أخرى ، فقيادته اليوم عروبية وطنية ، و باستثناء قائد الأركان فمعظم الألوية و العمداء من جيل الاستقلال و من العائلات الشعبية البسيطة .
تعيين اللواء الشاب قايدي محمد مديرا للمخابرات خلفا لطرطاق رسالة واضحة و هامة من الجيش إلى أعداء الجزائر و المتربّصين بها ، خصوصا مع تحرّكات ميايشيات حفتر نحو حدودنا الشرقية ، و ظهور مناورات لأوساط مشبوهة في وسط الحراك الشعبي تغذّي الجهوية و الخلافات الأيديولوجية ، و ترفع بعض الطابوهات إلى السطح بوقاحة مقصودة .
الجيش الجزائري يملك معطيات كثيرة بالغة الأهمية و الخطورة لا يملكها الشعب ، فهو حكم البلد لسبع و خمسين سنة ، و هو الذي يعيّن الرؤساء و ينهي مهامهم حتّى الآن . بيان الجيش الأخير الذي قرأه قائد الأركان يحمل رسائل مهمّة و جدّية قد تغيّر منظومة الحكم في بلادنا و ينهي وصاية الجيش على المؤسّسات المدنية التي تصبح تحت السيادة المباشرة للشعب .
يبقى أن نفهم أن الجيش ، بحكم ارتدادات عملية الانتقال الديمقراطي لنظام الحكم على الجانب الأمني و وحدة البلاد نظرا لترسّبات سياسية و ثقافية و حتّى تاريخية طيلة قرابة ستّة عقود ، و تخوّف بعض الانظمة من تحوّل الجزائر إلى بلد ديمقراطي قوى ، ينبغي أن يكون قويّا و متماسكا و موحّدا لمرافقة هذا الحراك خطوة بخطوة ، بكل حذر و مسؤولية حتّى تستقرّ المؤسّسات المدنية بما يختاره الشعب .
حراكنا أزعج كثيرا من الدول المجاورة و المعادية ، و ينبغي أن يستمر بكل سلمية و إخاء بيننا ، و لنترك خلافاتنا جانبا يحكم فيها بيننا الصندوق بكل شفافية و قبول لنبنيَ سويّا دولة مدنية نوفمبرية يكون فيها القانون هو الفاصل و ليس التليفون .
الجيش الشعب خاوة خاوة