الأربعاء، 11 مايو 2022

الخالدون المنسيون، سيدي ولد سيدي موسى مرة أخرى. الجزء الأول

 
صورة الشهيد سيدي ولد سيدي موسى


كما سبق و ان وعدتكم بأنني سأحاول الحديث عن رجل قل نظيره رجولة، وطنية، كرما وجودا. رجل استثنائي بكل المقاييس. لكن من يعرفه عن قرب ومن عاشره سيكتشف في سيدي الإنسانية بمعناها المطلق وقد تجسدت فيه دون مبالغة. عاطفته الجياشة، حنوه الخالص وحبه الصادق وروحه المرهفة وإحساسه الشفاف فاضت دفقا من الحب ليشمل كل من حوله، رفاق السلاح، جيرانه، معارفه، الأطفال الصغار، بل حتى المخلوقات و الكائنات الحية، كلها نالت نصيبها من نهر الرجل الدافق بالمحبة وصدق النية وفعل الخير.

لقد ترددت كثيرا في الكتابة عن سيدي، وساورتني شكوكا كثيرة مدارها عجزٌ عن الإحاطة بمناقب الرجل وخصاله ومآثره. أقول هذا دون مبالغة، فالرجل الذي عاش بيننا طيفا من فرط تواضعه كان حقا رجلا عظيما بكل المقاييس.
مع ذلك، ها أنذا استجمع شتات فكري وأتغلب على ترددي وأجازف، رغم يقيني بعجزي، بالكتابة عن الرجل.
هو الشهيد :سيدي/سيدي موسى.
إسم الاب: أمحمد/سيدأحمد/سيدي موسى.
إسم الأم : العالية/علين/باب
وُلِد الشهيد سيدي سنة 1951م بمنطقة تسمى أم آرواگة.
تعلم القرآن في كتاتيب المنطقة ليتفرغ بعد ذلك لمساعدة والده في تربية المواشي إلى تاريخ انخراطه في صفوف الجيش الموريتاني سنة 1968م، حيث عمل جندي مشاة أول حتى سنة 1972م أستقال من الجيش بحثاََ عن عمل يرضيه الي ان وصلت إلى مسامعه تباشير قيام الثورة بالساقية الحمراء و وادي الذهب، فأسرع ليلتحق بالتنظيم السياسي في مدينة أزويرات أواخر سنة 1973م. ويختار الإنضمام إلى صفوف الثوار المقاتلين.
*معركة إنال:
بعد اجتياح القوات الغازية الداداهية لجنوب الوطن كان الشهيد ضمن وحدة شنت هجوما على بلدة إنال صبيحة يوم: 12/10/ 1975م، لكن ذلك الهجوم لم يكلل بالنجاح بسبب وشاية رجل كان ضمن القوة المهاجمة، للأسف، وهو من نقل خبر العملية العسكرية إلى الموريتانيين ساعات قبل التنفيذ (وتلك قصة أخرى).
لم تكن القوة متكافئة لا عددا ولا عدة. ينضاف إلى ذلك ضياع عنصر المفاجأة بسبب الوشاية التي سبق ذكرها. والنتيجة أن القوة الموريتانية المرابطة بإنال التي تفوق القوة المهاجمة عدداََ و عدة و أحدث تسليحا، كانت على أُهبة الإستعداد وفي انتظار المهاجمين، وقد وضعت لهم كمينا محكما.
كان من نتائج المعركة غير المتكافئة وقوع بعض الإصابات في صفوف المقاتلين الصحراويين ووقوع بعضهم في الأسر بعد أن نفدت الذخيرة و تعطل جل الأسلحة التي كانت عبارة عن بنادق تكرارية من ماص نوع 36 فرنسية الصنع.
في تلك المعركة أبلى الشهيد سيدي البلاء الحسن. كان يتنقل بين رفاقه يطلق الرصاص من بندقيته التكرارية ماس 36 وينحني ليسحب جريحا قد سقط لتوه إلى مكان آمن، ظل هذا حاله حتى وجد نفسه محاصرا من كل الجهات وقد أحكمت القوات الداداهية الطوق من حوله ليقع في الأسر رفقة عدد من رفاقه.
… يتبع …
بقلم: النخ محمد إبراهيم

سلسلة أعرف وطنك الحلقة 79 يكتبها د.غالي الزبير




 گلب الزناگية

يقع گلب الزناگية في القسم الشمالي الغرب من تيرس وهو جبل أسود حاد يقف منفردا إلى الشرق من دومس على مسافة تقارب 17 كيلومتر منه وإلى الشمال منه تقع حفرة اشياف وهي الحد الشمالي الفاصل بين منطقة تيرس ومنطقة الكربان (أمكرز) وإلى الجنوب الشرقي من گلب الزناكية تقع ظاية علام التي ذكرت في واحد من أقدم ماوصلنا من الشعر الحساني في قول الرشيد المولاتي:
ميجك وأزايگ بدرگ
ظاية علام وزيزة
قط سكنهم جمع أفترگ
تابع فرگان عزيزة.
ولتسمية گلب الزناگية بهذه الاسم قصة تتوارثها الاجيال وفحواها أن الزناگية هذه كانت امراة حادة البصر وكانت تصعد هذا الجبل لتستطلع قدوم جيش من الاعداء كان قومها يتخوفون أن يهاجمهم بغتة، وفي إحدى المرات رأت من قمة الجبل جيش العدو قد أقترب من منازل قومها مسافة قريبة فخشيت إن نزلت أن يكون فد فات الأوان، فصرخت محذرة قومها صرخة هائلة أهتز لها الجبل فانتبه قومها واستعدوا للقاء العدو، وبعد أن انتهت المعركة التي فقد فيها العدو عنصر المفاجاة بسبب صرخة الزناگية وانتصر فيها قومها عثروا عليها ميتة في قمة الجبل وقد تمزقت حنجرتها لقوة الصرخة، فسمي المكان باسمها ولازال يحمل هذا الاسم حتى يومنا هذا.

الحديث عن جبهة البوليساريو في ذكرى تأسيسها...

بقلم حمدي حمودي

 

الحديث عن 10 ماي 1973 كالحديث عن النار واللهب، كالحديث عن الشمس والضياء، وعن القمر والنور، كالحديث عن الجسد والروح، عن الفم والصرخة، وعن الطلقة والمقذوف، عن الشريان والدم المتدفق...

لا يمكن فصل الفكر عن رأسه الذي هو الشعب، ثورة الشعب، وخيار الشعب، وغضب الشعب، وحرية الشعب، وديمقراطية الشعب، وقناعة الشعب، وتصميم الشعب، وتضحية الشعب، وعبقرية الشعب، ونضال الشعب...

10 ماي بالنسبة للصحراويين ليس مجرد رقم وتاريخ وذكري إنه ميلاد لتنظيم شعب وتأسيس لمرحلة جديدة، بناء حديث، وتأسيس لفكر حديث...

لا يمكن الفصل بين الغرسة وشجرتها، 10 ماي هو تأسيس جبهة البوليساريو التي أذاب فيها الشعب الصحراوي كل أدوات المقاومة، سكاكين وحراب وبنادق وحتى حجار وحبال لينتج السلاح الحديث الفعال الذي هو صناعتنا كلنا ومن أجله حملنا كلنا نفس السلاح الذي له هوية واحدة هي الشعب الصحراوي وجبهته الصادمة جبهة البوليساريو.

الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب البوليساريو فخر الشعب الصحراوي والعلامة المميزة...

البوليساريو لم تعد عند جيلنا حركة بل هوية، وبطاقة تعريف، وجواز سفر، ولو كتبت بلغة الدول الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية فإن ثورة الشعب الصحراوي هي البوليساريو العقل الصحراوي والعبقرية والملامح والتقاسيم والصخرة التي تكسرت على صلابتها كل المعاول والمطارق والفؤوس ولا تزال تشق طريقها نحو النصر لا رياح الخيانة ولا عواصف الغدر ولا الضعف البشري ولا يمكن الاستحواذ عليها.

كل مرة يدخل الشعب الصحراوي في معركة المؤامرة ولا ينقشع الغبار إلا وفي يده سيفه البتار جبهة البوليساريو يضرب به يمينا وشمالا مقطعا إربا إربا حبال وشباك المكر والخديعة.

ليست المرة الأولى التي يتم التآمر من رزمة السياسيين المرتشين الإسبان، ولا أعوانهم ولكن التاريخ أثبت أن إرادة الشعوب لا تقهر والشعب الصحراوي أرادة أن يكون البوليساريو هي روح الشعب الصحراوي وإرادته وسيظل قويا ومهابا ما دام متحدا ومنفذا بدقة لخطط وبرامج واستراتيجيات تلك الجبهة والعكس صحيح.

درست تجربة الشعب الصحراوي في مدارس كل حركات التحرير أرتيريا جنوب السودان ودول الطوق، وظلت أقوى من المؤامرات التي تحاك تجربة مريرة إنسانية واجتماعية وسياسية وثقافية وحتى عسكرية وظاهرة قل نظيرها وندر ندها، لقد حافظت على مقاومة هذا الشعب القليل العدد الكبير الإرادة الحسن التنظيم والتكوين والإعداد، فلم يكن الإحصاء الإسباني 1974 قد احصى عدد الصحراويين بأكثر من 74000 صحراوي في مواجهة جيوش جرارة وتآمر دولي ضخم.

اليوم البوليساريو والدولة الصحراوية تتجه بقوة وعقل وحنكة ولديها تجارب من الخبرات لا مثيل لها، ولديها من الثقة في نفسها والهمة والشجاعة أكبر من كلمات المثبطين الضعفاء والمتساقطين الهزل، فهنيئا لشعبنا بذكراه وبطريق الحرية ودرب الرجولة والنبل الذي اختاره وقدم خيرة أبنائه من الشهداء الأبرار ولا يزال العدو المختفي يحترق بنار القنوط فقد فات الأوان وحركات المؤامرات ستظل ارتدادات لنكستهم وهزيمتهم.

لقد أدى صمود الشعب الصحراوي ومقامته الباسلة بالملك وحاشيته الى بيع بنات وأبناء الشعب المغربي في سوق النخاسة وباع ارض المغرب للغرباء وأخيرا بعد العرض باع الدين، ومن أجل محاولة كسرنا تآمر من الشياطين ومع الصهاينة ولكن لم يزدنا ذلك إلا يقينا في قرب النصر، فما بعد الأرض والعرض والدين إلا الانتحار الوشيك...