 |
الشاعر العراقي بدر شاكر السياب |
لك الحمد مهما استطال البلاء
|
ومهما استبدّ الألم،
|
لك الحمد، إن الرزايا عطاء
|
وان المصيبات بعض الكرم.
|
ألم تُعطني أنت هذا الظلام
|
وأعطيتني أنت هذا السّحر؟
|
فهل تشكر الأرض قطر المطر
|
وتغضب إن لم يجدها الغمام؟
|
شهور طوال وهذي الجراح
|
تمزّق جنبي مثل المدى
|
ولا يهدأ الداء عند الصباح
|
ولا يمسح اللّيل أو جاعه بالردى.
|
ولكنّ أيّوب إن صاح صاح:
|
«لك الحمد، ان الرزايا ندى،
|
وإنّ الجراح هدايا الحبيب
|
أضمّ إلى الصّدر باقاتها
|
هداياك في خافقي لا تغيب،
|
هداياك مقبولة. هاتها!»
|
أشد جراحي وأهتف
|
بالعائدين:
|
«ألا فانظروا واحسدوني،
|
فهذى هدايا حبيبي
|
وإن مسّت النار حرّ الجبين
|
توهّمتُها قُبلة منك مجبولة من لهيب.
|
جميل هو السّهدُ أرعى سماك
|
بعينيّ حتى تغيب النجوم
|
ويلمس شبّاك داري سناك.
|
جميل هو الليل: أصداء بوم
|
وأبواق سيارة من بعيد
|
وآهاتُ مرضى، وأم تُعيد
|
أساطير آبائها للوليد.
|
وغابات ليل السُّهاد، الغيوم
|
تحجّبُ وجه السماء
|
وتجلوه تحت القمر.
|
وإن صاح أيوب كان النداء:
|
«لك الحمد يا رامياً بالقدر
|
ويا كاتباً، بعد ذاك، الشّفاء!»
|
|
لندن 26/12/1962
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق