حورية داودي / الجزائر |
أيّ حافِـز يحرّك ريشة الكاتب ؟ وكيف نستثمر في الحوافز الإيجابية حتّى تثمر شجرة الإبداع ؟
تتنوّع الكتابة الإبداعية لتشمل مجالات مختلفة " القصّة ، الرّواية ، الشّعر، المسرح " وهي ممارسة راقية للتّعبير والبوح والتّحرّر، ورافد مهم لإشاعة الوعي وتنوير الفكر والثّقافة ، ووسيلة لفهم الحياة بمناظير مختلفة حسب توجَه كلّ كاتب . وبقدر ما توفّر المتعة للقارئ فهي اِستنزاف لأحاسيس وجهد وأعصاب الكاتب . هذا الأخير الّذي يتحمّل العديد من أعباء وصعوبات الكتابة الإبداعية الّتي تواجهُهُ في النّشر والتّوزيع والتّهميش ..
فما سِرّ تحمُّل الكاتب كلّ هذه الأعباء ؟
تختلف دوافع وطرائق الكاتبة من شخص لأخر حسب الحالة الشّعورية الدّاخلية وحسب نوع الحوافز. إيجابية أم سلبية ، معنوية أم مادية أم روحية ، وكلّها تحرِّكُ الرّغبة و الطاقات الإبداعية والإنتاجية لديه ، وهنا يتبادر إلى الأذهان السؤال :
ـ هل يستطيع الكاتب أن يكتب دون حوافز..أي يكتب من أجل الكتابة فقط كفعل روتيني ؟
قد نقول نعم ، ولكن عندما نبحث في دواعي الكتابة لدينا سنجد حافز ما حرَكنا للكتابة .. ولفهم أكثر خلفيات الممارسة الاِبداعية ، اِقتربنا من بعض الكتاب و طرحنا عليهم إشكالية الموضوع :
ـ أيّ حافز يحرّك ريشتك للكتابة ؟
فكانت إجابة الأستاذ الكاتب الجزائري إبراهيم جديدي كالتّالي :
ـ الكتابة ميول وطموح فهناك من يستعملها كوظيفة للكسب وهناك من يجد نفسهُ في محيط يمارس الكتابة والأدب بالتّالي تؤثر الكرونوزمات الوراثية الأسرية و الإجتماعية في مسار حياته فيجد نفسه يمارس الكتابة الإبداعية طوعا " .
أمّا الشاعر العراقي والصّحفي رياض الحسناوي فقد أوضح أنّ الكتّاب عموما تحرك ريشتهم الاِنفعالات والدّوافع النّفسية ومنهم من تحرّكه مجريات الشارع والمبادئ فيعكس ألام شعبه في إبداعه . ومنهم من يتّبع هواه فيتّخذ منحى ما تقتضيه المصلحة كالشهرة والمال.
وبغية فهم أسرار الكتابة وحوافزها أكثر تقربنا من الكاتب والناقد والروائي والشاعر الجزائري علاوة كوسة ، فأوضح أنّ النّقاد وعلماء النّفس يرون أنّ للإبداع دوافع سيكولوجية عديدة فمنها ما يرتبط بالألم والحزن ومنها ما يرتبط بدوافع أخرى كالحبّ و الاِنتظاروالفقد والفرح ..
ويقرّ الأستاذ علاوة كوسة أنّ دوافع الكتابة لديه ليست بتأثير البيئة الريفية بل كان حبّ الكتابة منذ الصّغر وبدأ من جراء تجربة عاطفية شخصية في مرحلة الدّراسة . كما اِعترف أنّ دوافع الكتابة لديه هي الألم والفقد حيث قال : " يوم أقشّر جرحي سأعكّر الساحة الأدبية الجزائرية و العربية لأنّ الجرح عميق بداخلي ".
وعلى غرار الأراء المختلفة للكتّاب تؤكد الكاتبة حورية داودي على اِختلاف ظروف الكتابة من شخص لأخر ، ولذا لا يمكن تحديد صورة معيّنة للإبداع . قد يكون المكان أو البيئة مصدر هذا الإلهام والمحفّز لهُ ، وقد يكون الحافز قضية مجتمعية أو ظروف حياتية صعبة مؤلمة أو مفرحة. ويعتبر ألم الفقد من أهم العوامل الّتي تحرّك ريشة الكاتب فيجعلهُ يكتب ليتحرّرَ من أشجانهِ ويبني لنفسه من خلال الكتابة عوالم يحلّقُ بها في فضاء الإبداع ، وتبقى قدرَتهُ على توظيف اللغة لترجمة إبداعه هي المؤشر الّذي يحدد مدى نجاحه في التحليق في عوالم الأدب. يقول أحد الروائيين العرب : " أشتهي الكتابة حتى لو لم يقرأ لي أحد " هذا الروائي فقد والدُهُ في صغرهِ وعاش الحرمان الأبوي فهو يشتهي الكتابة ليضع ألمهّ على الورق..وأمثالُهُ كثيرون .
ويبقى الحافز ضرورة يتّكأُ عليها الإبداع ودافع يطلق عنان ريشة الكاتب ليعبّر، ليتحرّر، ليرفض، ليبدع .
منقول عن صحيفة الفكر
0 التعليقات: