مجلة الطريف الصحراوية . يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الاثنين، 9 أكتوبر 2017

الجذور الزنجية (الإفريقية) في اللهجة الحسانية

أثبتت الحفريات التي جرت في مناطق عديدة من الصحراء الغربية وجوارها الإقليمي أن السكان الأفارقة قد اقاموا حضارات متتالية على هذه الارض قبل ظهور المجموعات الأولى من البربر الملثمين على حواف الصحراء قادمين إليها من منطقة الشمال الإفريقي هربا من الاستبداد الروماني الذي طال المنطقة زمنا طويلا.
ولاشك أن امتزاج السكان القادمين بالسكان الاصليين ادى الى استيعاب لغاتهم وجزءا معتبرا من ثقافتهم وامتزاجها مع لغة صنهاجة البربرية ثم ظهرت لاحقا في اللهجة الحسانية التي نعرفها اليوم، ينضاف إلى هذا الرافد التاريخي روافد معاصرة ناتجة عن احتكاك الناطقين بالحسانية بجوارهم الافريقي في تواصل لساني وثقافي لم يتوقف تاثيره وتاثره عبر الزمن.
ويظهر الأثر الإفريقي في الثقافة الحسانية بيناً جلياً ليس في المفردات اللغوية فحسب، بل وفي الأزياء التقليدية والموسيقى وفي أساليب تصفيف الشعر وضفره...الخ.، غير أن المفردات الحسانية ذات الأصل الإفريقي أقل من نظيراتها العربية والصنهاجية نتيجة للسيادة الأمازيغية في الصحراء زمناً طويلاً قبل أن تتعرب المنطقة بفعل أسلمة جميع مكوناتها، كما أن بعد العناصر الإفريقية جغرافياً عن عدد كبير من الناطقين بالحسانية جعل لغاتها أقل حضوراً في الاستعمال اليومي، بخلاف تلك العناصر البشرية الحسانية التي هي على تماس مباشر مع الشعوب الإفريقية، مما يفسر تزايد نسبة المفردات الإفريقية في اللهجة الحسانية المنطوقة في المناطق القريبة من المجموعات الزنجية جنوب وشرق موريتانيا ويسمى هؤلاء الزنوج في الحسانية باسم جامع هو "لكور"، ونجد المفردات الزنجية المستعملة في الحسانية الشائعة في الصحراء الغربية في بعض أسماء الأعلام مثل "المامي" وتعني الإمام أو الشيخ، أي رجل الدين وأسماء مثل "ديدي" و"بلاهي" و"ممدو" و"فال" و"صمبا"و"انداي" و"حنة" بتشديد النون و"افاتو" وغيرها، كما نجد الجذور الافريقية في أسماء بعض الأطعمة مثل "گرتا" أي الفول السوداني و"كسكس" الطعام المعروف و"بيصام" وهو الوردة الفرعونية أو الكركدي كما يسمى في السودان و"مارو" وهو الأرز الذي يزرع في حواف نهر السينغال.
ومن الطريف الإشارة هنا أ ان كلمة "البنان" وهو الموز المستعملة في الحسانية هي نفسها كلمة "Banana" المستعملة في عدد من اللغات الأجنبية وأصلها كلمة من لغة الولوف الذين يعيشون على الجانب المقابل من نهر السنغال.
كما أن أسماء بعض الحيوانات مثل "گابون" وهو الدب و"بديزوگ" وهو التمساح هي أسماء زنجية إفريقية بلا شك، وربما كانت كلمة "فام" وهو القرد أيضاً من الأسماء الإفريقية، وكذلك أسماء الكثير من الأسماك خاصة في المنطقة الجنوبية الغربية من موريتانيا مأخوذة من لغة الولوف وهم زنوج جنوب غرب موريتانيا، ككلمة"ياي بوي" وهو سمك الإسقمبري مثلاً.
ولعل الكلمات الزنجية المتضمنة في اللهجة الحسانية هي التي يقصدها الشنقيطي حين يشير إلى بعض الكلمات في الحسانية قائلا"... وبعضها (اي الكلمات الحسانية) لا نعرف له اشتقاقاً، وليس من اللغة البربرية، لأنه لا يوجد فيها...".
ونجد ان أسماء بعض الأدوات الموسيقية الحسانية إفريقية الأصل أيضا، فضلا عن بعض الكلمات المرتبطة بالأزياء ووسائل الزينة، ولعل كلمة "سانامانا" وهي ظفرة تقليدية افريقية الاصل بالإضافة الى بعض تسميات المقامات الموسيقية واسماء بعض بحور الشعر الحساني.
كما نعتقد ان بعض التسميات الجغرافية الصحراوية تنتمي إلى لغات زنجية سابقة على وجود البربر في الصحراء الذي يرجعه بعض المؤرخين إلى القرن الميلادي الاول ويرجعه بعضهم الى القرن الثالث الميلادي ومن هذه الاسماء زو گ وشار ودومس ومادس وشوم وميجك و توف وغيرها كثير.
وللموضوع بقية ...
بقلم الدكتور غالي الزبير 

0 التعليقات:

© 2013 مجلة الطريف . تصميم من Bloggertheme9