مجلة الطريف الصحراوية . يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الاثنين، 19 نوفمبر 2018

الشعب الموريتاني الشقيق،

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‎Najla Mohamed‎‏‏، و‏‏يبتسم‏، و‏‏‏‏سماء‏، و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏ و‏طبيعة‏‏‏‏‏
بقلم النجلة محمد

في خضم بهجتكم هذه إليكم تسريبات من وجداني ومقتطفات من متحف ذاكرتي
منذ سنين مضت، كنت كل ما دخلت بيت جارتنا؛ أجدها تستمع "للهول" وتنظر الى مناظر خلابة لا تشبه مخيمنا في قناة موريتانية. استقرت تلك المناظر في عمق ذاكرتي الى اليوم، و رفضت النزوح إلى النسيان. أعظم لحظات الفرح لدى أفراد عائلتي وشعبي كانت عبارة عن لقاء الأحبة، مِن مَن أرغمتهم الحرب على الفراق قسرا، ليجتمعوا مرة أخرى بعد عقدين من الزمن في حضن موريتانيا الآمن. هناك في قلب الزويرات، نواكشوط ونواذيبو ولدت أحضان ونظرات بين أفراد العائلة الواحدة بعد أن ظنوا جميعا أن لا تلاقيا. شهدت تلك المدن الكثير من القبل والأحضان المباحة بين أزواج صحراويين حرموا من بعضهم البعض لسنوات، مرَّت عبر تلك المدن رسائل ورقية ورسائل مسجلة تحمل أخبار الأهل من الضفتين، المحتلة و اللاجئة.رُبطت من خلال تلك المدن أواصر العديد ممن يئسوا من لقاء أنصافهم، لم تغلق موريتانيا معبر شعبي الوحيد إلى الوطن والأهل و الحب خلف الجدار ولم تمنع عبور الرسائل الورقية والمسجلة المحملة بأخبار الأحبة السارة والمؤلمة، والهدايا البسيطة .. موريتانيا تركت المعبر مفتوحا على مصرعيه لنصل الي أجزائنا العائلية التي انفصلت عنا تحت قصف الطائرات.
إلى غاية اليوم أجمل ما في بيت أهلي بساط مزركش اقتناه عمي من موريتانيا بداية سنة ١٩٩٧، ذات البساط غرق كثيرا في الزيوت والحليب والشاي، كما أنه سبح مرات عديدة في السيول وغطته أتربة الزوابع الرملية المتسربة من الخارج، لكن ما أن أعكف أنا وأختي علي تنظيفه حتى يرجع إلى جماله الأول. جميع أفراد العائلة يشيرون الى ذلك البساط بي " تركيتْ موريتانيا"
كان أبي يتقن إعداد شاي (لحويمي) يملأ الكأس ويتجنب صنع الرغوة، ولا يكترث لوضع النعناع.. ذهب مرة إلى موريتانيا و رجع بحرفة إعداد الشاي اللذيذ، الى جانب إتقان خاصية تجميل الكؤوس بغيماتٍ كثيفة من الرغوة الجذابة، عقد الصلح مع النعناع وأهم من ذلك أنه تخلى عن إفراطه في ملئ كؤوس الشاي ذلك الإفراط-مهما كان - يختلف حتما عن إفراط السياسيين في الكذب على الشعوب وإفراط رجال الدين في تسييس علاقة البشر بربهم.
اختار أخي الأكبر؛ الذكي جدا، سبيلا أوصله لموريتانيا، قضى بها أكثر من سنتين، كان جميلا طيبا ومتواضعا قبل ذهابه و عاد من موريتانيا يحمل الصفات نفسها لكنها مضاعفة؛ و رجع بلسان حساني خال من الشوائب "طايب" يتقن نطق الحسانية بسلاسة مطلقة مع انخفاض في معدل النزق، وارتفاع مذهل في السكينة، عاد و قد حفظ الكثير من الشعر ورجع يحمل أربعين حزبا من كتاب الله في صدره.
رغم انني ذكرت اشياء مهمة بنسبة لي إلا أن هناك رابط تصغر كل الروابط أمامه يربط شعبي وموريتانيا؛ أنه سرير الزوجية الذي يجمع بين الجسدين، الموريتاني و الصحراوي في دفء الحلال نفس السرير منح الشعبين أطفالا حملوا ترابطنا إلى ما فوق اللهجة،الدين ،الثقافة والتقاليد. منحتنا تلك الزيجات أطفالا يحملون حمض نووي واحد مكوناته صحروموريتانية أي ترابط أبدي.
هذه مقدمة لا تشبهني لأنها طويلة لكن كان يجب أن أمر بها بكل صدق لأصف فيها موضع موريتانيا في قلبي.
رغم الانشغال المزعج نجح الحماس الخالص في إرغامي على كتابة هذا التصريح قبل فوات الأوان. فرحي ليس بفوز المرابطون بحد ذاته، لكن باتحاد أبناء شنقيط، سررت أن المستديرة نجحت في توحيد أبناء وطنكم بعيدا عن تقسيم الإيديولوجيات و الولاء السياسي الذي أصابنا جميعا، استطاعت أن تجعل احساس الفرح واحد، وشعور الانتماء واحد، وهذا ما عجزت عنه السياسة. واسعدتنا نحن الذين لم نشارك قط في كأس افريقيا، ولا غيره من الكؤوس، عدا كأس الشاي الذي يجمعنا منذ الأزل. المستديرة نابت عن القادة واستجابت للهفتنا لتذوق فخر غير مستورد وخالي من ملح السياسة. المستديرة وهي تتدحرج مثل تدحرج أحلامنا المشروعة بين ايادي المجتمع الدولي منحتنا حماس صادق أذاب كل الفوارق التي ذكرت. صدقا شعرت بسرور وأنا أشاهد أتباع الحزب الحاكم والمعارضة ومن ليس لهم توجه سياسي غير مناشدة العدل و أطفال ونساء من جميع مكونات موريتانيا يمارسون البهجة المعلنة في ربوع أرض موريتانيا. لقد تغير مزاجي وأحسست بالسعادة بغتة بقلبي. و كملاحظة جانبية أقحمت نفسها أتمنى أن لا يقول أهل النحو أن لا محل لها من الإعراب او أنها تفتقر للحياء أهداني هذا النصر النظر إلى دموع الرجال النادرة التي دائما وأبدا ما تزيدهم وسامة في نظري أخيرا أعتقد ان هذه التجربة ستغير موقفي من المستديرة مستقبلا و إلى ذالكم الحين مبروك للشقيقة موريتانيا و أرجو لها كل الخير وأشكرها على ما قدمت ولازالت تقدم للشعب الصحراوي، وأرجو أن أوفق يوما ما في الهروب إلى بواديها قصد الظفر بعزلة بين خلجانها و تذوق "مارو حوت" وما تيسر من أشياء لا توجد إلا في موريتانيا.
منقول من صفحة النجلة محمد
Najla Mohamed

Najla Mohamed

Najla Mohamed

0 التعليقات:

© 2013 مجلة الطريف . تصميم من Bloggertheme9