مجلة الطريف الصحراوية . يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الخميس، 1 يونيو 2017

الوثيقة...

لا يتوفر نص بديل تلقائي.
خرج من بيوت الطين مسرعا. شرب كاس الشاي الأول على عجل وهو شبه واقف لم ينتظر تراتبية الحياة المجسدة في كؤوس الشاي الثلاثة اكتفى بالكأس التي تجسد واقعه المر سألته في استحياء وكأنها تتجنب إثارة موضوع حساس.
- ما الذي تفعله في ( الرابونى) كل يوم ؟
حتى أنك لا تستطيع أن تنهي كاسات الشاي معنا، ما الذي يحدث؟
اجاب بسرعة وحدة تنمان عن الرغبة في اقفال الموضوع الذي لا طائل من الخوض فيه، سيمر احمد بسيارته ليأخذنا من خيمة سعيد ولا أريد ان اكون السبب في تعطيلهم. وأردف قائلا كمن يريد معاقبتها على سؤالها البريء.

لا تنتظروني لن أعود الليلة لدي الكثير من العمل. تمتمة بصوت خافت يملؤه الحنق اي عمل غير العودة بثياب متسخة تملؤها روائح المحروقات والعرق.
أخذ (لثامه) وادخل رجليه اللاتين أصبحتا سوداوين بفعل الطبيعة في النعل القديم المتهالك ورغم برودة الجو الا انه يفضل النعل على الحذاء فقط لان النعل مفتوح وسهل الخلع وهو لا يحب القيود، ويكره الاعتناء بنفسه.
وجد الثلاثي امامه يهم بالخروج الى السيارة أحمد ذو النظرة الثاقبة المتمرس في فن البقاء على قيد الحياة، الحذر دائما صاحب المقالب القاسية الحاضر دائما لمساعدة اصدقائه، سعيد ذلك الرجل الذي يأبى ان يخرج من سن الشباب رغم بلوغ ابنته سن الزواج، المرح دائما والمحبوب من طرف الجميع، الحزن في داخله يجسد تناقض الحياة في مخيمات اللاجئين الصحراويين يحاول تحويل كل المواقف مهما بلغت جديتها الى نكت، وكأن لا شيء في هذه الحياة يستحق ان نأخذه على محمل الجد. سأل سعيد وهو يحضر الى إطلاق نكته المعتادة
- اين محمد سالم؟
ألتفت احمد قائلا
- ها هو قادم على مهل كمن يجر اثنان واربعون سنة من اللجوء والشتات
 محمد سالم ذلك الرجل الهادئ الذي ينتقى كلماته حتى تحوز على انتباه الجميع
المرفوع الهامة يمشى كما قال الشاعر الطيب طيبة العطر الصابر صبر التراب خادم الانسانية المجهول الهوية.
ترادف اربعتهم في مقدمة سيارة لاندروفر القديمة الجديدة بفعل صيانة احمد والاعتناء الدائم بها، حتى انه لم يعد هذا الاخير لديه فسحة لتغيير سرعات السيارة. سأل محمد سالم أصدقائه
*الى اين نحن ذاهبون اليوم وما الذى سنفعله في ( الرابونى )؟
-واين سنتناول وجبة الغذاء؟
 كلها اسئلة ضرورية وملحة يطرحها القادم الى (الرابونى) وهناك سؤال ملح يطرح ففي فصل الصيف اين المقيل؟ وعادة تكون الاجابة عليه أصعب من الاجابة على السؤال الذي تراه في عيون كل اللاجئين متى سنعود الى ارضنا متى تنتهي معاناتنا متى الاستفتاء وتقرير المصير.
ابتسم سعيد واجاب (عند صويحبنا) قهقه الجميع. ساد بعدها صمت ثقيل قطعه سعيد الم تقروا الوثيقة المسربة عن اجتماع امانة الامانة الوطنية الموزعة على اطارات الدولة والجبهة. اجاب احمد (بالله عليك دعنا من القيل والقال) ما الذي سيجد
وهو يستطرد نفس وثيقة الاجتماع الماضي مع تغيير التاريخ لا أمل ينتظر من هذه الاجتماعات. تدخل محمد سالم بهدوئه المعتاد لكنهم أكثر وضوحا وصراحة وجدية في هذا المنشور انه يختلف عن سابقيه.
تكلم الشعب اخيرا انه الصامت المتأمل سكت الجميع وبانتباه شديد حتى احمد رفع رجله عن دواسة الوقود لكي يستمع الى ما يقوله عمار وبصوت كالحشرجة عصي الفهم. انهم يريدونا منا ان نفهم ونستوعب ان كل ما فات مجرد أخطاء عمرة لتصل 
الى أكثر من اربعون سنة في اللّجوء والشتات. ساد مرة اخرى صمت رهيب كاد ان يعلو على صوت محرك لاندروفر المتحشرج وغاب اربعة شباب تطوعوا ذات يوم للقتال ففي سبيل الوطن اصبحوا الآن رجالا على عتبات الشيخوخة.

بقلم :بباه احمد زين


في الغبار المتصاعد من الحركة في مجمع الشهيد الحافظ الإداري (الرابونى)

0 التعليقات:

© 2013 مجلة الطريف . تصميم من Bloggertheme9