د.نبيل الجزائري |
سافر طه حسين إلى فرنسا و جاء من هناك بكتابه ' مستقبل الثقافة في مصر ' ينتفض فيه ضد الثقافة الإسلامية العربية و يدعو إلى اتّباع الحضارة الغربية بحلوها و مرّها ( و قد تراجع الدكتور عن كثير من أفكاره أواخر حياته ) ، و يسافر مالك بن نبي إلى فرنسا و يعود من هناك بكتابه ' الظاهرة القرآنية ' يدعو فيه إلى مركزية القرآن الكريم في التفكير الحضاري و تجديد الوعي الديني .
الرجلان كانا شابين في مقتبل العمر عند سفرهما إلى الغرب ، لكن التفاوت في التفكير و التجاوب المعاكس مع الفكرة النقيضة يشير إلى واقع المثقف العربي حينما تكون عنده المناعة المكتسبة من المدارس التربوية ( مدرسة الترقي في حالة مالك بن نبي ) ، أو سلبية مكتسبة تجاه المؤسّسات التقليدية التي لم تكن في مستوى التساؤلات الجريئة ( جامعة الأزهر في حالة طه حسين ) .
إن المؤسّسات التعليمية و التفكير الحضاري بشكل عام تحتاج دائما إلى عملية تجديد في التعامل مع الطروحات العقلية و العلمية التي يفرزها التفاعل المتعدد الأقطاب في هذا العالم المتنوّع . و بتقدّم علوم الاتصال و تكنلوجيا المعلوماتية بات من الضروري أن يرافق العقل العربي ميزان الأفكار و عدّاد شرارتها الكهربائية لكي يكون رقما فاعلا في المشاركة و التأثير ، لا أن يكون مستهلكا سلبيا يستورد لنا كل البضاعة دون أن تكون له الأدوات المكتسبة و اللازمة لصياغتها فيما ينفعنا لا فيما يضرّنا .
0 التعليقات: