بقلم ماء العينين الاكحل |
خلاصة بشرى الأسبوع: “النظام المغربي فرح بانتصار مزعوم في السويد، و”يحتفل” معنا نحن الصحراويين بوثيقة وموقف سويدي رسمي تعلن فيه الحكومة السويدية أنها بالفعل لا تستطيع حاليا الاعتراف بالدولة الصحراوية، وهذا أمر مؤسف بالنسبة لنا ويعني أننا لن تكون لنا سفارة بعد بهذا البلد السعيد. ولكن بالمقابل تؤكد الوثيقة رسميا أيضا أن قضية الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار، وبالتالي بلد محتل، وبالتالي المغرب محتل لأنه حسب الوثيقة لا أحد يعترف بسيادته عليها، وبالتالي بها انتهاكات لحقوق الإنسان لأنها بلد محتل، وبها نهب للثروات الطبيعية لأن المحكمة الأوروبية أكدت، حسب الوثيقة دائما، أن نهب خيرات أي بلد محتل مخالف للقانون؛ إذا بماذا يحتفل المغرب؟ ولماذا نحن محزونون كل هذا الحزن؟”.
————————
ــ مقدمة:
تابعت مثل كل الصحراويين بقلق ثم بأسف نبأ إعلان الحكومة السويدية، الصديقة للشعب الصحراوي وقضيته، عجزها عن الاعتراف بالجمهورية الصحراوية حاليا لعدة أسباب، ذكرت بعضها، ولم نستطع طبعا ذكر أهمها. ولكننا في “بوبشير” لا نريد أن نركز على ما اعتبره العديد من الزملاء نقاطا سلبية، فقد كفوا وأوفوا في ذلك، أما هنا فنريد لفت انتباه الصحراويين إلى أمور يمكن القول أنها إيجابية ومن المهم الإشارة إليها وإبرازها.
غير صحيح أن عدم اعتراف السويد انتصار للمغرب بل نتيجة منطقية لواقع سياسي أشمل
يحاول المغرب، وإعلامه، وسياسيوه المسارعة إلى الظهور بمظهر المنتصر والدافع الأساسي في عدم اعتراف السويد، في هذه المرحلة بالجمهورية الصحراوية. والحقيقة أن للمغرب تأثير صغير، ويكاد يكون هامشيا على هذا القرار؛ وطبعا لم تذكر الحكومة السويدية الأسباب الحقيقية التي تقف وراء عزوفها الآن عن الوفاء بوعد قطعته نفس هذه الوجوه السياسية الحاكمة الآن منذ سنوات لقواعدها وللشعب الصحراوي بالاعتراف بدولتنا الفتية.
وحتى يكون القارئ الصحراوي، والمغربي وغيرهما من القراء على بينة، وجب التنبيه إلى أن الحكومة السويدية اعترفت بعجزها الآن وفي الظروف التي تمر بها كحكومة يسارية تقدمية عن الاعتراف رسميا بالدولة الصحراوية لأسباب محددة، لكنها شددت بالمقابل على تمسكها بالاعتراف بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، ووعدت بمواصلة دعمه إلى غاية تحقيق ذلك.
أما عن أهم أسباب عدم اعترافها بالجمهورية الصحراوية حاليا، فذلك يعود أساسا لتداعيات الموقف الذي تبنته منذ فترة باعترافها الشجاع بالدولة الفلسطينية. فقد دفع الحزب الاشتراكي والاقتصاد السويدي ثمنا باهضا لذلك، وما يزال. وليست الأزمة الحالية بين السويد وإسرائيل إلا قمة جبل الجليد في الموضوع.
أزمة أخرى عانى منها الحزب الحاكم الآن تمثلت في صدامه القوي والمدوي مع الأسرة الحاكمة في السعودية بسبب بضعة ملفات حقوقية وما رافقها من انتقادات، وهجمات إعلامية متبادلة. وبالطبع، لا يخفى على أحد التأثير المالي والاقتصادي الكبير للسعودية، ولرؤوس أموالها في الاقتصاد السويدي وغيره.
إذا، بات من المستحيل على الحزب الاشتراكي والخضر الدخول في أزمة أخرى الآن، لأن الدول الغربية لا تحكمها العواطف في السياسة، بل تسيرها المصالح ومنطقها القاسي، ونكاد نجزم بأن المعارضة السويدية، ورأس المال السويدي المؤثر قد لعبا دورا كبيرا في توجيه رسالة واضحة للحكومة الحالية بأن عليها تجميد كل مشاريعها السياسية التي قد تجلب المزيد من التوتر للبلد، خاصة في هذه السنة التي تبذل فيها السويد جهودا كبيرة للحصول على مقعد في مجلس الأمن. فليس باستطاعة السويد أن تغامر بالدخول في صراع آخر الآن مع أصدقاء المغرب، خصوصا العرب وفرنسا لما سيكون له من تأثير على حضورها الدولي.
إذا، على الصحراويين والمغاربة أن يدركوا جيدا أن وراء الأكمة ما وراءها، وليست سوى بداية لمعركة دبلوماسية جديدة، وليست قطعا نهاية للحرب.
تهافت مضحك للسياسيين المغاربة فرحا بانتصار وهمي
إن تهافت السياسيين المغاربة لأخذ صور تذكارية في السويد احتفالا بالانتصار المزعوم يدل على فقر سياسي مزمن، وسطحية لا متناهية، فهل قرأوا فعلا التبرير والتحليل الرسمي الذي بنت عليه الحكومة السويدية قرارها؟ وهل بدأوا في الاعتراف والقبول بكل الخلاصات التي خرجت بها السويد من دراستها للأمر؟
لقد درست الحكومة السويدية الموضوع بروية طيلة أشهر لتصل إلى نتائج عادية بالنسبة لنا، لكنها هامة لورودها في وثيقة سياسية رسمية لدولة مثل السويد. ولا أعتقد أن المغاربة سيحتفلون بها كل هذا الاحتفال لو اطلعوا عليها فعلا وهي كما سنترجمها دون تصرف من النص الرسمي المنشور على موقع الخارجية السويدية http://www.government.se/contentassets/e221772585ee4247946dce4846ad333d/sammanfattning_franska.pdf) كالآتي:
“قضية الصحراء الغربية تعرقل بشكل واضح التعاون المغاربي الاقليمي، وبالتالي، نمو الاقليم اقتصاديا. كما تسبب النزاع في خلق وضعية لجوء مستمر والذي يشكل معاناة إنسانية هائلة. وتتحمل الأطراف المختلفة، إلى جانب مجلس الأمن الأممي والأمين العام للأمم المتحدة، مسؤوليات ثقيلة في إيجاد حل عادل، ودائم ومقبول من الطرفين يفي حق شعب الصحراء الغربية (الصحراويين) في تقرير المصير”.
“إن الصحراء الغربية، بالنسبة للأمم المتحدة، قضية تصفية استعمار. وقد اعتمدت محكمة العدل الدولية سنة 1975 رأيا استشاريا بشأن وضعها. ويعني ذلك أن المنتظم الدولي لا يعترف بالسيادة التي يدعيها المغرب على هذا الاقليم”.
“يجب على السويد أن تواصل الدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. ومن المهم مواصلة دعم الأمم المتحدة التي تسعى لتسهيل اعتماد حل متفاوض عليه بما يمكن من احترام هذا الحق، كما أنه من الضروري العزوف عن استباق هذه الجهود بقرار ثنائي” (إشارة لسبب من أسباب عدم الاعتراف).
“إن تقييم الوضع من وجهة نظر القانون الدولي يشير إلى أننا أمام حالة احتلال للصحراء الغربية”.
“فيما يتصل بموضوع استغلال الثروات الطبيعية، سيكون لنتيجة العملية الجارية أمام محكمة العدل الأوروبية بخصوص الاتفاقية التجارية الخاصة بالمنتجات الفلاحية والبحرية وكذا اتفاقية الشراكة في مجال الصيد البحري، أهمية كبيرة.
“إن عدم الاستقرار المتنامي في شمال أفريقيا والساحل، يضاف إليه استمرار وضع اللاجئين يؤكد على الحاجة لجهود متزايدة من قبل الأمم المتحدة ومختلف الأطراف الفاعلة (…) وليس بإمكاننا اعتبار الجمود خيارا يعتمد عليه”.
“ينبغي على السويد أن تواصل متابعة وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وفي تيندوف. (…) لقد لوحظ تحقيق بعض التقدم إلا أنه ما زالت هناك ارتكاب لانتهاكات جسيمة”.
ــ خلاصة:
من الجيد دائما تقييم أي حدث من كل جوانبه، وعدم الاقتصار على جوانبه السلبية، التي نرى أنها في هذه الحالة فقدان الصحراويين فرصة ثمينة في اعتراف بلد غربي ديمقراطي معروف بدولتنا الفتية. ولكن بالمقابل، من المفيد أيضا اعتبار الأمر مجرد معركة في حرب لم تتوقف بعد، وأهم من ذلك عدم السقوط في الأخطاء التي يقترفها المغرب دائما ونعيبها عليه، عندما يهاجم دولا أو هيئات بسبب مواقف يعتبرها سلبية.
لهذا، يرى “بوبشير” أن السويد ما تزال بلدا صديقا للشعب الصحراوي وقضيته، وماتزال مؤمنة بالمبادئ التي بنت عليها موقفها المساند لكفاحنا منذ السبعينات، لم تغيره، وما تزال راغبة في مواصلة علاقات متميزة معنا، وراغبة في دعمنا بأشكال مختلفة نحن في أمس الحاجة إليها، فلهذا وجب التروي في أي رد عنيف ضدها، وتفهم الضغوط التي أرغمتها على الانحناء للعاصفة الآن في هذا الظرف. وأهم من كل ذلك، وجب إثبات أننا كصحراويين لا نسب مستقبل علاقاتنا مع أي شعب أو طرف بسبب مواقف ظرفية، أو رأي، بل نحن ناضجون بما يكفي لنقدر خسائرنا بترو، ونبني معارك جديدة لتغيير الوضع لصالحنا مستقبلا.
منقول عن موقع الصحراوي
http://www.saharawi.net/?p=4566
0 التعليقات: