بقلم : حمدي حمادي |
ثقافتنا تبقينا مكشوفين مع نفسنا حتى العظم ...
في خيمتنا اين ننام و نستيقظ و نأكل جميعا و حتى انه يولد الطفل و يحبو و ينمو دون الحاجة الى طرد الضيف او الخوف من الفاقة...
الجدران الوحيدة التي تقسم الخيمة هي جدران الحياء و العفة و الحشمة التي رصها الجميع...
التعايش و الاحترام جعلنا نعيش و نتقبل المدنية و كل المصطلحات التي يتعلمها العالم اليوم ...
لو عاشوا بيننا لاخذوا الدروس التطبيقية من الديمقراطية و العدالة و الايثار و المساواة و الخلق الكريم , دون اللجوء الى المدارس...
البيت يبدأ ببناء الخيمة...(بناء المدرسة)...الصالون هو المركز...
الآن بيوتنا من جدران غير اننا نكَبّر الصالون كي نُبْقِي على ثقافة الخيمة بيننا هي هي ... حتى و لو غيرنا اسمها "لصالون"...اوغيره
الغرف تعددت في البيت غير ان كل الابواب مفتوحة على بعضها...
الباب الخارجي لم يغلق بعد و لا يملك احد مفتاحا لقفل...
لان كل ما في بيتنا طاهرا و نقيا...
في بيوتنا تعيش الملائكة... الملائكة لا تدق جرس الابواب...
الجرس صنع لينتبه الشياطين ان الملائكة اتت...
الممنوع و المحظور نعرف لمذا و ضعت الشعوب الابواب لمنعه...
هكذا افهم لمذا منعت الخيمة في الصحراء هذه الايام ....
و لمذا ترُوج لديهم تجارة الاقفال و الابواب الحديدية...
العالم يبحث عن الثقافة التي لا تزرع المتسولين في الشوارع...
الثقافة التي تحصن الانسان قبل ان تحصن البيت ...
هذه الثقافة و تلك القيم ليست وليدة اليوم بل هي تجارب مئات السنين...
لذلك هي عصية على الفهم و التفسير الا من اهلها و قد وقف مفكرون كثر مشدوهين امامها...
تلك الثقافة التي تغلبت على الكثير من الضعف البشري و ساءلت النفس البشرية و امتحنتها و صفتها كما يصفى العسل من الشمع و عصرتها كما يعصر الزيت و صفته و فصلته بطهارة الماء الزلال...
تلك الثقافة هي زبدة الكثير من العبقرية الصامتة المتوحدة مع النفس و المتأملة بهدوء الصحراء في خفاياها و اغوارها...
و قد درست و خبرت احسن و انجع الطرق لتحصين و حماية الانسان و عظّمت قيمته على الاشياء المادية فحين نرى الكرم الصحراوي نجد ذلك متجسدا في اعطاء قيمة كبرى للانسان و تقزيم للمادة ... و هو مايكوّن الشعور بالنظر الى قيمة الضيف حيث تموت فيه روح الشر المتمثلة في السرقة او الاعتداء او غيرها و في في المضيِّف الايثار و المحبة ... و لم يأت ذلك الا من جهد فكري عميق و تحولات زمنية طويلة و تجارب متواصلة متراكمة ...
ان الفهم المتقصي للقيم و الاعراف و التقاليد يعطي للثقافة قيمتها العظيمة...
و اننا نرى اليوم عندما نقترب من شعوب اخرى , الفارق الحضاري بيننا و بينهم...
حيث لا تزال اللغة الساقطة و السرقة و التسول و مظاهر الفوارق الاجتماعية الواسعة و غيرها من الامراض الاجتماعية التي عالجتها بفلسفة هادئة و متئدة الثقافة الصحراوية...الخ
لا يمكن لهذا المقال تتبع تلك الصفاة و المآثر و القيم و التجارب التي يمكن ان نقدمها للانسان فوق كوكبنا .
و اننا في هذا المقال انما ننوه الى الفارق الحضاري بين الانسان الصحراوي و غيره في استحالة التعايش مع اناس لهم ثقافة اخرى تختلف جذريا عنا و نرى انها متاخرة و لا يمكن ان تفهمنا و الانسان عدو ما يجهل...
ان استهداف طمس الثقافة الصحراوية عصيّ على الفلاح و ما يفعله العدو هو مسايرتها و محاولة كسب الوقت في ذلك لعل وعسى يستميل ضعيفي النفوس الجهلة و قصيري النفس و المنبهرين بالثقافات الاخرى...
و يقول المثل "اللي اشكر لك دارُِ لا تحكر دارك" و "اللي اتْرَيَّ اعليك خرص ركبة(كاف مصرية) امراحُ"
اننا لا نقول ان الانسان الصحراوي مثالي ابدا ... غير اننا نجد قيم نمارسها يوميا نستطيع ان برعنا في فهمها و اعطائها القيمة التي تستحق ان نشارك في بناء الانسان و نحن على يقين اننا نملك الجيد الذي ينفع ان يقدم .
و هو محاولة الجواب على السؤال القائم ماذا ستقدم دولة "اهل الصحراء" للعالم ؟؟؟
0 التعليقات: