مجلة الطريف الصحراوية . يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الثلاثاء، 6 يناير 2015

بعد أن غارت منها الدموع،العيون مدينة حائزة على ثقة الزمن

ازعور ابراهيم
بقلم : ازعور ابراهيم



العيون،عاصمة الصحراء الغربية،و كبرى مدنها، قد ورثها المغرب عن سلفه المستعمر الإسباني،الذي لاذ بالفرار متقهقرا من المنطقة نهاية عام1975،بعد واحد و تسعون سنة من الإستعمار،تاركا أبوابها مفتوحة على مصراعيها، أمام المغرب الذي لايستحق , في خطوة أشبه ما تكون بقطف تفاحة من شجرة الخطيئة ،كون إسبانيا ، إستعمار فقير لا يملك، لم يترك و راءه ثقافة، و لاعمران ، قد سلم الصحراء الغربية ،الملئية بالثروات لغير أهلها ،و بغية صرف النظر عن المطالب التي تقدم بها سكان الأرض الحقيقيين إلى الأمم المتحدة في حينه،بغية تمكينهم من ممارسة حقهم في تقرير المصير و الإستقلال،خاصة في خضم الجدل الكبير الذي أثير حول حقيقة ما قام به المغرب كونه إحتلالا ، أم يندرج ضمن ما يعتبره "حقوق تاريخية" بدأ المغاربة كغزاة، يبحثون لهم عن جذور قد تثبت صلتهم بالأرض،بأنها جزء مستعاد بتر في مرحلة ما من تاريخ المغرب بسبب ظاهرة "الإستعمار"،بالإستعانة بالأساطير والخرافات و التزويرات التي لم تزكها محكمة العدل الدولية في رأيها الإستشاري الصادر في 16 أكتوبر1975،فقد بدت الصحراء الغربية،غريبة على المغاربة وهم غرباء عليها،فلا هي ناسبت مظاهر حياتهم الدخيلة،ولا أهلها قد رضخوا و استكانوا، فدخلوا فصولا من الكفاح المستمر ضد المغرب حتي اليوم .
            و في السادس من نوفمبر 1975 ، أستيقظت جيوش من الجياع العرمرم، ممن تم الزج بهم فيما عرف"بالمسيرة الخضراء" على حياة خالية من الذهب، في تخوم الصحراء ،التى صورتها فرقة الغناء المغربية "ناس الغيوان"بطلب من إدريس البصري، على أنها واد يجري بالذهب،في أغنية "الواد وادي ياسيدي،والصحراء ليا" قبل أن تظهر الصحراء ـ على حقيقتهاـ  قطعة يحملها السراب ،ع صية تأبى               الإستسلام،و يطل من خلف كثبانها رجال مستميتون في الدفاع عنها ، و منذ ذلك الوقت و العيون تئن في الأسر , في تلك الفترة كانت العيون في طور التشكل ، فلم تكن كبيرة بما يكفي و قد تسبب الأحتشاد البشري الذي نجم عن جلب عشرات الآلاف من الجياع المغاربة إلى المدينة لتحولها إلى مستعمرة نمل أبيض، في إفراز حالة من الخوف والفزع في نفوس أهل المدينة الأصليين،ليصدق قول الله سبحانه وتعالي في الملوك "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون" و لفظ المدينة يرد في القرآن الكريم كمرادف للقرية. سلب المغاربة العيون شكلها لكنهم عجزوا أن يسلبونها أصلها الصحراوي الغالب و الحائز على ثقة الزمن بعد أن وجد أهلها طرقا شتى للتغلب على خوفهم، في صراع لم يكن فيه البقاء للأقوى و إنما للذي يتأقلم ،فصار لكل شارع قصة مقاومة مع الإحتلال ، و لاتزال أشباح القتلة الذين أحضروا للعيون بمهمة جلاد تجوب الشوارع ، و في عملية جرد تاريخي للأحداث و الشخوص نجد أسماء كثر من أمثال صالح زمراك ، و حسن إوشن ، و العقيد أمعمرتي و غيرهم. و لا تزال المدينة تعيش تحت الحصار حتى اليوم من طرف عدو يتدفق منه الشرر يمارس لعبة الكر و الفر مع شباب هذه المدينة الولّادة، الذين أصبحوا في مقدمة الظواهر البشرية في عالم المقاومة، بعد أن صارت المقاومة هنا وظيفة وتحولت جدران المدينة إلى شاشات عملاقة ناطقة بأصلها ، و مل الشيوخ و أعوان المخزن طلاؤها بالزيت المستعمل للجمها عن الكلام. في مشاهد هذه المدينة الثائرة أيضا ما قد يصادفك من الذين ولوا الأدبار و يطلقون عليهم إسم "العائدين "و قد وافتهم العزلة بعد أن أوسعهم الشعب كراهية و تهميشا ، و لعل هذا هو حال العيون اليوم قبل أن يبدل الله حالها من حال إلى حال و يفك قيودها ليطلق سراحها من الأسر .


0 التعليقات:

© 2013 مجلة الطريف . تصميم من Bloggertheme9