الاديبة الجزائرية نورة سعدي
شدّت انتباهي اليافطة المكتوبة بالبنط العريض
فوقفت أمام المحل مبهورا أتأمل إشراقة الحدث السعيد ،قلت أخيرا تحقق حلمي وتعزز حينا
العتيق بمكسب حضاري جميل فعلى الأقل لن أكون مضطرا بعد الآن إلى التنقل بين الأحياء
وركوب الحافلات وقطع المسافات الطويلة في رحلة بحث مستميتة عن عنوان جديد ،فقلما أسعفني
الحظ وواتتني الفرصة وعدت بكتاب قيم اتخذت منه خير جليس ،ولقد صدمتني غيرما مرة تلك
الظاهرة الغريبة التي ما انفكت تتكرر دون انقطاع إذ أسدل معظم المتعاطين لتجارة بيع
الكتب ستائر مكتباتهم وتبدلوا بها مساحات للتسوق ومطاعم للأكل الخفيف والدجاج المشوي
حتى لكأننا أمة لا هم لها سوى الأكل و العبث ،أمة همها كل همها محصور في بطنها ،تنفست
الصعداء ورفعت عيناي ثانية إلى اللافتة ممتنا ثم دلفت إلى المكتبة التي طالما حلمت
أن أراها تتوسط دكاكين العطارة و المخابز ومتاجر الأقمشة ومحلات بيع الحلوى و أدوات
الزينة و الأحذية و المفروشات والأثاث ولسان حالي يلهج بالدعاء للرجل الذي استهوته
تلك المغامرة فسارع إلى تنفيذ المبادرة الطيبة وأتحف المتعطشين للعلم و المعرفة بذاك
المعلم الثقافي المجيد ,فما من شيء يروي غلة الظامئين للبحث و المطالعة كالسفر عبر
صفحات الكتب إلى عوالم و أزمنة ما كانوا ليدركوها لولا ثمرات عظيمة لأقلام المفكرين!
0 التعليقات: