مجلة الطريف الصحراوية . يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الخميس، 3 ديسمبر 2015

نفحة من شذى الماضي البعيد

 



الشاعرة و الكاتبة
 نورة سعدي

هل يمكن أن يحدث هذا حقا ،أن يتغير كل شيء فجأة ،أن تتبدل المشاهد والوجوه والروائح  والألوان والإيقاعات ،أن أعود طفلة محلولة الضفيرة تتحرك بخفة و نشاط بين صويحباتها  في ذاك  الزقاق العابق بشذى الماضي البعيد في المدينة العتيقة التي ما انفك نفح الياسمين الذي يتسرب من بيوتها يملأ أنفاسي ؟ ترى هل سافرت عبر الزمكان و أنا لم أبرح المكان ،لم أخرج من رتابة التوقيت الأرضي لم أركب آلة الزمن ؟أعلم أن السفر في الزمن من رابع المستحيلات ومع ذلك لا يمكن لأي قوة  في العالم أن تقنعني أنني لم أقم بتلك الرحلة ؟لم أعد في لحظة من اللحظات طفلة ،لم أعش تفاصيل الأيام الخوالي الموسومة بالدفء والبراءة والعذوبة والجمال ،لم أتوغل في دهاليز تلك  الحقبة الضاربة في القدم ،لكن كيف وصلت إلى هناك؟ ،كيف انتقلت في ظرف ثانية من طور إلى آخر سألت نفسي فيما كانت أناملي تعبث بالعقد الذي انساب من عنقي كنهر من الفضة و الضوء ليستقر أخيرا على صدري؟العقد المطهم بالذهب الذي انفرطت حباته بغتة و تناثرت في كل مكان من الغرفة، حبيبات اللؤلؤ التي ما أن انحنيت لأجمعها وألم شتاتها حتى ألفيتني من جديد في الحارة القديمة  وبالذات أمام  سوق الذهب القريب من بيتنا يدي في يد أمي قرب محل من محال بيع المصوغات و إذا  بصوتها العذب  يقول لي في حنان غامر حينما لمست  آنذاك رغبتي في الحصول على ذاك الكنز الصغير الذي كان بحوزتها ، غدا يكون هذا العقد لك ، العقد الذي ورثته عن أمي وورثته أمي عن جدتي ، جدتي التي قالت  لي يوما أيتها المشاغبة الصغيرة  عندما  يصبح هذا الإرث المحمل بتاريخ المكان


من نصيبك لن تضلي أبدا طريقك إلى هنا، أينما شرقت وغربت  سيستبد بك الحنين و ستعودين وان عن طريق الذاكرة والذكرى إلى البئر الأولى و ستحاصرك لامحالة أضواء المدينة!








موضوعات متشابهه :

0 التعليقات:

© 2013 مجلة الطريف . تصميم من Bloggertheme9