دخلنا القاعة -و بعد أخذ و رد... و بمساعدة الحظ- أخذنا مقاعدنا في ضيق شديد، و نحن نؤنس بعضنا البعض بترديد عبارة "تزاحموا تراحموا" لربما تخفف عنا بعضا من ذلك الزحام و الفوضى التي غرقنا فيها...و ما هي إلا لحظات حتى قام الأستاذ بكتابة عنوان المحاضرة على تلك السبورة التي تحتوي على نقوش يبدو أنها ترجع إلى "العصر الحجري"!!! و لكن الدرس هاته المرة كان لافتا للانتباه نظرا لكثرة حدوثه في حياتنا الدراسية و التدريسية، إنه "تشتت الانتباه".ما إن رأيته حتى همست مع صديقي الذي كان بجانبي قائلا:( إنه لدرس رائع جدا)، فانـفجر في وجهي صارخا:(إخرص... و إلا قم من هنا)!!! تذكرت سريعا بأني قد كنت أحدث "الماجور" في الدراسة... "المسنتز" في الاختبارات!!!شرع الأستاذ في الدرس قائلا بأن من أهم أسباب "تشتت الإنتباه" أن يدخل جسم غريب دخيل حجرة القسم، و في هذه اللحظة بالذات دخل الجسم الغريب قاعتنا...! إنهما صوتا "لامال" و "السودور" يتسللان إلينا من القاعة المجاورة التي كانت تخضع لعميلة جراحية متأخرة!!! و من الجهة الأخرى نسمات البرد القاتلة ترمي بسمومها إلينا عبر تلك النافذة المكسورة التي كسرت عقولنا بعد أن جمدتها!ما فهمت حينها إن كنت قد أصبت بــ"شرود ذهني" أم بــ "تشرد ذهني"! فــ"سيمفونيتا" "السودور" و "اللامال" المصحوبتان بفحيح تلك النافذة المكسورة أفقدتا أعصابي أعصابها! نظرت إلى صديقي "الماجور" و همست قائلا:(إن الدرس يجسد بأم عينه...) فالتفت إلي مكشرا و قال: "أشششت..."رفعت نظري إلى الأستاذ فإذ هو مستدير يكتب على السبورة، إنها اللحظة التي كنت أنتظرها... حملت حقيبتي و هرولت نحو الباب -الذي كان على بعد خطوات مني- لربما أنجو من جحيم تلك القاعة و بئس المصير!!!
0 التعليقات: