مجلة الطريف الصحراوية . يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الخميس، 25 فبراير 2016

دين الفطرة...

صورة صفحة ‏‎Nabil Algerien‎‏ الشخصية
د.نبيل الجزائري

(( و هو الذي في السماء إله و في الارض إله ، و هو الحكيم العليم )) الزخرف آية ٨٤
هي رؤية الاسلام إلى حياة الانسان في دورته الظرفية بين المادة و الروح ، و بين حريته و حدودها .. كل لتحقيق توازنه الطبيعي الفطري دون أن يدفع ضريبة مقضية ليست عليه .. رحمة من الله الذي خلقه في هذا الوجود .
أخذ اللادينيون ما ينسب الى السيد المسيح عليه السلام " أعطوا ما لقيصر لقيصر و ما لله لله " معولا لضرب الدين ، ظانين بذلك أن الملك الأرضي و الملك السماوي متساويان في شدة الجذب و التجاذب . أرادوا أن يسقوا معتقدات الناس بهذه السذاجة و كأن الناس لا تفرق بين السم و الدواء !!
لقد حدثت انحرافات خطيرة في تصرفات رجال الدين و خاصة في أوربا القرون الوسطى حيث كان يُتهم أهل العلم بالزندقة ، لم يسلم منها كوبرينكس و لا غاليلو و لا حتى من سبقوا ذلك العصر ممن استعملوا العقل و المنطق في تفكيرهم كأرسطو و ابن رشد . و فوق ذلك نصَبوا محاكم التفتيش لمن عصوهم و ابتدعوا صكوك الغفران لمن أطاعوهم بداية من الحاجب إلى الملك .
هذه الحقائق التاريخية - و هي من التجارب الانسانية - يحاصر بها أعداء الاصالة عندنا كل نهضة إسلامية تجمع بين الدين و العقل ، و بين المادة و الروح ، و يراوغ بها أصحاب 'التمائم' التغريبية أنظمتهم و شعوبهم ليعزّوا على تحطيم كيان أمة مؤمنة لا ناقة لها و لا جمل في صنع الثورة الفرنسية و لا ما قبلها من عهد 'التنوير ' الأوربي الذي شنق آخر ملك بأمعاء آخر قسيس .
إن محاولة إسقاط تجربة صراع الكنيسة المسيحية مع العقل و الفكر الأوربيين على منظومتنا التاريخية الاسلامية مغالطة خطيرة لكنها مكشوفة ، و من يقرأ عن نقد الادب الأوربي ( مدام بوفاري مثلا لفلوبير) و تاريخ عمرانهم و نظام حكمهم و خصوصياتهم الأنثروبولوجية و الإثنية سوف لن يعدو دور المشاهد السلبي، سيرتقي بحسه الفطري و وعيه العميق إلى دقة الملاحظة و رجاحة الرأي و صدق الرسالة و هو غير محنق أبدا .
إن اللادينية التي ولدت في أوربا كانت لها مبرراتها الانسانية ، لان العقل الأوربي لم يكن لينموَ و يتطور في كنف التفسير الغيبي لكل ظواهر الحياة التي كانت تفرضه الكنيسة عليه ، فكانت اليقظة العقلية نتيجة حتمية لنهاية الصراع .. إنها لم تولد عندنا و لن يلدها عندنا من رضعوا من ' دمائها'..

موضوعات متشابهه :

0 التعليقات:

© 2013 مجلة الطريف . تصميم من Bloggertheme9