 |
بقلم بابوزيد لبيهي |
كل نقاش يتعلق بالذات الصحراوية او المصير الصحراوي سواءا كان هذا النقاش سياسيا او ثقافيا او اجتماعيا او غيره نجد من بين الاسباب الاساسية للمشاكل هو الاختلال الفكري او الازمة الفكرية.
وفي حالة تشخيص الماهية الصحراوية يقودنا ذلك الى الوقوف عند مراحل تكوين هذه الماهية والتي من الطبيعي القول بانها تعرف عدة اشكالات اهمها عدم تمتعها بالوقت الكافي للنضوج مما ادى الى تشوه ماهيتها.
فالانسان الصحراوي كان بحكم الطبيعة انسانا بدويا وتراثه شفهي لم يعتمد على التوثيق والتأريخ الا نادرا وربما هذا احد الاسباب وراء تأخره في اخذ موقع يتيح له التمتع بصفة طرف قوي ضمن الخارطة العالمية ، طبعا لا ننسى ان العوامل التاريخية والبداغوجية والسوسيولوجيا ساهمت في ذلك حيث توالت الاستعمارات وتلاحقات على اقليم الصحراء الغربية اضافة الى العزلة التي كان يختارها الانسان الصحراوي لنفسه وانزواءه عن المحيط واختياره لحكم سياسي منغلق على ذاته تمثل في ( ايد اربعيين ) ناهيك عن شكل وطابع البنية السوسيولوجيا فالثقافة الصحراوية كانت ثقافة منحصرة ومنغلقة على ذاتها فمثلا كان اعتماد الشعر الحساني و العادات والتراث الصحراوي ايضا محلي محض هذا هو الاوفر حظا في الثقافة الصحراوية بمعنى انها كانت موجهة لانسان الصحراء فقط ربما ساهم في ذلك قطيعة الصحراوين مع كافة الاستعمارات التي تلاحقت على المنطقة .
اذن واقع العزلة كان اختيارا في الكثير من محطات التاريخ ولم يسمح بالتلاقح الثقافي والحضاري مع الاخر .
ظل الحال على ماهو عليه الى ان جاء احتلال المغرب للصحراء الغربية ففتح المنطقة وبحكم وحشية هذا الغزو وارتكابه لجرائم بشعة اشعرت الطرف الصحراوي بضرورة فرض الذات و توطيد الماهية الصحراوية واعادة بنائها شفع لها ذلك بإلتقاء الاستعمار المغربي مع الهوية الصحراوبة في مكوني العروبة والاسلام
تجدر الاشارة هنا ان الانفتاح على الاخر كان قد بدأ بفعل الوضع السياسي للمنطقة عشية الاستعمار الاسباني ، حين جاءت الى المناطق الصحراوية تلك النخبة الصحراوية التي شكلت الطليعة انذاك واخذت على عاتقها مسؤولية النهوض بالوضع ومحاولة الرقي به والقفز به ليرقى الى مستوى النضوج والاكتمال . كان سيد ابراهيم بصيري والولي مصطفى الولي مصطفي السيد السباقين الى ذلك بمشاركة ومباركة مجموعة من الرفاق .
كان هذا الدور اكثر من خيالي فالاكرهات كانت كبيرة والمعيقات اكبر ولكن كل ذلك صغر امام ارادة و رغبة هؤلاء .
سطرت النخبة الصحراوية مشروعها نحو الحضارة وبناء المكون والكيان الصحراوي على امل مساندة الجماهير ورغبتها في التغيير وبالفعل نجحوا في جانب مهم من ذلك فرهانهم على الجماهير لم يخب .
ولكن المشكلة ان هذا الانتقال في كل ابعاده كان قسريا لعدة اسباب اهمها عدم تواجد عدة شروط لذلك واضافة الى وقوع اكرهات كثيرة ، — الامية . انخفاض نسبة الوعي . قلة المؤسسات التعليمية وندرتها . عدم مراكمة تجربة في هذا الجانب . التقوقع الذي فرضته الظروف على الانسان الصحراوي .ارتفاع نسبة الفقر . وعدم سيطرة الصحراويين على مواردهم الطبيعية . غياب النخبة وانعدام الكفاءات . عدم وجود نظام سياسي صحراوي واعي بحساسية تلك المرحلة . ….–
لم ينضج هذا المشروع ويكتمل النمو حتى بدايات سبعينات القرن الماضي حين اختار الشعب الصحراوي اللجوء هربا من ويلات الغزو المغربي حينها فقط اصبح الصحراوي صاحب قضية وطنية وجب عليه تأكيد ذاته وفرض وجوده والعمل جاهدا من اجل الانتصار في معركته ، قاده ذلك الى خوض عدة معارك لم تكن كلها سياسية بل كانت في جميع الجوانب وعلى كل المستويات وفي كافة الابعاد .
طبعا كان الجانب الفكري حاضرا فيها بقوة فاختار الصحراوي خوض معركة الجهل وتوفير مشاريع الاطر و بناء النخبة وعمل جاهدا في سبيل ذلك وقد نجح لله الحمد في اغلب تلك المراحل — ففي احدى الاحصائيات بلغت نسبة الامية في مخيمات اللاجئين الصحراويين 2 الى 3 % وهيا نسبة مشرفة جدا بالنسبة الى حركة تحرر تفقد السيطرة على موارد وطنها الطبيعية والمادية — رغم ظروف الحرب والصراع السياسي وشح الإمكانيات ووو . يعتبر ذلك انجاز يسحق التحية .
مرحلة أخرى أتت بعد ذلك، هي بيت القصيد من هذا المقال وهي المرحلة الحالية التي تفتح عدة تساؤلات اهمها اسباب الانزلاق نحو ازمة فكرية على وشك الحصول ان لم يتم تداركها .
قد يقول البعض لماذا هذا التحليل بهذه الطريقة ولما القول باحتمال حصول ازمة لا يرى هو لها اي اشارة .
اقول ان من بين المؤشرات التي جعلتني احتمل حصول ازمة فكرية هو قراءتي لواقع الحال .
اولا انما يروج في صفحات الفيس بوك من مقالات وتعليقات توحي الى اختلال فكري صحراوي يتربص بنا كل يوم ولهو دليل يدعم هذا الطرح.
ثانيا نسبة الهدر المدرسي المرتفعة سواءا في المخيمات او في المناطق المحتلة بالخصوص التي تحظى بحصة الاسد لهو ايضا احد العوامل .
ان غياب النخبة او انخفاض نسبتها في المشهد السياسي له ايضا احد الكوارث الداعمة والمؤسسة لهذه الازمة
رابعا غياب الحوار الوطني و حصر فضاءاته و التفريط في الندوات العلمية والاكاديمية …. لهو امر يوحي بانسداد الافق امام النهضة الفكرية الصحراوية
سيادة منطق العشوائية والدغمائية والاوطوقرطية والظلامية وغيرها يمنع مسير نمو الفكر الوطني الصحراوي
والاسباب عديدة وكثير تتطلب منا جميعا الوقوف عند مسؤولياتنا واخذ بالاعتبار الواجب الديني والوطني وفتح ابواب الحوار امام كل الاطراف دون اقصاء او تهميش او تطويق او او او …
ان شعبنا ومصيره يمران بمرحلة حساسة جدا تستدعي منا التنازل بكل شهامة وشجاعة عن الذات والانا والتواضع للاخر من اجل الاخر والانا هنا يكمن رهان التاريخ على قدرة و مؤهلات انسان الصحراء وهنا يشار بالبنان الى من يهمه الوطن ومن يهمه الوطن ويسخى بدمه له، ومن لا يهمه لا وطن ولا يسخى بدمه ، ومن يمتص دماء الوطن دون هم
اتمنى ان اكون قد أوصلت الفكرة رغم تقصيري في طريقة الكتابة واتمنى ان اكون قد اسمعت سامعين
تقبلوا مروري وشكرا.
0 التعليقات: