مجلة الطريف الصحراوية . يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الثلاثاء، 24 مايو 2016

مرافيء الأمل...

بقلم فاطمة الزهراء بولعراس


على مهلك أيتها الأم المفجوعة في فلذة الكبد والروح
ما لذي أطلق عقالك فنفرتِ لا تلوين على بقاء؟؟ ومن الذي فك قيد لسانك فما كففت بعد عن الأنين؟؟
 .لمَ تسرحين في الملكوت وحدك؟ وتريدين الاستئثار بكل الأسرار ؟ وأنت تعرفين  أنه لو كانت تُطال لما كانت أسرارا.... وتحلقين في الجو بمفردك ولا تريدين أنيسا سوى(أنيس الروح1)
انصهرتْ روحك مع غيابه المفجع وتماهت مع حضوره الذي استوطن ذاتك وكلماتك وسيطر على كل مساحات الإبداع فيها رغم عمقها و شساعتها .....
على مهلك سيدتي .....
تأكدي أن في هذه الفانية تنحصر حدود الاكتشاف فيما تراه الأعين وتسمعه الآذان و تلذّه الأنفس وهذا هو الفناء بعينه فبعد حين قد يعدّ دهرا... أو شهرا تنسلّ شرارة الروح فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولاشيء خطر ببال بشر... فأين تذهب الروح بسرها الأبدي يا ترى ؟ولماذا تحترق القلوب وتذوب في الغياب والسؤال؟؟
يا سيّدة  الأحزان
لا تطلبي قضاءك فإنه كان قد خطّه القضاء وأنت تعرفين أن لا مرد لقضاء وأنت وقفتِ أمامه بجلال وشموخ نادريْن قلّ أن نجد مثلهما في أم لا تشبه الأمهات مثلك
أمٌّ اعتكفت في خباء الإبداع لتنسج من الموت دثارا يقي من الحزن والفجيعة وتصنع من نكبتها إكليلا من الصبر والجلد تتزين به الثكالى في أعيادهن القليلة والحزينة
في خبائك الملئ بكنوز الكلمات التي لا مثيل لها رحتِ تجبرينني على التماس كلمات أخرى يجب أن تكون أكثر تأثيرا وجمالا...  إلا أنني أعترف أمامك يا سيدة الكلمات أنني أعجز عن انتقائها لا لعجز اللغة ولكن لجلال الخطب .....وعظم المصيبة ......
لقد أحطتِ نفسك بكل كلمات الأنين والألم ونسجت في أعطافك بها غلائل الشجن ولم تتركي لغيرك شيئا يتعبد به في محراب أحزانك...أو يستطيع دق أبواب صومعتها المليئة بالأسرار
ومع ذلك فإنني أستصرخك بما بقي منها أن تضعي للحزن عتبة تقفين عند حدها ولا تغلقي أبوابك على مأساتك فهناك من يقاسمك إياها ...
لا تطلبي الموت أيتها الحزينة انتظري حتى تري ,, أنيس ,,في حنايا كل الأمهات وتأكدي يا سيدتي أنه لم يعد ابنك وحدك........
لقد صار,, أنيس الروح,,( ابن الفيوضات)* المنبجسة من أعماق الأنين صار (ابن البوح الأخير*) والأول وأصبح (اشراقات في الروح *)
صار أنيس هذه الجواهر المتلألئة في سواد الروح المتناثرة فوق قصاصات  قُدت من الوجع في زمن  للبوح الموجع  لا تقرأ إلا في الأماسي الحزينة فينبهر بها الوجدان ويسرح في بحر الأحزان المتلاطم بأمواج السواد حيث لا زورق  فيه سوى الجلال ولا شراع سوى الإيمان....
في قلوب الحزانى يعيش أنيس ملاكا يرفل في الخُلْدِ و النعيم تزغرد الحناجر على نعش صباه وتدق الأجراس لمأتمه المهيب.......
يا سيدة الأحزان
ليستْ لدي قدرة التجلي ولا أطلب منك الكفّ عن الأحزان لكني أحيلك إلي تقوى الروح بإطلاقها في فضاءات الأكوان حيث تلتقي كل الثكالى تحترق أرواحهن العليلة في صمت رهيب وتفيض عبونهن دمعا سخبا يحرق عبير الروح  ويطفئ جذوتها
وهناك وحدك بينهن تتألقين بروحك النورانية الشفافة التي لم يطفئها الدمع لأنها حولته بقدرة عجيبة وخارقة إلي كمٍّ من الألق فاستنارت به في مرافيء  الأمل دون أن تدري رغم أنك تسمينها (مرافيء اليأس*)
توضيح: أنيس الروح1: كتاب للكاتبة جميلة زنير
عناوين لنصوص في كتاب أنيس الروح لنفس الكاتبة

فاطمة الزهراء بولعراس
من كتاب شظايا الانكسار
منقول عن موقع صحيفة الفكر



موضوعات متشابهه :

0 التعليقات:

© 2013 مجلة الطريف . تصميم من Bloggertheme9