![]() |
الاستاذ نبيل الجزائري |
هكذا قالها العقاد رحمه الله ، و أظنه لم يبالغ في استعمال مفرداته لإظهار المعنى القوي الذي أراد أن يستوعبه منه المسلمون و بلدانهم تحت الاحتلال او الانتداب الغربيين آنذاك .
إن التجارب الصعبة التي شهدها العالم الاسلامي منذ سقوط الاندلس تفرض عليه التحديق ، و ليس النظر فقط في تصوره المبهم للقوة الخفية التي تتحكم في صنع التغيير، و لعلها -و بدون شك -لها صلة و شواهد تتعلق في القدرة على التفكير و التعمق فيه .
لقد نجت اوربا ، و من بعدها الولايات المتحدة الامريكية و دول جنوب شرق آسيا و الآن البرازيل في إدخال حركية و ديناميكية في صياغة الإيحاءات الذاتية و الصور الذهنية للعقل البشري ، بعد مواجهة شجاعة مع دعاة الجمود و الخمول ، أصحاب 'فوبيا' phobie التفكير .
إن في حضارتنا الاسلامية العربية بذورا للإنسانية و ليس (( فيها قوما جبارين )) ، تحتاج الى من يسقيها بجسمه و إرادته و روحه مجتمعين ، كي تمتد و تتفرع جذورها إلى كل مساحات العقول و القلوب ، ثم ترتفع بهم عالياً فوق الحضارات المدنية الاخرى ، لتقدم نموذجا متكاملا للبشرية و ليس كساءً تتزمل تحته العقول .
قد تتراءى لنا بعض الصور الجميلة القديمة من قصور غرناطة أو إشبيلية و قرطبة و طليطلة وو .. لكن لم لا ندخل الحركة على هذه الصور فندرك العبقرية بأبعادها الثلاثة : العزيمة و التحليل و المنطق ، و التي كانت تمثل القوة الواعية للتفكير الاسلامي الحر و الرشيد دون تزمت و لا ضوضائية ؟
التفكير ظاهرة إنسانية لا يمكن كبتها أو تحييدها ، و هو المسؤول الوحيد في صيرورة الحضارة التي تعيش باهتزازات الفكر المنير ، الذي ينقل العقل من المادة الجامدة الى المعنى الواسع المتحرك ، يقذف الافكار المتجددة و هو ينتقل كيفما شاء، ثم يتطور مع الاختبارات المتلاحقة دون كلل .
0 التعليقات: