![]() |
بقلم : الاستاذ نبيل الجزائري |
يعجبني شاعر الزهد في عصر ما قبل الإسلام عدي بن زيد عندما يقول :
إجتنب أخلاق من لم ترضه .... لا تعِبْه ثم تقفو في الأثر
و في هذا البيت الذي وصل إلينا منه إلزام خلقي في النزوع إلى الخير ،
و رد على من يكتب الشعر من أجل تحقيق الرغبات النرجسية أو الغرائزية المفلسة .
فنون الادب عموما إنما هي حصيلة ثقافية إبداعية لمجال رحب من الذخائر التي لا تنفذ في الطبيعة و الانسان ، ممزوجة بين الواقع و الخيال ، بين المرئي و المخفي ، بين المفرح و المحزن .. إنها نشاط فكري و إبداعي و وجداني ، تميز الأذهان ، و تنضح العقل ، و توسع المدارك ، و لا ترتمي أبدا في أحضان الرغبات الحسية و السلوكية الفردية المنفصلة عن القيم الأخلاقية و الانسانية و الدينية للمجتمع .
من يكتب شعرا أو نثرا، رواية او قصة او مسرحية ، إنما هو ذلك 'الأنية' الجماعية الذي يخاطب الجميع بلغة واحدة في وقت واحد و بصوت واحد و بضمير واحد ، تتبدى كتاباته و إبداعاته أفعالا و تتجسد سلوكا ، تثري وجدان الإنسان و تصقل شخصيته و تحرره من ربقة الغرائز الحسية و مسببات الفشل و اليأس .
نحن نحتاج إلى من يفهم الأدب قبل أن يكتب فيه و يخوض في عوالمه ، إلى من يحتفي بمكارم الأخلاق و يلزم نفسه بها عندما يبدع ، أن لا يخضع لنزوات طائشة يتقاطع فيها جميع
الناس ، إلى من يرافق الانسان الضعيف إلى جذوة الروح المطلقة على قدم المساواة مع الجميع .
0 التعليقات: