مجلة الطريف الصحراوية . يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأحد، 18 أكتوبر 2015

"يوم زارنا البحر!"

Mostafa Sidlbachir
بقلم : الصحفي المصطفى سيد البشير

في مخيماتنا المنسية يوجد على طرف كل خيمة شاطئ، أحيانا يتعدى الشاطئ حدود كل شيء مستبيحا "حمّار الخيمة"، عارضا نفسه أنيسا غير مرغوب فيه، تماما كمن يعرض "قدح كسكس القبّة_غير ميدوم_" على طفل صغير.
الحياة بين الكثبان رائعة لكنها مملة .. مامن شيء يأخذ العقل بجماله، إلا و يحمل في ثنايا سحره ما تيسر من البشاعة.
ليلة أو ليالي معدودات يمكن أن يجتمع الشاطئ بالبحر في ديار المنفى .. البارحة زار البحر شطآنه المهاجرة زيارة نادرة يستغل فيها السحابة كما نستغل الطائرات.
ما من شك يخامر مخيلتي و أنا أتابع صور بقايا المطر، أن ملائكة المخيم يعيشون الآن برهات جنونية صغيرة من عمر سعادتهم البخيلة.
بين ماء و كدر و طين، يسبح "امبارك، أحمد، لمام، و محمود و خديجة" و غيرهم كثير، متجاهلين كل ما هو خارجيٌّ عن مستنقعهم الأخّاذ .. يعيشون اللحظة بسرعة و يشبعون رغبة السعادة بسرعة أكبر، فهم في حالة سباق مع الشاطئ الذي يشرب بحره منذ نزوله في ساعات الليل و توشك مياه المسبح المؤقت على النفاذ بعد سويعات قليلة.
لحظات السعادة تلك هبة إلهية، لكنها أيضا عصارة جهد من سؤالهم مجيء المطر و هنيهات من الدورات حول الذات، يكررون خلالها شعارات استجداء المطر "زيدي زيدي يا سحاب ركب ركب يا نو" إنها نتاج عام من الصبر على العواصف الرملية و الحرارة الشديدة و عقود من النسيان، وهاهم اليوم يقطفون ثمار الصبر و الأمل و الدعاء.
هكذا هم اليوم و هكذا كنا بالأمس، ينتهي حلم البحر و نعود شُعثا غُبرا نكحكنح بصدور يذبحها السعال، إلى خيمة يغزوها الشاطئ الأعجف و تقف بباها الجدة و الخالة، هذه معاتبة و تلك ضاحكة، و على وجوهنا ما يدعو لكل ذلك، خرائط رسمتها الطبيعة بالطين غيرت ألواننا و ألبست أفئدتنا الصغيرة ثوبا من السعادة، يغنينا لعام كامل عن السؤال: متى يزورنا البحر؟

موضوعات متشابهه :

0 التعليقات:

© 2013 مجلة الطريف . تصميم من Bloggertheme9