مجلة الطريف الصحراوية . يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأحد، 4 أكتوبر 2015

دراسة ...رجال الحماية المدنية والتحديات

بقلم
شكروبة حكيمة

الحياة مبدأ ،فكرة ثم قرار و العادات والتقاليد تورث و تتباين من مجتمع لآخر حسب الديانات والمعتقدات ،وما يتماشى مع نمط تفكيرهم وأسلوب حياتهم .لكن يقظة الضمير وصفوة الروح ونقاء السريرة لا يتعارضون مع الفطرة السليمة للبشر، فهناك تجاوب لمثل هذه الحلقات المتسلسلة والمترابطة فيما بينها عند رجال الحماية المدنية حيث لا يتناقض أولها مع أخرها بل الكل يتجسد في موقف وقرار واحد. لأن هناك استعدادات فطرية تولد معهم ويسعون لتطويرها بالممارسة والتواصل، فتبنى علاقتهم الفردية على الاحترام المتبادل والتعاون المشترك الذي يخدم المصلحة العامة ويزكي المساهمات الفردية ،ويحمي أفكارهم وقراراتهم الصائبة ، ولن يفلحوا في حياتهم ويكونوا قدوة لغيرهم وبنيتهم الفوقية هشة ومغشوشة ، فمن لا يملك ذخيرة تؤهله لدخول المعركة ،فلا داعي لخوضها لأن الفشل سيكون حليفه ،ومن المنطق أن يتعايش أفراد الحماية المدنية من أجل أهداف سامية ومساعي خيرية تغذي المبادئ ليتسنى لهم شحن إراداتهم الفولاذية بالإيجابيات التي تمهد مسارهم وتذلل العقبات التي تعترض طريق تحقيق رسالتهم النبيلة. تؤسس علاقة رجال الحماية المدنية بغيرهم على معاير ثابتة تتوافق مع مبدأ الإنسانية، ومهامهم لا تعرف التقصير. حيث تعتبر رسالتهم ينبوع العطاء وخيط يربطهم بفعل الخير بل ضجة ولا ارتياب، ونشرهم للفضيلة بين الناس يجعلهم على تواصل دائم بالعالم الخارجي، وتجدهم بين أفراد المجتمع مسالمين ويتميزون بصفاء النفس وكثرة العطف على الإنسان والحيوان والنبات على حد سواء،رغم ما يلقوه من مصاعب وشقاء أثناء تأدية مهامهم، وتجدهم أوفياء في واجبهم رغم تجاذب الدنيا ودواعي الآخرة ، فيتقبلون الصدمات والمصائب بقلب ثابت وعزيمة صادقة ويتلقون الحوادث برباطة جأش دون منازع فالمخاوف التي يعملون فيها تسهم في تطويرهم وعصر نتهم مع ما يتوافق مع المستجدات الطارئة وتلقيهم دورات تدريبية لمواجهة العراقيل بوعي وعلم وإيجاد الحلول المناسبة أثناء تواجدهم في الميدان. القدر منح رجال الحماية المدنية فرصة العطاء وأداء الدور الإنساني بتقديم الدعم المعنوي، ورسمهم بسمة الأمل والسلام على وجوه الضحايا،وكون نمط الإنسان اجتماعي بطبعه يحتاج إلى مجتمع يمده بأسباب الحياة المادية والمعنوية، وضعفه يدفعه لامتلاك نزعة المعيشة جماعة وينفر من الوحدة والعزلة.إلا أن الحياة تشترك فيها عناصر مختلفة الإنسان ،الحيوان والنبات ما يميز الإنسان عن هذه المحسوسات هو مزاولته لمهام لا يمكن أي كائن بمزاولتها، وهذا ما يمتاز به من دون سائر المخلوقات ،فهو يؤدي وظيفته مع الحيوان ،النبات وبنو جنسه على أحسن وجه وقد أصبحت خدمات رجال الحماية المدنية عادات راسخة تقترن بالسعادة إثر إنجازهم لأي فعل خيري يشعرهم بالغبطة التي أثقلت عاتقهم قبل ادائها، وبالمقابل قوت فيهم العزيمة و الشعور بالرضي أ ثناء أدائهم واجبهم ، وعززت من شخصيتهم وأثارتهم على بقية أفراد المجتمع بارتقائهم عنهم بالتضحية في سبيل انقاد البشرية،حيث تجدهم يؤثرون تأثيرا إيجابيا في المجتمع .وعلاقتهم مع المجتمع علاقة تفاعل وعطاء وأخذ ،أما في جوهرها علاقة إيجابية محضة، والمجتمع يؤثر فيهم بالطابع الإنساني الذي يتلاءم مع هذا النموذج البشري وبدورهم يؤثرون في حياة المجتمع بطبيعة خدماتهم، فيكتسبون قيمهم ومثلهم العليا من المجتمع ويحدث هذا نتيجة التفاعل .و تجدهم يمتلكون استعدادات عقلية ونفسية وعصبية تكونت عندهم من خلال خبرتهم الميدانية،بالمقابل يستطيع رجال الحماية المدنية تنمية قدراتهم الفطرية للخير، فحياتهم ومستقبلهم مرهون بقبولهم في المجتمع ،فيستخلصون السلوك السوي و المعتدل من بذور الخير القابعة في دواتهم، وإيمانا منهم بالعدالة الإلهية يسعون المسعفين أن يضعوا كامل حياتهم وراحتهم في خدمة المواطن، وبهذا يمكنهم تذليل الصعوبات وقهرها بإتحادهم والتفافهم حول قضية واحدة يكون اضطراري، و بمقدرة أي مسعف التنازل عن حياته وحريته وهما أداتا بقائه مقابل القيم الإنسانية وكيف السبيل إلى ذلك؟ لا يكون إلا بالتفكير السليم الذي يخول لهم تصور المدارك التي تتطلبها هذه الحالة وتحديا منهم للصعوبات التي يمكنها أن تعرقلهم ،فتوجه اجتهاداتهم الجماعية نحو المهام التي لا يقتصر أدائها في إطار ترسمه قدراتهم العقلية والجسمية بل تتجاوز تلك الحدود أخذين بعين الاعتبار بمصداقية الواقعية، فينشأ المسعف على الوازع الديني والحس الوطني غير المرئيين للناس، علما أنهما العاملان الأساسيان كوقود في المضي إلى الأمام، وملامسة النضج العقلي، فيملأ القلب بالاكتفاء وتغمر النفس القناعة، فيصبح المسعف في مأمن من الظنون والتأويلات فيتهيأ نفسيا باكتسابه المرونة الكافية لتدارك الظروف العصيبة والمفاجئة، والأخطار المستجدة التي قد تطرأ في الميدان،والتي يرافقها على خلفية التطورات تهديد لكيان الضحية ،حيث يتم انتشالها من المخاطر بقيادة الضحية بجدارة لميناء الإخلاص والنجاة، وهذا الهدف المنشود السامي يتماشى مع الإرادة العامة. تكوين رجال الحماية المدنية يجب أن يتبع منهاج متوازن لبلوغ الهدف، فيضفي المدرب القواعد محررة للمسعفين ولن يحترموا أبعادها إلا بعد أن يدركوا أن القاعدة والاستعمال يسيران معا، فلنفوس البشرية أدوار فالنفس الشريرة تخلد في الإثم، ولا تتطهر أما النفس الطيبة تفنى في الخير، وإن أخطأت فسوف تستفيق ،ولن تتمادى في الإثم، فالمثل ثابتة قائمة بذاتها والأعمال الطيبة التي تخلد الإنسان لا تموت بموت الأجساد ، ولكن يجب الإشارة أيضا بتعلق جميع رجال الحماية المدنية بآلية هذا المنهاج حسب تفاوتهم في الوازع الديني والحس الوطني ، فتجدهم يتجاوبون تلقائيا مع كل ما يخدم الإنسانية وينبذ العنف والتطرف ،باحتوائهم المخطط الذي يتماشى مع الخطوط الموجبة التي تخدم البشرية، وتحل جميع التعقيدات الخاصة بالحياة الاجتماعية ،وبهذا يعم السلام مع بني البشر وتكبر مساحة الصداقة بإيجاد الطريق الموصل لمحور التواصل وانتهاج السلوك الذي يخلق تلاحم بين أفراد المجتمع الواحد، فالمسعف يؤثر ويتأثر ومن واجبه التأقلم قصد البقاء والمحافظة على الاستمرارية. فقرارهم في التدخلات لتقديم الإسعافات ليس كيفي بحد ذاته وإنما عملهم يرسم لنفسه هدف لكي يتسم بطابع الإنسانية ،حيث خدماتهم غير محددة أو مقتصرة على فئة معينة من البشر،هذه الميزات تجدها عند المدرب والمسعف على حد السواء في القضايا التي تطرح عليهم لأنهم مسخرين للواجب ويخضعون للمصلحة العامة. فالتكوين الذي يمنحه المدرب للمسعف يتلقى فيه الواجبات التي ينبغي القيام بها ،وهذا التعليم يتم بالقدرة والتوجيه فيرسخ في ذهن المتلقي بأنه ملزم من حيث الوازع الديني ،الحس الوطني والواجب الإنساني،بالامتثال للقواعد الأخلاقية عند أدائه واجبه نحو الضحية ،فيمتلك المسعف نوع من الكرامة التي تجعله على قيد الإنسان ،ويلزم بتنفيذ تلك الأوامر والتعليمات لكي يصبح سلوكه مؤيد لحفظ حقوق الإنسان، وانطلاقا من هذه القناعات ينطلق المسعف لتنظيم حياته وعواطفه و يقوم بالتزاماته وتبنى أفكاره طبقا لتلك الحقائق ،ومن هنا يمتلك المسعفين حرية إرادتهم التي لا ريب فيها أنها تتماشى مع القواعد السليمة ووفق الخطوط الكبرى ،لأن المدرب زرع في نفس المسعف السمو الروحي والتفاني في العمل وعدم ارتكاب الخطايا أو الممارسات الغير أخلاقية التي تتنافى مع طبيعة البشر التي من شأنها أن تحط من قيمة الإنسان إلى أسفل المراتب وتجنب انصياعه خلف نزواته واعتناقه لمختلف ألوان القذارة التي لا ترقى به لمرتبة البشر لأن هذه السلوكيات مشينة ويائسة تنجم عنها أضرار وخيمة كونها تتعارض مع القيم والظواهر الحضارية،فبلوغ درجة عالية من الاكتمال الأخلاقي متوقفة على قدرة رجل الحماية المدنية باستخلاصه المغزى العميق التي تتضمنها الرسالة لئلا يحمل نفسه عن انتهاج الكذب والحيلة لكي يخلق تبريرات واهية إن هو خالفها. فالمعيار الأساسي الذي يقتدي به هو حب ممارسة عمل الخير بشغف والتشبث بالنموذج الأعلى للإنسانية حتى ينضج العقل ويكون له استعداد أخلاقي وحس وطني ،فيسمو فوق الرغبات ويتجاوز المحن والنكبات ويكون مستعد لحمل كل الآلام والإبقاء على الروح الجماعية ،وقيامه بكل المهمات الشاقة مهما كانت قاسية ومستعصية، مستقبل هذه المشقة بشغف وسرور مادام هذا لا يتعارض مع ضميرهم المعصوم ودواتهم القابعة فيها بذور الخير حالمين بان يدركوا النموذج الحي الذي يمثل الإنسان السوي ،فتختمر هذه المثل العليا في الضمير ويكونون مرضين عند الله.

موضوعات متشابهه :

0 التعليقات:

© 2013 مجلة الطريف . تصميم من Bloggertheme9