أخرست زيارة ” بان كي مون” الى مخيمات اللاجئين الصحراويين والاراضي المحررة, نظام الاحتلال المغربي, الذي كان يراهن على إفشالها باستعمال ما أتيح لمخابراته من وسائل قذرة, بعد استحالة الغائها بالكامل.
إحدى تلك الوسائل, كانت استهداف المواطن الصحراوي الاعزل ” شماد اباد جولي” برصاص الغدر, لارهاب ضيف الشعب الصحراوي الكبير, بالايحاء له من خلال الجريمة , بخطورة الاوضاع الامنية بالاراضي الصحراوية المحررة .
ولكن ايضا لمحاولة تاجيج مشاعر الغضب ضده في اوساط الصحراويين بالمخيمات والاراضي المحررة بشكل عام, وفي اوساط عائلة الفقيد ورفاقه بشكل خاص .
هوس مخابرات الاحتلال المغربي بافشال زيارة “بان كي مون”, دفعهم في غياب اي وازع ديني او اخلاقي, الى اقتراف تلك الجريمة النكراء, بقتل مواطن صحراوي أعزل دون رأفة ولا شفقة, لينضم الى قوافل شهداء هذه القضية الذين قتلوا برصاصه الغادر, او تحت سياط جلاديه في سجونه الرهيبة.
وطبيعي ان يفسر صمت الاحتلال المغربي في البداية, على أنه انتظار وتوقع على أحر من الجمر, لنتائج تلك العملية الجبانة على الارض, و في النهاية صدمة وتجرع لمرارة الهزيمة.
لقد جلجل صوت الناطق الرسمي باسم ” بان كي مون” في أصقاع العالم, معلنا ان مخيمات اللاجئين الصحراويين والاراضي المحررة آمنة, وان زيارة الامين العام للامم المتحدة كانت ناجحة بكل المقاييس.
فجاء رد الاحتلال المغربي كالهذيان تارة بترديد كلام السعودية الممجوج المكرور, بانها تدعم احتلال المغرب للصحراء الغربية, او انها ستمول مشاريع استثمارية بها, ليثبت فشله في جلب مستثمرين من دول وازنة تحترم شعوبها.
وتارة باتهام “بان كي مون ” بالتحيز,كذريعة للتخلص من زيارته المرتقبة , ومن جولة مبعوثه الشخصي في انتظار ان تنتهي عهدته, ليعيد مع خلفه مسلسل المماطلات والمراوغات أملا في تكريس احتلاله للصحراء الغربية كأمر واقع.
لقد شكلت زيارة الامين العام للامم المتحدة “بان كي مون” الى مخيمات اللاجئين الصحراويين والاراضي المحررة, خطوة هامة وبادرة طيبة, من ابرز نتائجها على الارض, اظهار الاحتلال المغربي كطرف معرقل لمساعي الامم المتحدة, و لفت انظار العالم الى معاناة الشعب الصحراوي الذي ينتظر وفاء الامم المتحدة بالتزاماتها تجاهه, بتنظيم استفتاء حر ونزيه يتمكن من خلاله من تقرير مصيره واختيار مستقبله.
فكانت بحق زيارة تاريخية, تتطلب منا ككتاب وصحفيين, ان نضعها في سياقها العام, لاستخلاص ابعادها السياسية والقانونية والاعلامية والحقوقية والانسانية والاخلاقية, بهدف استغلالها واستثمارها في هذا الظرف الدولي الخاص, بما يخدم استراتيجيتنا في التحرير والبناء, ويعزز مكاسبنا في مختلف الواجهات, لا ان ننشغل بالخوض في جدل عقيم لا يفضي الا الى مزيد من الياس والاحباط.
و لبعض “الكتاب” و”الصحفيين” ممن اختارو صف التقليل من اهمية الزيارة التاريخية للامين العام للامم المتحدة, كونها في اعتقادهم تاتي في وقت يستعد فيه لمغادرة المنظمة الاممية تارة, و اخرى لان المنظمة نفسها عاجزة عن تقديم حلول شافية لقضية الصحراء الغربية, نقول : ايهما اكثر وقعا على الاحتلال المغربي, ان ياتي “بان كي مون ” او ان لا ياتي, ثم هل سيكون تعليقكم في حالة الغاء زيارته متطابقا .
ان انتهاج سياسة خالف تعرف, او المعارضة من اجل المعارضة لا يفيدنا في معركتنا المصيرية مع الاحتلال المغربي, والحاسمة في ان نكون او لانكون, وقد لا ينفعنا الندم بعد فوات الاوان.
لقد تمكن الامين العام للامم المتحدة خلال زيارته كما قال من الاطلاع عن كثب على اوضاع اللاجئين الصحراويين بالمخيمات, قبل اسابيع قليلة من تقديم تقريره الى مجلس الامن الدولي , الذي سيضمنه اقتراحاته بشان سبل الخروج من حالة الانسداد الراهنة, التي يتحمل الاحتلال المغربي لوحده المسؤولية الكاملة عنها.
والا فكيف نفسر رفضه للمفاوضات, ولاستقبال المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة, ومنعه من زيارة الاراضي المحتلة, وامتناعه عن استقبال الممثله الخاصة للامين العام للامم المتحدة, الا يعتبر هذا استهتارا بالمنتظم الدولي واحتقارا له,
ثم ما هي الاسباب الموضوعية التي فرضت على محمد السادس طلب تاجيل زيارة “بان كي مون ” ان لم يكن عجزه عن اقناعه بما يسميه الحكم الذاتي, وخوفه من خروج مظاهرات عارمة بالارض المحتلة تندد باحتلاله اللاشرعي للصحراء الغربية.
ثم هل كانت زيارته لفرنسا اكثر اهمية من استقبال الامين العام للامم المتحدة, خصوصا اذا عرفنا انها كانت مجرد رحلة سياحية بدليل الصور التي التقطت له بشوارع باريس, مع الفتيان والفتيات, مما يكشف ارادة تعطيل مساعي الامم المتحدة لايجاد حل عادل ودائم للنزاع في الصحراء الغربية, ويهدد بالتالي الامن والاستقرار بالمنطقة .
0 التعليقات: