مجلة الطريف الصحراوية . يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الاثنين، 25 يوليو 2016

احذروا حكم الحاجب بمؤسساتنا

بقلم السالك المامي بوسيف



          الحاجب اصطلاحا: ظهر كوظيفة عندنا كمسلمين في عهد المماليك وهو مجرد حارس او تابع للسلطان لكنه تطور في مماليك شمال افريقيا حتى اصبح ثاني رتبة بعد السلطان،  وقد كان في البداية يشبه دوره الى حد بعيد دور مدير البروتوكول في عهدنا ،لكن هذا الحاجب  ليس هو الحاجب عندنا والسلطان ايضا ليس هو السلطان عندهم   فمن يكونان عندنا يا ترى ؟.
حاجبهم واحد في المملكة او الإمارة او السلطنة وحاجبونا وسلاطيننا كثر بالآلاف  وفى نفس الدولة .
السلطان عندنا ليس الرئيس وحده بل هو كل مسؤول في الدولة اسندت اليه مسؤولية تسيير أي مؤسسة وطنية عسكرية كانت او مدنية كبيرة أو صغيرة .
        والحاجب عندنا ليست وظيفة فى هيكلية دولتنا لكن ناتج عن تراكمات عدم الالتزام بمعايير التوظيف وضعف كفاءات التسيير وكاريزمية المسيرين  فصار واقعا معاشا .
           الحاجب غالبا شخص من المؤسسة ويشغل عادة منصبا له صلة بالمادة كالإمداد  والتعاون  والتجهيز  والمالية  والتنسيق وغيرها... وقد لا يكون من هذه الاختصاصات لكنها حالات نادرة ، قد يكون الحاجب ايضا شخصا  استقدمه المسؤول معه الى المؤسسة  بعد ما  رافقه في  دوراته التسييرية  بمختلف الجهات الوطنية ومضغه فى كل مراحل الجفاف والرخاء حتى لم تعد لعلكه طعم ولا رائحة ، فان احتفظ به  صار علقة ببلعومه وان لفظه كان حجرا بحذائه ولهذا السبب يسعى كل سلطان عندنا ان لا يكون لمقاس قدمه رقم معين ليتسنى له انتعال كل من يصلح حذاءا ، كما يسعى الحاجب ايضا  ان يكون كحذاء  الساحرة يوافق مقاس كل قدم قد تطأه كمسؤول    وهكذا دوليك شريطة ان يظل رضاء المسؤول والتحكم فى تلابيب التسيير هو الهدف عند الحاجب والجاه والثروة عند المسؤول  هو الغاية  , والوسيلة تبرر الغاية  عند ميكا فلى الحاجب .

              الحاجب اذن شخص فضل خدمة المسؤول على خدمة المؤسسة  والولاء للفرد بدل القضية ، يلازمه فى حله وترحاله لا يفارقه  الا مكرها،  فهو: عينه ،اذنه ،تفكيره ومرآته المحدبة التي يرى فيها نفسه  ،يكنس مكتبه  ولو بلسانه ويجففه ولو بثيابه ،يملأه بالمعطرات والبخور ويقرأ عليه الطلاسيم  وآيات الوقاية من الحسد وكل (اشلاوش ) او تباخير  النصر للحاجب فى عين  الحاكم ايضا  ،يمطر المسؤول بالهدايا والعطور والهواتف  وبالالواح الاكترونية الذكية  ،يلبى طلباته  و حتى ما لم يطلب ،يعرف ذوقه ويتحسس آلامه نفاقا ، يقدم له المشروبات  والمكسرات  وحتى المسكرات ان شاء، المهم ان يرضخ المسؤول  ويصبح اركوزا فى يده  وسيف سلطانه فى يده الاخرى لقطع رقاب عفوا  ارزاق ومهام  وطموحات  كل من شق عصا الطاعة على الحاجب ،فان عصى السلطان واستكبر وابى حرم  نفسه تلك الخدمات ويكون قد عقد اول عقدة فى الحبل حول رقبته  بتوجيهها  من غير قصد للزوجة والأبناء والاهل   والاقرباء المؤثرين  وعليه تحمل تبعات هذا النشاز وسيرى...

            سيتولى الحاجب الأسرة بدل السلطان وسيغرق البنات بالساعات والأحذية  والحقائب اليدوية ,وسيتولى سفرياتهم وإعداد وثائقهم  كالجوازات السفر والامر بمهمة  والحجز بالطائرة ومتطلبات الدراسة  وغيرها  ،سيخدم الزوجة فى المناسبات العائلية  واصلاح خسائر البيت  والاجهزة  وتسديد فاتورة الكهرباء  والهاتف  وسيحضر الماء العذب الصالح للشرب ولو على حساب نصيب عمال المؤسسة   وسيمدها بالتموين  والغاز وبالطبع فهو  يطعم بلا ما لا يملك ولمن لا يستحق  ،بالمقابل سيعامل  السلطان  بنوع من الجفاء والهجران  المتعمد لشد انتباهه  واشعاره بعدم الرضى ويبقى على الحد الأدنى من الخدمات  وطبقا لحدود الصلاحيات لاغير ،لكنه لن يتركه ينجو بتمرده وعصيانه  على حاجب يتقن كل انواع التزلف وأعمال الشعوذة وقد روض كثر غيره  وله بكل مكان صيت  ،كل المؤسسات تعرفه وكل الشخصيات له بها علاقة مصلحة  أو شراكة  والكل يعرف المؤسسة من خلاله  بدل العكس  ناهيك عن  استعمال تمائم حجاب "افديرك"وعرافاتنا نحن وقارئات الطالع  وبائعى احجاب النصرة(مسكين السلطان والله يدنو امد وذنيه الا اصبرو اتشوفو ) هذا شعار الحاجب  ولن يثنيه اي شيء  عن تحقيقه، فقد باع عرضه ،خلقه  ،انفته، كبرياءه  ،اصحابه وزملاءه فى العمل مقابل ود الحاكم،  فاستعد ايها الحاكم فمثل ما باعهم ذات مرة سيبيعك ذات يوم ،سيقتفى الحاجب اثر الحاكم  فى كل تحركاته ،سيترصده وسينصب له الشراك والخداع الناعمة ،سيرسل له الحمام الزاجل والوز العائم  ، الحاجب يرى ويسمع بكل ما حدث ويحدث فله عين بكل حيز وله اذن بكل مكان ، فشكرا للحمام والوز على الوفاء للحاجب  ،فصول ترويض  الحاكم توشك ان تكتمل فلم يعد اكثر  فى يده من خاتم فى اصبعه يتلاعب به متى شاء وكيف ما شاء  و ستبدا فصول ابتزازه .
                الترويض هو تطويع الحيوان وجعله اليف  وتوظيفه لأغراض تخدم المروض   وهو مزيج من استعمال العنف والمرونة مع الحيوان بشكل متواصل حتى يتأقلم ويصبح معتادا  على حركات وإيماءات المروض وله عدة انواع ومراحل  واخرها ما يصطلح عليه عندنا  بالنسبة للجمل والقلوص ادب الدبوس وهو ان المروض اصبح بإمكانه امتطاء ظهر الجمل دون  الاخذ بشروط السلامة  كالخزامة وبقية وسائل تثبيت الراحلة  تفاديا لجنوحه وخروجه عن السيطرة  لإدراكه ان الجمل قد أحسن ترويضه وأتقن تعليمه   ،فالجمل صار يدرك تفكير المروض ويفهم كل إشارة لعصاه او ركلة بقدمه و يعرف المقصود بها  وينفذها بكل سهولة  ،نفس الاسلوب يستعمله الحاجب عندنا مع الحاكم .

           هنا اصبحت علاقة الحاجب بالحاكم   كعلاقة الكلب بذيله يحمله حيث ذهب دون ان يشعر بثقله ،والحاجب صار الآمر والناهي والحاكم صار علامة مسجلة  لاغير marque déposée   .

               هذا الوصف ليس نسجا من خيال ولا هو حكاية  من حكايات الأطفال  ولا تصورا لحال قد يقع يوما ما، بل هو واقع حكامنا  وحواجبنا، فكل من قرأ هذا وتمعن  فيه سيتبادر الى ذهنه ومن الوهلة  الأولى حاجب مؤسسته  وفى قرارة نفسه  وبالاسم  الثلاثي   و صورته بالملون  فى اللاشعور  بمخيلته  ،كما سيعرف القارئ من الحكام  حاجبه المقصود هنا دون تعب ولا عناء تفكير ففي كل مؤسسة من مؤسساتنا حاجب يعبث بحقوقنا وبطموحاتنا  ويستثمر فى جهدنا وعرقنا وصحتنا ويصادر افكارنا  ويرهبنا بشرعية سيف السلطان احيانا ويرغبنا بما لنا اصلا احيانا اخرى ،فنبقى فى السر نلعن الحاكم وفى العلن نشجع الحاجب على التمادي ،صحيح الحاجب مسؤول امام  الحاكم لكن صحيح ايضا ان الحاجب لو كان يعلم ان  طاقم مؤسسته منسجم ومتماسك ما فكر حتى فى محاولة القيام بما يقوم به ،ونفس الكلام ينطبق على الحاكم فلو كان يدرك ان الحاجب بتصرفه هذا سيواجه وانه سيخلق له متاعب فى تسيير مؤسسته لأوقفه عند حده وفى اول خطوة  فالتضحية بفرد واحد  اقل ضررا  من التضحية  بباقى الطاقم ، لكننا تهنا ولم نعد نعي اي خيار يناسبنا ،أنضع رؤوسنا بين رؤوس الراضين وننادي اقطع يا قاطع الرؤوس ؟      أم نتمرد على حكم الحاجب ونواجه امر الترهيب ونرفض الترغيب ؟ ام نشتكى لمن سيكون الخصم بدل الحكم وسينالنا الإعفاء من المهام كحد أدنى او الإقصاء والطرد كعبرة لغيرنا ، فنكون قد ضيعنا فى سنوات  الرخاء كل ما جمعناه بالدم والعرق فى  سنوات الشدة من ماض وضاء وعمل دؤوب  ولكن نجونا بجلودنا وبما تبقى لنا من كرامة وعزة نفس ؟ ام ننتظر الى ان يبدل الله امرا كان مفعولا (الصبر مفتاح الرحمة )؟

             اسئلة ضمن اخرى اتركها لكم للإجابة عليها  آملا ان تسبقكم اجابة حكامنا عليها بوضع الامور فى نصابها  وتقديم الوطنية على القرابة  والكفاءة  على التزلف   والقناعة على الانتهازية  والعدالة على المحاباة  والاتقان على الرشوة  والمسؤولية على البزنسة  ونحن لازال طعم انتصار  ونجاح المؤتمر الاستثنائي  وانتخاب امين عام  للجبهة  ورئيس للدولة  على السنتنا    و جو نضالي يدفع الى الامل  والقطيعة مع كل مظاهر الضعف والفساد فى التسيير والمال ،ساعتها سيختفى الحاجب وتكبر عين الحاكم  وستميز بين عظم الحاجب  ضامن إتقان الواجب ،والحاجب حاجب عين الحاكم عن أداء الواجب.

هذا الواقع لا ينطبق على مؤسسة بعينها دون بقية المؤسسات الاخرى فهي حالة شبه عامة الا ان بعض الجهات وصلت حد لا يخفى على احد .

اللهم إني قد بلغت فاحذروا حكم الحاجب...!




















موضوعات متشابهه :

0 التعليقات:

© 2013 مجلة الطريف . تصميم من Bloggertheme9