بقلم: السيد حمدي يحظيه |
على مدى عقدين تقريبا ونحن ننام نستيقظ على الاذاعة الوطنية تعزف النشيد الوطني والإيقاع المميز للانتصارات العسكرية.” مقاتلوا جيش التحرير الشعبي يدكون معاقل العدو” في قلتة زمور” في المحبس، في ازمول النيران، نحس بالفخر، يرفعنا ذلك النشيد على اجنحة من فخر، ترتعش جلودنا فخرا ونكاد نحلق في الفضاء. كل ليلة يتم عزف ذلك النشيد وفي الصباح نستيقظ على نفس النشيد ونفس الانتصارات.. وحتى حين لا يتم عزف النشيد للمعارك يتم عزفه للاعترافات. كانت المعارك تصنع الانتصارات وتصنع الرجال، التاريخ، ويسقط الشهداء ايضا،… .
كانت الانتصارات لا تعد ولا تحصى، واحس الصحراوي بالفخر واصبح يمشي رافعا راسه في مطارات العالم بعد ان كان منسيا.. تلك الانتصارات والتضحيات اوصلت القضية الى كل العواصم، تحدثت عنها الجرائد، اصبحت تلك الملاحم تدرس في الكليات العسكرية واصبحت الاقمار الصناعية تصور المعارك والملاحم من الفضاء…
شهوة الانتصارات
امتلا المقاتل الصحراوي فخرا، واصبح يقسم انه يستطيع ان يهزم جيش أمريكا.. لم توقفه لا الالغام ولا الارباط ولا الاقمار الصناعية ولا الردارات ولا الخطط الاسرائيلية ولا الامريكية….
فجأة توقفت الحرب، سكتت البنادق وتم جرها من انوفها الى مخازن السلاح، وتمت تهدئة خواطر المقاتلين.. سكتت الاذاعة عن عزف نشيد الانتصارات، توقفت الاعترافات، وبدأنا ننكمش ونتقلص مثل بالون مفشوش حتى اصبحت الدول تسحب اعترافاتها، وأصبحنا نلهث وراء انتصارات تخرج لنا معلبة من المبنى الازرق، ننتظر تقرير عنان وخان ومسعود وكمبس، اصبحت الاحداث تجرنا خلفها والقرارات تدحرجنا في طريقها، ونحن نلهث خلف كلمة تقرير المصير في ذيل تقرير لا معنى له ويجف قبل ان يصل الى ايدينا.
الانتفاضة في المدن المحتلة، انتصاراتها، دماء شهدائها وجرحاها، جعل النشيد يتم عزفه من جديد في الاذاعة واستعادت الكرامة بريقها؟ والقها وبدانا نحس بشهوة الانتصار من جديد. اعادت تلك الانتفاضة الصحراوي شيئا من انفته، من كبريائه..
شهوة الانتصارات، التعطش الى المجد والفخر ذكريات جيش التحرير، صدى الملاحم في الاذاعة، عزف النشيد الوطني جعلنا نلجأ الى المنعكس الشرطي ولو لخداع انفسنا.. نقوم المناورات العسكرية التي تمثل لنا معادا فنيا عن خيباتنا في زمن السلم الكاذب.. بعد اجراء المناورة العسكرية الاخيرة استيقظت الذاكرة، تحركت الغريزة في الصحراوي، وبدأت رسائل التهاني تصل تباعا الى وزارة الدفاع الوطني مهنئة، وعزفت الاذاعة النشيد من جديد،. فحتى السلاح الذي تعب من النوم في المخازن ومن الموت تحت هزائم الغبار استيقظ، وخرج الى الخلاء والتقى مع رفاقه وتعانق معهم وبكي ببن احضانهم. المناورة كانت فقط رائز وترمومتر لمعرفة مدى تجاوب الجيل الجديد مع شهوة الانتصارات والتعارف مع بنادق آبائه واجداده الشهداء والمقاتلين… الشباب كان حاضرا في الميدان وبرهن انه هو الآخر يشتهي طعم الانتصارات..
................................................................................................................................................................
0 التعليقات: