مجلة الطريف الصحراوية . يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الأربعاء، 10 ديسمبر 2014

قصة قصيرة ...هي ..وهو!

               
بقلم :محمد اسلامة بادي
  هو يعلم أن أباها يتبوأ منصبا إداريا كبيرا حصل عليه بشق الأنفس، وبواسطة متنفذ في المخزن.. لا يريد أن يجلب الخراب لهذه العائلة التي قبلته زوجا لابنتها على مضض، الأب قبل مغاضبا، والأم ترثي لحال ابنتها و لحظها العاثر. فكان أن قرر أن يعيش حياة مزدوجة؛ يسكن لسانه السوق و الأسعار و تحصيل الرزق، أما القلب فمشغول بهموم الوطن.
                    قربت ساعة الصفر.. هو والرفاق على موعد مع الحدث العظيم…زوجته تغط في نوم عميق..انسل بخفة من الفراش، وألقى نظرة خاطفة على الرضيع، فلذة الكبد، وعلى أصابع قدميه تسلل خارجا.
في شارع السمارة، تولى بنفسه توزيع الأعلام والشعارات المكتوبة، مزهوا سعيدا بلحظات عشق صوفي مرصود للأرض.
عند الصدام رفض إلا أن يكون في المقدمة..في الطرف القصي من المظاهرة لمح مناضلات يتعرضن للسحل وإهانات رجال الشرطة المغاربة، اندفع بجنون واقتحم المعمعة، تناولت جسمه النحيل الهراوات وكأنها تتلذذ بتعذيبه في مشهد سادي حقود.
حين استعاد وعيه وجد نفسه راقدا في المستشفى، يتألم في صمت ويجاهد أن لا يبين..غرغرة صبي تذكره بابنه، يتلفت بصعوبة صوب الصوت الملائكي؛ يكاد يشبه ابنه..بل هو ابنه الذي يفرد ذراعيه فرحا برؤية الأب ويحاول أن يهرع نحوه، لكن رجله الحبيسة في جبيرة الجبس تمنعه..حركات الطفل تشد انتباه المرأة التي تحتضنه، تلتفت فتتلاقى العيون.. عيناه  بعيني زوجته  و بعيني  ثمرة زواجهما… تبسم لها و هو يحاول ـ عبثا ـ كبح جماح دمعتين، فأرخى لهما العنان وهو يشعر أنه صغير.. صغير، صغير جدا  أمامها...

0 التعليقات:

© 2013 مجلة الطريف . تصميم من Bloggertheme9