![]() |
بقلم : سلامة عند الله |
قبل الخوض في تفاصيل هذا الموضوع ،لابد من الإشارة , بأن أصبع الاتهام موجهة لواقع معاش و ليس لشخص بعينه ، و لا لمؤسسة بذاتها ، وإنما هو موضوع نود ان نقول كلمة فيه .
بعدما شردنا العدو من أرضنا و أتينا الى اللجوء حفاة عراة , الغني منا من يمتلك الشجاعة لمواجهة العدو في ساحة الوغى , و كل المواطنين سواسية أمام ظروف قاسية لا مكان فيها لمن يدعي البورجوازية او غيرها , الرجل فينا مقاتل عن الوطن المسلوب لا يملك في رصيده إلا البدلة العسكرية و العزيمة و الإرادة لمجابهة الاعداء الغزاة ، تاركا نصف اهله في المناطق المحتلة و في اللجوء عائلة تخضع هي الأخرى لرزنامة اقتصادية تتساوى فيها جميع القاعدة الخلفية , من مؤسسات و ولايات و دوائر و احياء حين كانت في المخيمات تأتي دورية التفقد ( اللجنة الصحية) لمراقبة الوجبة اليومية , فمن منا لا يتذكر يوم الاثنين فكل العائلات تطهي العدس والماء والملح فقط ..؟ ، ناهيك عن ما تقوم به اللجان الأخرى لمحاربة التفرقة و بث روح المساواة بين جميع المواطنين ، فالمقاتل عند قدومه للعائلة في عطلة لا تتجاوز خمسة عشر يوم (التسريح) و تتحكم فيها سحونة ميدان القتال و المعارك المستمرة ، فلا يأتي بشيء لفرحة العائلة إلا عيدان من السواك أو حكايات المجد و النصر ... اما العائلة فلا تنتظر منه إلا قدومه سالما.
فالأم " عريفة " أو "فرد" في أحد "اللجان الثورية" ، تذهب صباحا للعمل النضالي كغيرها و لا تأتي إلا في مساء اليوم أو بعد ذلك ، لا تبحث في عملها عن أجر و من يفكر في أخذ أجر في تلك الظروف خائن لقيم الوطن ، فهي تشارك في حملات النظافة أو بناء مؤسسات الدولة بالعمل العضلي ، فتاتي إلى الخيمة و ما أجملها صورة تراها أمامها و هي صورة أحذية المقاتلين أمام الخيمة , لا صاحب الخيمة يفكر في إكرام مادي لضيوفه و لا الضيوف يطمعون منه الكثير لأن المقدور عليه معروف والمصدر معلوم ،
ما أجمل تلك الظروف التي كنا فيها سواسية كأسنان المشط , لأننا كنا نؤمن بأننا أصحاب قضية همنا الوحيد هو الرجوع إلى أرضنا الزكية رافعين الرأس لا مال و لا قصور تهمنا غايتنا هو حرية و استقلال شعبنا و بناء الفرد الذي سيبنى الوطن...
لقد حاولت النظر في الحاضر و جهدت ان أحجبه بالكثير من الأعذار ، و لكني كانما أغطي الشمس بالغربال , حين لمحت المساواة التي عاهدنا الشهداء عليها تحفر نعشها مودعة...
عار و عيب لمن باع عهد الشهيد و ستبقى في عنقه تلك الانتكاسة، و ها نحن اصبحنا للاسف في يوم أمسى المقاتل من يستحق زكاة الفطر (لا أريد التقليل من مكانه الشامخ) و إنما أريد رد الاعتبار لذلك الشجاع الذي صنع المجد و اليوم يتباهى عليه اشباه رجال مالوا مع حب النفس و انانيتها و النبش عن فتات الرزق و اغراءاته ، بتشييد الدور و امتلاك السيارات الفخمة التي نعرف ان مصدرها هو على حسابنا و على حساب القضية , بلا شك , لأننا بكل بساطة أتينا جميعا في نفس المكانة الاجتماعية و المادية ، و ما زلنا نرى المناسبات التي تنشر فيها الموائد من الوجبات الفاخرة , بينما نأكل نحن البسطاء من يد صدقات المنظمات فهل اليد التي تغذينا لم يعودوا يأكلون منها ، فرفقا بنا رفقا
لأن " أشوي من أشوي ينفع و أشوي من ياسر يفقع "
و لينظر كل الى اثره فنحن مجتمع صغير ...
و يقول المثل الشعبي "ام السارق ما اتم الا امزغرتة"
0 التعليقات: