بقلم : المحجوب الادريسي |
ذات يوم …و خلف سرداب المعتقل… سمعت صوت السجان قادما ….عبر ذلك الممر الموحش .. خطوة تلو خطوة …..إلى أن وصل إلى زنزانتي ..فألقى نظرة من الشباك الصغير.. _فهو يخاف مني ….حتى و أنا تحت قبضته.. _
فتح السجان الباب.. و صوت الأقفال الحديدية أيقظني.. علما أني لم أكن نائما..
فكيف ينام مريض يشتكي الألم ..
و كيف ينام طفل صغير ينتظر أن يرضع من ثدي الحرية و الإستقلال أياما ,,
دخل السجان و بيده أوراقا بيضاء و قلم ..نظر إلي بإستهزاء كالعادة..
ثم قال;.. خذ و أكتب ما تشاء .. فأنت تحب الديموقراطية ..
إستغربت في البداية ... و ابتسمت دون شعور.. فعجب سجاني لإبتسامتي .. التي , أنا على يقين, أنها أربكت دواخله ..
فقال ; لما تبتسم .. هل تظن أن القلم سيحررك .. أم أن الأوراق .. ستحرر شعبك .. لا تفرح كثيرا.. فإننا فقط نريد أن نعلمك الديموقراطية .. و حقوق السجين ...
و دون أن تفارقني , إبتسامتي ..أجبته ; .. في المهد علمني أبي و أمي , أن الحق يؤخذ ولا يعطى ....
و على رمال الصحراء درست الفرق بين الديموقراطية و الإمبيريالية ...
و في الأسر , أدركت معاني أن من أراد الكرامة .. فعليه أن ينحني بكل شيء من أجل شيء واحد و هو الحرية ...
سجل السجان كلامي ... و لم يفهم منه شيء.... و ذهب مسرعا يسأل عن معناه ... كيف لا و هو الجاهل الذي أعطاني سلاحا لأقتله ...
خروج سجاني ... أطلق العنان لقلمي ... و أحيت الأوراق قريحتي .... فتزوج الإثنان ... و شهدت الحروف و الكلمات على ذلك القران .....
و ما أن أوشك حفل زفاف القلم بالورقة على الإنتهاء .... و في طريقهما إلى دخلة الختام
وقف ذاك السجان .. حاملا البندقية... ليس علي هذه المرة... و لكن على قلمي
فقد فهم العبر ... و قرر أن يجعل جسد قلمي
أشلاءا.. على الأوراق المرمية
و كانت تلك النهاية المأسوية ... لحب لم ’تكتب له الإستمرارية
فاغتيل قلمي بكل وحشية .... و ذبحت أوراقي وداستها الأقدام النازية
فأدركت أنذاك ... أنه من الصعب أن يفهم معاني الديموقراطية
جلاد يسكن قصور الإمبيريالية.
0 التعليقات: