مجلة الطريف الصحراوية . يتم التشغيل بواسطة Blogger.

السبت، 19 سبتمبر 2015

من كوكب آخر ( قصة قصيرة )

النضال السالك













         بلهفة عارمة أنتظر عند محطة الحافلات قدوم إحدى صديقات طفولتي ، أراني أسابق عقارب الساعة مسترقة النظر نحو ساعة معصمي من كثرة لهفتي للقاءها ..رحت أنظر لكل الحافلات القادمة علها تكون ساعة الوصول ومامن جدوى ، إبتعت مجلة نسائية فمؤخرا باتت أخبار السياسة في العالم وخاصة الوطن العربي تشعرني بالإحباط المطلق ، إنزويت في ركن ، بعيدا عن المارة ، أسلي نفسي ريثما تحين ساعة مجيئ صديقتي ..لم يدوم الإنتظار طويلا وصلت الحافلة في تمام الساعة الواحدة زوالا وبدأت الركاب بالنزول واحد تلو الاخر ، حتى نزلت صديقتي برفقة ضحكتها  البشوشة التي لاتفارقها . ..تعانقنا عناقا داما طويلا وكان حارا بلهفة طول إنتظار وإشتياق ...ترميك الغربة أحيانا دون رحمة وتفصلك عن من كانوا جزءا من حياتك . ترمقني بنظرة وأرمقها بأخرى كمن كان لايصدق أنه سيكون له لقاء آخر . ...أقلتنا سيارة أجرة حيث أسكن وعند وصولنا كانت جد سعيدة وهي تقبل أولادي الصغار ، كسعادتي بها بعد طول فراق ...دعوتها للجلوس وكنت قد حضرت في الصباح الباكر كل شئ ، فشرعت مباشرة في صنع الشاي قائلة لها : قد أرهقتيني في الطريق بسين وجيم والآن حان دوري ،أريد أن أعرف كل شئ بالتفاصيل المملة .
           أحببت فيها الإنسانة التي تهب الاولى لمساعدة المحتاج ، أحب روح دعابتها وبشاشتها التي لاتنطفئ من وجهها وكأنها البدر الساطع في ليلة حالكة السواد ...تبسمت إبتسامة خفيفة كمن يحاول أن يخفي شئ قائلة بنبرة يشوبها الحزن : لااحمل الكثير من الجديد فقلت : هناك مايقلقك وأنا صديقتك التي كنت ترمي عليها ثقل همومك ، كما رميتها عليك ..تكلمي ولاتأتي على لف ولادوران فأنت تعرفين مدى معرفتي بك .
إبتسمت مجددا وأخذت تتلعثم كصغير يتعلم النطق ...قاطعتها : هل هو صعب لدرجة أن يشل لسانك ?!
عندها قالت : لا وتوقفت برهة ثم أضافت : فقط أردت إخبارك أن أهلي رفضوا زواجي برجل كنت أراه مناسبا . ...تنفست الصعداء وكأنها كانت تحمل هما ..
هههه ضحكت ملاء نفسي قائلة : كل هذا اللف والدوران لكي تخبريني أن أهلك رفضوا زوجا كنت تتمنينه زوجا لكي .
إمتعضت ، رأيت ذلك جليا في تقاسيم وجهها . فتوقفت في الحال عن المزاح مواسيتها : لاتهتمي هناك الكثير من الرجال وربما أحسن منه .
أجابتني بصرامة قاطعة : ياليت !! . .. عدلت من جلستي وكنت لازلت أقيم الشاي ، قائلة لها : لا ..إذا صفيه ، علي أفهم مالذي في هذا الرجل عن غيره ؟.
فقالت دون تردد وكأنها كانت تنتظر سؤالي : رجل مؤدب مع كل الناس ، لديه نظرته الثاقبة ، فيها تقرائين البساطة التي تحيط به  ، ملامح وجهه شبعت رجولة ..هندامه بسيط لكن أنيق في آن واحد ، واثق من نفسه أحيانا لحد أعتقد أنه متكبر وتعجبه نفسه ..كله على بعضه والباقي ..!! .
صمت خيم علينا في دقائق وكأنها تنتظر تعليقي ، لذا قلت بدهشة فاضحة : أف واضح أن خطيبك السابق هذا أصابك في عقلك ! .
قالت : تسخرين مني ؟ .
رددت : لا ..فقط لم أراك تتكلمين عن رجل من قبل بكل هذا العطف والحنان مما أثار دهشتي !.
عندها قالت وكأنها تلتمس العذر لنفسها : لو كنت عرفتيه ستفهمين لما تعلقت به ...
قاطعتها : هل جننت أنسيت أني متزوجة ؟! .
فردت : لا لم أنسى وإن كان ، أليس لديك عينين لتبدئ رأيك ، فصراحتك كانت توقعك بمشاكل .
فأجبتها : ولازلت ، أكيد باتت لدي الرغبة لأرى من خطف لب صديقتي لهذه الدرجة ..لكن أريدك أن تتأكدي أن في الأمر حكمة إلاهية ، ماأخذ منك إلا ليعطيكي الأفضل ..
قاطعتني قائلة : لاتبدئ معي بدروس الفلسفة فتأثير أستاذها الجزائري لازال سائر المفعول فيك .
ضحكت وإنتهزت الفرصه لأخرجها من جديتها قائلة: ألا زلت تذكرين درس الفلسفة وأستاذها ..هههه .
طأطأت برأسها قائلة : لقد أخذتي  عنه هوس الفلسفة .فقلت لها : لم أراك يوما تندبين حظك برفض أهلك لرجل ، مالذي جعل أخوك الاكبر يرفضه ياترى ؟ .
قالت : سؤال طرحته على نفسي !.
فقلت لكي أطمئنها : سأجس نبض والدتك لأرى مالأمر ولما رفضه أخوك !؟ .
لم تقل شئ حتى أنها  لم تعلق وإكتفت بالصمت الذي أحيانا يخبرنا مالم تخبرنا به الكلمات .
قلت كي أخرجها من ديمومة صمتها : أعدك أنني سأبذل جهدي لأرى الرجل الذي نزل علينا من كوكب آخر .
لازلت تسخرين . قالت .
لا ..بل بت مصرة على أن أراه وأرى إن كان موجود كل ماوصفتيه فيه أم كان من خيالك الجامح .
وفي غمرة الحديث عن رجل صديقتي الغامض ، ذهبت الساعات دون أن ندري وبقيت معي ليوم آخر ولاحديث فيه إلا عنه ، ودعتها وقد كانت تغمرني سعادة بالغة بزيارتها لي .
عدت أدراجي وبي ألف إستفهام : هل كان فعلا صائب قرار الرفض ؟. و...و ..
رحت أحدث نفسي في الطريق كمن به مس أو وسواس ، مبتسمة لوحدي قائلة : عليا الرجوع لقراءت إحدى الروايات التي كانت تستهويني في الصغر . لأجاتا كريستي ، علها تنير طريقي في إجاد الرجل اللغز .
ملف مفتوح حيز التحقيق ..!! .

موضوعات متشابهه :

0 التعليقات:

© 2013 مجلة الطريف . تصميم من Bloggertheme9